مرشح؟ إتصل بنا
إدمون رزق ومجد

إدمون رزق ومجد "الكتائب" الغائب عن جزين وبرلمان العجائب والغرائب

كتب ألان سركيس في نداء الوطن:

ينشغل الجميع في احتساب الأصوات والحواصل، ويغيب عن بالهم أنّ نظامنا البرلماني يفرض على الناخبين إختيار ممثلين عنهم يكونون مشرّعين بالدرجة الأولى.

لا شكّ أن حدّة المعركة وهديرها يطغيان على العناوين الأخرى، لكن فات من يقود الحياة السياسية اللبنانية في زمننا «البائس» هذا، كما وصفه البطريرك مار نصرالله بطرس صفير سابقاً، أنه يمكن الجمع بين «التجييش» وشدّ العصب وبين اختيار النوعيات المهمة من مشاريع النواب المشرّعين.

وإذا كان ضجيج المعارك يُسمع في دوائر الشمال وجبل لبنان وبيروت، إلا أن هذا الأمر لا يعني أنّ إحدى دوائر الجنوب لا تشهد معارك، إذ إن دائرة جزين - صيدا خارجة عن سيطرة «حزب الله» وحركة «أمل» وفيها معركة على جميع الجبهات.

ودخل قرار الرئيس سعد الحريري الأخير كمعطى أساسي في الحياة السياسية اللبنانية والسنية والصيداوية، لكن للنائبة بهية الحريري حضورها الفاعل والقوي ولن تتأثر كثيراً إلا إذا قررت الإنسحاب من المعركة، في حين أن للنائب أسامة سعد حضوره القوي أيضاً.

هذا بالنسبة إلى صيدا، أما في جزين، فإن صراع الأجنحة في «التيار الوطني الحرّ» مستمر بين النائب السابق أمل أبو زيد المتقدّم في السباق النيابي والنائب الحالي زياد أسود المتراجع، في وقت سيخوض النائب إبراهيم عازار معركته وكذلك ستنزل «القوات» إلى المعركة بعدما حقّق مرشحها في الإنتخابات الماضية عجاج حداد رقماً مهماً.

أما الغائب الأكبر عن التأثير الجزيني فهو حزب «الكتائب اللبنانية» حتى لو قدّم مرشحاً، فحضوره تراجع، في وقت قدّم منذ العام 1968 نموذجاً نيابياً يحتذى به وهو النائب إدمون رزق.

يُعتبر رزق من أهم المشرّعين الذين مرّوا على المجلس النيابي، فهو الكتائبي العتيق المثقّف والخطيب المفوّه والأديب والبليغ في الكلام، وشكّل مع الياس ربابي ولويس أبو شرف ثلاثياً خطابياً كتائبيا أشعل حماسة الجماهير.

ومن أحد أهم أسباب أزمة «الكتائب» ليس في جزين فقط بل في كل لبنان، هو تخلّيها عن أمثال خامات رزق والإتجاه نحو الشعبوية، فنموذج رزق الجزيني والبرلماني غائب عن المجلس.

ولا يغيب عن بال كتائبيّي جزين القدامى نشاط رزق، وهو الذي تولّى عام 1960 رئاسة إقليم جزين ثم رئاسة مجلس أقاليم الجنوب، وكذلك كُلّف مع جوزيف شادر بتمثيل الحزب في لجنة المتابعة والتنسيق التي شكّلها الحلف الثلاثي لصياغة برنامج مشترك يجمع «الكتائب» مع «الأحرار» و»الكتلة الوطنية» ومستقلّين استعداداً لانتخابات 1968، ويفتخر رزق بأنه استطاع في مكتبه في الأشرفية جمع الزعماء الموارنة الثلاثة: كميل شمعون وبيار الجميل وريمون إده.

دخلت «الكتائب» في جزين المجلس النيابي العام 1968 مع رزق لأول مرة حيث كان أحد مرشّحي الحلف الثلاثي الفائزين في تلك الانتخابات، وحافظ على مقعده في إنتخابات 1972 وظلّ نائباً إلى العام 1992 وشارك في صياغة «اتفاق الطائف».

ليس المهم اليوم من يكون نائباً عن جزين أو أي دائرة أخرى، بل الأهم هو إنتماء هذا النائب الوطني وتجربته البرلمانية، إذ إن معظم النواب الذين انتُخبوا منذ إنتخابات 1992 لا يعرفون الدستور أو أقلّه البنود المهمة، لذلك ضرب الفساد بنيان الوطن لأن المحاسبة غائبة وبات المجلس، مجلس العجائب والغرائب، للوجاهة ولأصحاب الرساميل أو «المحظيين» في الأحزاب والسلطة، في وقت لم ينشأ جيل بديل يُعوّض عن تقدّم أمثال رزق بالعمر ورحيل بعضهم، فأضحى المجلس خالياً من المثقّفين والقانونيين، إلّا بما ندر، والوطن يُدار كما نعيش حالياً... على طريق جهنّم.