إذا وعي الناخب.. فينا نطلع من الجورة
كتب فادي عبود في الجمهورية: اعربت الحكومة عن نيتها إجراء الانتخابات النيابية في 27 آذار المقبل، علماً انّ ولاية المجلس النيابي الحالي تنتهي في 21 أيار.
إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري خطوة مرحّب بها، ولكن نطرح تساؤلات أساسية اليوم حول القانون الانتخابي المعتمد، وإذا كان هو الافضل لتحقيق التمثيل الأنسب، حيث يعتمد النسبية، والتي هي غير مناسبة، وخصوصاً كما هي في القانون الحالي. تمّ اعتماد النسبية تاريخياً حين كان يتمّ التصويت على أفكار كبيرة مثل الشيوعية، الاشتراكية او الرأسمالية، لتبيان توجّه مجتمع ما. اما اليوم، فقد تشابكت هذه الأفكار وتشعبت، وأصبح هناك اشكال عدة للشيوعية والرأسمالية وغيرهما. مثلاً، شيوعية مع رأسماليين كبار واشتراكية لا تختلف بشيء عن الرأسمالية. واختلطت الامور فأصبحت النسبية لا تعني شيئاً، خصوصاً انّ القانون الذي اعتُمد في انتخابات العام 2018 أظهر عدداً من الشوائب والثغرات ابرزها:
ـ عدم التناسب بين الدوائر الانتخابية لجهة عدد المقترعين وعدد النواب.
- الصوت التفضيلي يعزز التنافس بين أفراد اللائحة الواحدة، فيصبح التنافس ليس على أساس برنامج تلتزم به اللائحة، بل على أساس خدمات انتخابية، ومن يملك دعاية انتخابية اكبر.
- القانون مفصّل لمصلحة رؤساء الأحزاب والتيارات السياسية.
- يمنع القانون الترشح الفردي، ما يجبر الجميع على الإنضواء في لائحة حتى لو لم تكن متجانسة او تمتلك برنامجاً يؤمن به المرشح، هذا في حال كان عندها هذا البرنامج.
- يمنع التشطيب ووضع اسم مرشح مكان آخر، إذا لم يكن المقترع مقتنعاً بإسم المرشح، فهو ملزم باللائحة كاملة.
انطلاقاً من ذلك، كان الأجدى التفكير في قانون جديد يؤمّن التمثيل الافضل ويسمح للمستقلّين بالترشح. وفي مجتمع متعدّد الطوائف كلبنان، قد تكون الدائرة الصغرى مع النظام الاكثري حلاً مقبولاً، لضمان صحة التمثيل، ولكي يكون النائب في تواصل مباشر مع ناخبيه، يعرفونه ويعرفهم. وقد طرحت «الكتلة الوطنية» مشروعاً يحدّد 128 دائرة فردية، إلاّ انّه لم نرَ تحديداً لهذه الدوائر، كذلك اقتراح الوزير السابق ناجي البستاني، بتحديد 34 دائرة ونقل بعض المقاعد من دائرة الى اخرى لتمثيل اكبر، هو اقتراح متكامل وجاهز، ويمكن ان يتمّ تبنّيه ويؤمّن تمثيلاً حقيقياً اقوى، ويعطي إمكانية لأشخاص مستقلين جدّد بدل ان يفرض الزعماء نوابهم ويتجاهلوا ارداة الناس.
الأهم من ذلك، هل سنعتمد البرامج أساس الانتخابات النيابية المقبلة، هل سيخبرنا المرشحون ما هي خططهم لإخراجنا من الجورة التي نحن فيها؟
- هل سيحدّدون مشاريع القوانين التي سيدعمونها، ويعيدون العمل التشريعي الحقيقي الى مجلس النواب؟
- هل سيدعمون قانون الشفافية المطلقة ويتعهدون بإقراره ومراقبة تنفيذه، خصوصاً انّ هذا القانون جاهز وتمّ تقديمه الى مجلس النواب في 2 شباط 2021، وبالتالي سهل جداً إقراره، الّا إذا لم يرغبوا بالشفافية. لذلك على الناخب ان يعرف انّ كل من لا يرغب بالشفافية ويتجاهل هذا القانون يعني انّه يريد الاستمرار في السرقات والهدر.
- هل سيطرحون حلولاً جدّية للتعليم، خصوصاً أننا نواجه أزمة تعليمية نتائجها مخيفة؟
- ما هو تصَوّرهم لمعالجة ازمة القطاع المصرفي وإعادة الثقة بهذا القطاع، وما هو موقفهم من إعادة الودائع او ما تبقّى منها للناس، بعدما وضعت المصارف يدها عليها واستولت على تعب الناس بوسائل عدة؟
- هل سيطّلعون على الارقام والبيانات في مصرف لبنان المركزي وعلى التقارير المدققة بجدّية؟
- هل سيقترحون تفعيل القطاع العام وتغيير الإجراءات الادارية لزيادة فرص لبنان الاستثمارية؟
- هل ستكون مشكلات التصدير وفتح الحوار مع دول الجوار لتفعيل التصدير البري ورفع الحصار عن لبنان من ضمن برامجهم؟
- ما هو تصورهم لأزمة الكهرباء وانقطاع الادوية واستغلال التجار وانهيار القدرة الشرائية للبنانيين؟
- ما موقفهم من الضرائب الحالية، وهل هم مع خفض أو إلغاء الضرائب التي تعرقل البيئة الاستثمارية وتهشّل المستثمرين الأجانب والمغتربين؟
نتمنى على كل مواطن ان ينتخب مرشحه بناءً على هذه الافكار. فقد علّمتنا التجارب انّ الانتخاب غير المبني على البرامج يمنع المحاسبة، ويعطي النائب توكيلاً عاماً يتصرف به كما يشاء. وتبين انّ نتيجة ذلك اوصلتنا الى التعتير.