إرث الحريري يتفكّك بعكار: عائلة المرعبي تنقسم وحبيش مرتبك
كتبت جنى الدهيبي في المدن:
الأكيد أن غياب المستقبل في محافظة محسوبة عليه منذ العام 2005، يحدث ارباكًا كبيرًا، إذ لا يمكن محو ما أرساه التيار بين ليلة وضحاها، رغم موجات الامتعاض الشعبي منه قبل هذا العزوف. فالمستقبل تمكن على مدار سنوات من التغلغل في عائلات عكار وعشائرها، وفهم خصوصيتها، وإن لمصالحه الشخصية. وتمكن أن يضم إلى كتلته نوابًا من عائلات عكارية، كانت على خصومة تاريخية معه، مثل آل البعريني وآل المرعبي.
أميركا في عكار
ويتمثل الحدث العكاري الجديد بزيارة وفد من السفارة الأميركية المنطقة، الخميس 27 كانون الثاني، ولقائه نوابًا من كتلة المستقبل عن المقعدين السنيين طارق المرعبي ووليد البعريني، وهادي حبيش عن المقعد الماروني. واعتبر كثيرون أن هذه الزيارة غايتها فتح قنوات مع هؤلاء النواب، والاطلاع على تواجهاتهم الانتخابية، بعد تداول معطيات في الأشهر الأخيرة، تتحدث تمدد نفوذ حزب الله في عكار.
لكن معلومات "المدن" تفيد أن الزيارة لم تخرج عن إطارها الاستطلاعي، والاستماع لما ينوي النواب فعله، لا سيما أن الرؤية في عكار ما زالت ضبابية، فيما تشكو المجموعات المدنية من حضور ضعيف، إن بسبب خطابها، أو لعدم وضوح الجهات التي تممولها.
وهنا يبرز السؤال: فكيف تبدو الخريطة الانتخابية حاليًا في عكار؟
البعريني يتجه عونيًّا؟
على مستوى المستقبل، تفيد معطيات "المدن" أن بعض نوابها حسموا مسألة ترشحهمم، وفي طليعتهم النائب وليد البعريني، الذي لم يوقف تواصله مع قواعده الشعبية، مستفيدًا من حضور والده وجيه البعريني المعروف تاريخيا بتأييده حزب الله والنظام السوري. وما يعزز حضور البعريني في عكار، هو قوة علاقته بالبلديات وخدماته الشخصية التي يقدمها للناس، خصوصًا بمناطق الجرد، كسعيه لإخراج موقوف أو تسديده فاتورة استشفائية أو راعايته مصالحات بين العائلات المتخاصمة. ويتطلع البعريني في المرحلة الأولى، إلى تشكيل لائحة بالتحالف مع عائلات وقوى في المنطقة.
لكن لا يبدو أن البعريني يتجه إلى التحالف مع القوات اللبنانية للاستفادة من تنظيمها الكبير لمكانيتها الانتخابية. فهو وصف موقف رئيس حزب القوات سمير جعجع عقب إعلان الحريري تعليق عمله، بـ "الموقف الخبيث". وهذا يطرح تساؤلات عن إمكان تعاونه مع التيار العوني.
المرعبي: انقسام عائلي
أما النائب طارق المرعبي، فعلى الأرجح لن يكون مرشحًا للانتخابات، بسبب النقمة الشعبية على أدائه. وتشير بعض المعطيات إلى توجه والده النائب السابق طلال المرعبي إلى الترشح شخصيًا.
غير أن معلومات أخرى تفيد أن غسان بيك المعربي- وهو متمول كبير ورئيس الجامعة المرعبية التي تجمع للعائلة- يسعى إلى إعلان تسمية مرشح جديد من العائلة بالتحالف مع من يسميهم "القوى التغييرية". وقد يؤدي هذا إلى انقسامات في لفيف العائلات التي تمتلك نحو 6 آلاف صوت، إذا أصر طلال المعربي على الترشح أو أن يكون له مرشحه.
الخيارات المسيحية
في القبيات، يدرس النائب هادي حبيش ترشحه إلى الانتخابات، ويميل إلى الترشح، رغم وضعه المربك. خصوصًا أن انسحاب المستقبل قد يفقده أصوات السنة الذين وفروا له في الانتخابات السابقة حاصلًا انتخابيًا.
ومسيحيًا، القوات اللبنانية قلقة على وضعها في عكار نسبيًا، بعد تصاعد حملة المستقبل ضدها. فهو يحملها جزءًا من مسؤولية الإطاحة بالحريري وبحظوظ الرضى الخليجي (السعودي) عليه.
لذا، قد تعيد بعض الشخصيات السنية، مثل النائب السابق خالد الضاهر، النظر بالتحالف مع القوات. لكن معلومات أخرى تشير إلى أن الجماعة الإسلامية قد تتحالف مع القوات شمالًا بدلاً التحالف مع التيار العوني، الذي يسعى إلى الاستفادة سرًا من خلاف القوات - المستقبل، وإن كانت مهمة تعويم نفسه في المناطق السنية شمالًا مسألة صعبة للغاية.
لذا، يركز العونيون في عكار على المقاعد المسيحية. وهم يرجحون كفة دعمهم عضو مكتبهم السياسي جيمي جبور للمقعد الماروني في القبيات، من دون تحديد مصير نائبهم عن المقعد الأورثوذكسي أسعد درغام.
بهاء والمجتمع المدني
في هذا الوقت، لم تتضح توجهات بهاء الحريري في عكار، رغم افتتاحه مكتباً هناك قبل أشهر. ويترقب الجميع توجهه نحو المستقبل ومحازبيه في خطة للتأثير في الانتخابات ونتائجها شمالًا، بطريقة غير مباشرة.
أما قوى "المجتمع المدني"، فلم يحدث أي تطور علني فيها بعد إعلان "ائتلاف التغيير والثورة العكاري"، وسط تخبط في صفوفه وعدم وضوح الجهات الممولة له. وتفيد معلومات عن إمكان أن تشهد عكار في الأيام والأسابيع المقبلة، تحركًا علنيًا ما لبعض "مجموعات الثورة" التي تعمل على طرح نفسها وبرنامجها في القرى والبلدات العكارية.