إستحالة لوجستية لزيادة الـ6 نواب واعتراض "الثنائي" على مشاركة المغتربين
إلى الإنتخابات دُرّ... هكذا يمكن تفسير كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي حدّد بموجبه مهلة 3 أشهر أمام الحكومة كي تسجّل إنجازات، لأنّ مطلع العام المقبل سيتمّ الإنخراط بالتحضير للإنتخابات النيابية والبلدية والإختيارية ما لم يطرأ أي تغيير أو تعديل على إلتزامات حكومة "معاً للإنقاذ" وكذلك إلتزامات المجتمع الدولي الذي يرهن تقديم أي مساعدة للبنان بالبدء بالإصلاحات وبإجراء الإنتخابات البرلمانية كخطوة يرى فيها البعض نقطة تحوّل ما.
فهناك أصحاب نظرية إضعاف "حزب الله" من خلال الحصار تارة والإنتخابات تارة اخرى، وهناك من يموّل جمعيات المجتمع المدني ويدفع اتجاه إجراء الإنتخابات مُعتقداً أن هذه الجمعيات ومعها ثوار 17 تشرين سيغيرون المعادلة والتركيبة في مجلس النواب، وطبعاً هناك القوى والأحزاب المعارضة التي طالبت بانتخابات نيابية مبكرة كـ"القوات اللبنانية" وغيرها، بينما الواضح وشبه المؤكد أن تحالف "حزب الله" و"التيار الوطني الحرّ" هو الفريق الوحيد ربما الذي لا مصلحة لديه بإجراء الإنتخابات في مواعيدها المقبلة.
إلا ان كل هذه التمنيات والتوجهات والآراء المختلفة لا تلغي ثابتة باتت مؤكدة وفق مصادر ومعطيات "نداء الوطن"، وهي أن هناك استحالة في تطبيق النص المتعلّق بزيادة عدد النواب 6 موزّعين على القارات الست في العالم وعلى الطوائف والمذاهب وفق التوزيعة اللبنانية، وذلك لصعوبة لا بل إستحالة ذلك لوجستيا لأنه يتطلب دراسات تفصيلية حول توزع المغتربين في القارات وطبيعة هذا التوزع طائفياً ومذهبياً كي يتمّ على أساسه توزيع المقاعد وهكذا. وبما أن زيادة العدد تمّ التوافق الضمني على تجاوزها وعدم السير بها للدورة الإنتخابية المقبلة، فإن النقاش يدور حول مشاركة المغتربين في الإقتراع وفق الآلية التي أعتمدت في إنتخابات عام 2018، وهنا برزت معارضة أو إعتراض الثنائي الشيعي خلال المناقشات على خلفية عدم تكافؤ الفرص والخوف من تعرّض بيئة المقاومة ومؤيّديها، وخصوصا في الدول الغربية إلى الضغوطات والترهيب والتهديد، وكذلك عدم قدرة مرشحي الثنائي على التحرّك في هذه الدول والقيام بحملات إنتخابية، وكذلك الثغرات التي بيّنتها تجربة العام 2018 في هذا المجال على الصعد اللوجستية والتقنية التي حرمت العديد من المشاركة في العملية الإنتخابية.
وبما أن الأمور الأساسية الخلافية، ولا سيما منها المتعلقة بتعديلات جوهرية على قانون الإنتخاب، قد تم التوافق على تجاوزها نظراً للخلافات الحادة بشأنها، فقد تم تثبيت التوافق على تقديم موعد إجراء الإنتخابات من 8 أيار 2022 كما سبق وحدد وزير الداخلية السابق محمد فهمي إلى 27 آذار 2022، وذلك قبل بدء شهر رمضان المبارك الذي يُصادف في شهر نيسان 2022، ويتعذّر معه القيام بالتحضيرات والحملات الإنتخابية لدى الطوائف الإسلامية. ويندرج تاريخ 27 آذار ضمن المهلة الدستورية المحددة بشهرين قبل إنقضاء ولاية المجلس النيابي التي تنتهي بتاريخ 21 أيار 2022.
وقد جرى الإبقاء على الصوت التفضيلي على وضعيته في القانون النافذ، وتُرك للحكومة تقرير مصير البطاقة الإنتخابية الممغنطة ومراكز الميغاسنتر، مع أرجحية لإلغائها بحجة الظروف التي تمرّ بها البلاد وضيق الوقت.
وبالرغم من طرح الكثير من الأسئلة حول التحضيرات التقنية المعقدة في ظروف البلاد الحالية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تأمين الكهرباء لمراكز الإقتراع الذي ربما سيشكّل إحدى المعضلات التي ستواجه العملية الإنتخابية، يتركز النقاش حول دور وحقوق المغتربين في المشاركة في الإنتخابات.
فإلغاء المقاعد الـ 6 يتطلب تعديلاً جديداً لقانون الإنتخاب كما يتطلب تعديلات تقنية لتوضيح إشكالية ضرب مبدأ المساواة بين الناخبين، وحل مشكلة أن السفارات بعيدة عن أماكن وعناوين عدد كبير من المغتربين، والتنبه إلى ضرورة إعطاء مهلة معقولة لهؤلاء قبل تعديل حقوقهم الإنتخابية المذكورة في القانون الحالي، وهم لديهم مهلة حتى 20 تشرين الثاني المقبل، ويجب إجراء التعديلات واتخاذ القرارات اللازمة قبل هذا التاريخ لكي يعرفوا وفق أي قانون إنتخابي سيقبلون، سواء أكانوا مرشحين أو ناخبين.
هذا النقاش حول دور المغتربين أثار أيضاً ردود أفعال من جمعيات وشخصيات الإغتراب، تعترض على حصر دورهم في اختيار ستة مقاعد بينما هم شاركوا عام 2018 ويريدون المشاركة عام 2022 في إختيار جميع النواب وفي كل الدوائر الـ15 وفي عملية التغيير التي يجري الحديث عنها.
لكن الكتل النيابية والقوى السياسية لم تحسم الأمر بشكل نهائي بسبب عدم التوافق حول هذا الأمر، فهناك من يتمسك بالمقاعد الإضافية الستة وهناك من يطالب بتعليق حق مشاركة المغتربين في العملية الإنتخابية ككل.
وفي السياق، يؤكد عضو "اللقاء الديموقراطي" والحزب الإشتراكي النائب بلال عبدالله لـ"نداء الوطن" انه يجب التعاطي مع موضوع الإغتراب "بمنحى وطني بمعزل عن حسابات الربح والخسارة، فالإغتراب هو الرئة التي يتنفّس منها البلد اليوم ولا يجوز أن يتم حرمانه من حقه في الإقتراع كما حصل عام 2018 ويجب التمسك بتصويت الإغتراب الذي يمثل الداعم الأساس لخلايا الأزمات في العديد من القرى والبلدات والمستشفيات ودور العجزة والأيتام والعائلات المتعففة".
وللتذكير، فهناك عدد من إقتراحات القوانين سبق وبدأ النقاش بها أمام اللجان النيابية المشتركة وهي: إقتراح كتلة "التنمية والتحرير" الذي يتضمن إعتماد لبنان دائرة إنتخابية واحدة وإنشاء مجلس شيوخ وإلغاء الصوت التفضيلي وإلغاء القيد المذهبي، وإقتراح قانون كتلة "الوسط المستقل" الذي يدمج ما بين النظامين النسبي والأكثري، وإقتراح النائب جميل السيد الذي يتضمن تعديلات جوهرية حول آلية الصوت التفضيلي.
كذلك، تمّ تشكيل لجنة نيابية غير رسمية برئاسة نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي وعضوية النواب جورج عدوان عن "الجمهورية القوية" وآلان عون عن "لبنان القوي" وعلي فياض عن "حزب الله" وعلي حسن خليل عن حركة "أمل" ونقولا نحاس عن "الوسط المستقل" وسمير الجسر عن "المستقبل" وبلال عبد الله عن الحزب "التقدمي الإشتراكي" وطوني فرنجية عن "المردة".
ويعتبر ما تقدّم خلاصة ما تمّت مناقشته بطريقة غير رسمية بين أعضاء هذه اللجنة.