إصرار باسيل على الميغاسنتر لمقارعة "متموّلي السفارات"
كتب وليد حسين في جريدة المدن :في انتظار ما سيقرره المجلس النيابي بخصوص التعديلات التي أجريت على قانون الانتخابات، يوم غد الخميس في 28 تشرين الأول، تواصل القوى السياسية تضييع الوقت رغم المهل الداهمة، في حال تقرر إجراء الانتخابات في 27 آذار. ورغم عدم جاهزية وزارة الداخلية لإجراء الانتخابات في هذا الموعد، بسبب ضعف الإمكانيات المادية واللوجستية، تصر بعض القوى السياسية على هذا الموعد، الذي قد يطيح بفكرة إنشاء الميغاسنتر، التي يطالب بها التيار الوطني الحر في الانتخابات المقبلة.
رفض حزب الله وأمل
كان العونيون أول من طرح فكرة إنشاء الميغاسنتر خلال النقاشات التي حصلت للاتفاق على القانون الحالي في العام 2017. ووفق مصادر مطلعة على تلك النقاشات، كانت القوى المسيحية تريد هذا الإجراء كي تمكّن الناخب المسيحي الذي يسكن في المناطق الساحلية من الاقتراع لمناطق مثل الشوف وعاليه والبقاع والجنوب. وذلك بعدما تبين لها أن ناخبين كثراً لا يشاركون في الانتخابات لبعد مكان سكنهم عن مكان قيدهم الأصلي، ولأن سكنهم في المناطق الساحلية جعلهم يبتعدون عن هموم ومشاكل قراهم.
اقترح "التيار" خلال النقاشات اعتماد الميغاسنتر، فرفض حزب الله وحركة هذا الإجراء، ولم تبالي به باقي الأطراف السياسية. ولم يمر في القانون الحالي، واستعيض عنه بتخصيص المادة 84 من القانون، التي تشير إلى أنه على الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ البطاقة الممغنطة.
الإصرار على الميغاسنتر
بعد انتخابات العام 2018 التفت النائب طلال أرسلان إلى الوزير باسيل وقال له: لو اعتمدنا الميغاسنتر لكنا اكتسحنا دائرة الشوف وعاليه كلها. لم ينتبه المير أن إحدى الكاميرات كانت مصوبة عليه وتصور هذا الحديث الخاص. بقيت تلك الكلمات عالقة في ذهن باسيل.
وتؤكد مصادر مطلعة أن "التيار" ورئيس الجمهورية ميشال عون يصران على إنشاء الميغاسنتر، خصوصاً في ظل الظروف المالية الصعبة التي يمر بها "التيار". فالأخير يعتقد أن الاقتراع في مكان السكن يقطع الطريق أمام المتمولين الجدد، وخصومه المسيحيين، الذين يتلقون الأموال من السفارات، حسب ظنه. وبات باسيل مقتنعاً أن من يمتلك الأموال يستطيع ملء "البوسطات"، بينما الاقتراع في مكان السكن من خلال الميغاسنتر يخفف الأعباء عن كاهل تياره.
دراسة حول الموضوع
رسمياً، تؤكد مصادر "المدن" أن وزارة الداخلية لم تطلب من الجهات الدولية أي مساعدة حول هذا الأمر، بخلاف طلبها مساعدات لإنجاز أمور لوجستية متعلقة بالانتخابات، وذلك في انتظار ما ستقرره القوى السياسية بخصوص الميغاسنتر. حتى أنه عندما استفسر باسيل من الوزير بسام المولوي عن الميغاسنتر، أكد الأخير أن الأمر غير ملحوظ في القانون.
ثمة دراسة أعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (برنامج دعم الانتخابات النيابية) قبل انتخابات العام 2018، حول كيفية تطبيق الميغاسنتر في سبعة مناطق. وما كان على وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق سوى تطبيقها، لكنه تذرع بالبطاقة الممغنطة، التي تختلف عن الميغاسنتر، حتى لو كانت تؤدي إلى الهدف عينه: الاقتراع في مكان السكن وإتاحة الفرصة أمام اللبنانيين الاقتراع لدوائر نفوسهم الأصلية.
لا يحتاج لتعديل القانون
ورغم عدم وجود أي نص في قانون الانتخاب يشير إلى مسألة انشاء الميغاسنتر، يمكن لوزارة الداخلية إجراء هذا الأمر طالما أنه لا يحتاج إلى تعديل قانون الانتخابات. بل يمكن تحقيق ذلك من خلال مراسيم تتخذ في مجلس الوزراء. وهناك تجربة مشابهة في لبنان حصلت في انتخابات العام 1996، التي اقترع بموجبها سكان الشريط الحدودي في أقلام اقتراع وضعت في صيدا وبيروت، بسبب وجود الاحتلال.
الإرادة السياسية
المسألة هي إجرائية ولا تحتاج إلا إلى قرار سياسي. فبإمكان وزارة الداخلية تطبيق الدراسة الآنفة الذكر، من خلال اعتماد مراكز كبرى مثل معرض رشيد كرامي في طرابلس ومجمع فؤاد شهاب في جونية ومجمع البيال أو المدينة الرياضية في بيروت وغيرها من الأماكن في الجنوب والبقاع. وما على وزارة الداخلية إلا دعوة الراغبين بالاقتراع في هذه المجمعات إلى تسجيل أسمائهم في وزارة الداخلية، أسوة باقتراع المغتربين، كي يصار إلى شطبها من مكان القيد الأصلي، ووضعها على قوائم انتخابية تابعة لتلك المراكز. وهو إجراء بسيط، لكنه بحاجة لتوفر الإرادة السياسية، طالما أن تنفيذه يتطلب بعض الأمور اللوجستية وحسب. ويمكن لبرنامج الأمم المتحدة دعمه مالياً.
لكن المماطلة التي حصلت حول تعديلات القانون، وإمكانية إقرار القانون في جلسة المجلس النيابي، ستدفع "التيار" إلى تقديم طعن أمام المجلس الدستوري. وفي انتظار بت الأخير بالطعن (قد تستغرق المسألة نحو شهر من اليوم) سيرمى اقتراح الميغاسنتر في سلة المهملات. فإمكانية التسجيل للاقتراع بمكان سكن حينها تصبح متعذرة، بسبب نفاذ المهل، في حال تقرر إجراء الانتخابات في 27 آذار.