مرشح؟ إتصل بنا
استثناء الفرز الانتخابي في الخارج باب فضائحي للتزوير

استثناء الفرز الانتخابي في الخارج باب فضائحي للتزوير

كتب أنطوان العويط في نداء الوطن:

«الله أعلم ماذا يمكن أن يجري خلال عملية نقل الأوراق التي تبيّن عدد الناخبين والمقترعين بواسطة الطائرات في سراديب مستودعاتها، وبعد وصولها إلى مصرف لبنان، ومن ثم خلال نقلها إلى لجنة القيد العليا في بيروت لفرزها».

«... وكم سهل استبدال المغلّفات أو الصناديق المختومة بالشمع الأحمر بأخرى مختومة بالشمع الأحمر، إذا لم تكن مرفقة بمستند الفرز الأوليّ في الخارج، الخاضع للرقابة الفعليّة للمرشّحين أو مندوبيهم والمراقبين المعتمدين»!

استباقاً لأيّ محظور قد يهدّد سلامة العملية الانتخابية ويعرّضها لمراجعات الطعن وإلغاء النتائج، لا يجد المتابع سبباً واحداً وجيهاً أو مقنعاً أو حائلاً لوجستياً أو قانونياً، يمنع إجراء عملية الفرز لأصوات المقترعين خارج لبنان بإشراف هيئة الأقلام وبوجود مندوبي اللوائح والمراقبين المعتمدين.

إنّه شأن خطير لا يجوز الاكتفاء بلفت النظر إليه، خصوصاً أنّ المادة 118 من قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب تتضمّن النصّ التالي: «تطبّق على عملية اقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية الأحكام العامة التي تراعي اقتراع اللبنانيين المقيمين في لبنان»، فلماذا استثناء القيام بعملية الفرز مباشرة في الأقلام المحدّدة في الخارج كما تتمّ في لبنان؟!

هذا الاستثناء يشكّل أوّلاً مخالفة وتعارضاً مع هذا النص كما مع مبدأ المساواة بين المقترعين، وينتقص ثانياً من شفافية العملية، ويفتح ثالثاً باب التفلّت من الرقابة واللجوء إلى التزوير، وهو موضوع سبق أن أثار اعتراضاً وشكاوى مع تسجيل فضائح موثّقة ومصوّرة إثر انتخابات العام 2018.

في هذا الإطار، وجّه «مشروع وطن الإنسان» بشخص رئيس مجلسه التنفيذي النائب المستقيل نعمة افرام كتاباً إلى وزارة الداخلية والبلديات، وأعلم به كلاًّ من رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة المجلس الدستوري، وأيضاً هيئات المجتمع المدني ذات الاختصاص، وكلّ معنيّ في هذا الشأن، طالباً إضافة آليّة على إجراءات وزارة الداخلية والبلديات من دون تعديل القانون، تقضي بإجراء عملية الفرز في الخارج بإشراف هيئة القلم وبوجود مندوبي اللوائح والمراقبين المعتمدين وممثلّي وسائل الإعلام الحائزين على تصريح، تماماً كما تجري على الأرض اللبنانية، احتراماً لمبدأ المساواة بين المقترعين، ولإضفاء الشفافية على العملية الانتخابية ومنعاً لأيّ التباس وقطعاً للطريق أمام أيّ تزوير.

في حيثيّة الطلب، الاستناد القانوني والواقعي إلى ما يتضمّنه قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب رقم 44 تاريخ 17 حزيران 2017 في الفصل الحادي عشر تحت عنوان « في اقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية» المادة 118 منه، وتحديداً في النصّ الواضح الذي يشير إلى أنّه «تطبّق على عملية اقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية الأحكام العامة التي تراعي اقتراع اللبنانيين المقيمين في لبنان».

هذا النص أعلاه على بساطته وصراحته، لا يقبل تأويلاً أو يتطلّب شرحاً أو يفترض توسّعاً.

وعمليّاً، تخضع العمليّة الانتخابيّة في الخارج والداخل لمختلف الأحكام القائمة، باستثناء عمليّة فرز الأصوات ومراقبتها في الخارج، وهنا بيت القصيد. ففي المادة 100 تحت عنوان «في أعمال الفرز داخل أقلام الاقتراع»، تجري عمليّة الفرز في لبنان وفق القانون «بوجود مندوبي اللوائح والمراقبين المعتمدين وممثّلي وسائل الإعلام الحائزين على تصريح ...حيث تقرأ كل ورقة على حدة وبصوت عال... وذلك تحت الرقابة الفعلية للمرشّحين أو مندوبيهم والمراقبين المعتمدين»...

ووفق المادة 119 والمادة 120 ، لا يتمّ الأمر هكذا في الخارج رغم وجود هؤلاء جميعاً، بل يقتصر وصف الإجراءات على ختم عمليّة الاقتراع بإحصاء الأوراق مع بيان عدد الناخبين والمقترعين وعدد أوراق الاقتراع دون الإشارة إلى الفرز أو عدمه، بواسطة هيئة القلم وحضور السفير أو القنصل أو من ينتدبه والمندوبين والمراقبين ووسائل الإعلام المعتمدة وتوضع الأوراق في مغلّف كبير ويختم بالشمع الأحمر... ليرسل بعدها محضر بالعمليّة الانتخابيّة ويوقّع عليه من هيئة القلم والمندوبين وترسل نسخة إلى مصرف لبنان عبر وزارة الخارجية والمغتربين، ومن هناك إلى لجنة القيد العليا في بيروت لفرزها؟!

إزاء ذلك، وفي وقت يجمع فيه الفقه الدستوريّ والعلم السياسيّ على أنّ الانتخابات تمثّل المشروعيّة في احترام إرادة الناخبين من خلال نزاهتها ووضع ضمانات كافية لحماية الممارسة الانتخابيّة، كان لا بدّ أن تتطلّب هذه المشروعيّة تبديد كلّ شكّ قائم ...فالله أعلم ماذا يمكن أن يجري خلال عمليّة نقل الأوراق التي تبيّن عدد الناخبين والمقترعين بواسطة الطائرات في سراديب مستودعاتها، وبعد وصولها إلى مصرف لبنان، ومن ثمّ خلال نقلها إلى لجنة القيد العليا في بيروت لفرزها. وكم سهل استبدال المغلّفات أو الصناديق المختومة بالشمع الأحمر بأخرى مختومة بالشمع الأحمر، إذا لم تكن مرفقة بمستند الفرز الأوليّ في الخارج، الخاضع للرقابة الفعليّة للمرشحين أو مندوبيهم والمراقبين المعتمدين!

في الخلاصات، وبما أنّ المطلوب هو اليقين في الإجراءات المرافقة لهذه العمليّة الانتخابيّة المهمّة جداً للمقيمين في الخارج وتبديد كلّ شكّ حولها، وقد بلغ العدد الاجمالي للّبنانيّات واللبنانيين الذين تسجّلوا في دول الاغتراب للاقتراع 225,114 ناخباً بما يحمل هذا العدد من دلالات ومؤشّرات، كان طلب «مشروع وطن الإنسان» فرز أصوات هؤلاء فور انتهاء التصويت في المكان نفسه أيّاً يكن البلد، داخل السفارات والقنصليات والأمكنة الأخرى المحدّدة، وبحضور مندوبي اللوائح، مع الرفض التام بأن يتمّ نقل الصناديق لفرز ما تتضمّنه من أصوات في لبنان، قبل الفرز الأوّلي في الخارج.

وإذا كانت الحجّة بإمكانية تأثير عملية الفرز في الخارج على مجرى الاقتراع اللاحق في لبنان، فليكن الاقتراع للبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية في اليوم نفسه لاقتراع اللبنانيين المقيمين في لبنان، عبر مرسوم تصدره وزارة الداخلية ومن دون أي تعديل للقانون، ولتتمّ عملية الفرز في الخارج بإشراف هيئة القلم وبوجود مندوبي اللوائح والمراقبين المعتمدين وممثلّي وسائل الاعلام الحائزين على تصريح، إنفاذاً للقانون الموضوع ولإضفاء الشفافية على العملية الانتخابية ومنعاً لأي التباس وقطعاً للطريق أمام أي تزوير، وإحقاقا للمساواة في التعامل بالقانون ما بين المقترعين في الخارج والداخل وفق المواد 100 و118 و119 و120 المذكورة أعلاه.