استياء أممي: الحكومة غير جدّية بإجراء الانتخابات
لا خطة بديلة
تقول المصادر إن ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، جوانّا فرونِتسكا، رأت أن دعوة الهيئات الناخبة وفتح باب تسجيل المرشحين خطوتين غير كافيتين، ولا تعبّران عن أي جدية في نية إجراء الانتخابات عند المسؤولين اللبنانيين، طالما أن لا اعتمادات ولا ميزانية أقرت للانتخابات. وعندما سألت المولوي عما إذا كانت وزارته أعدت خطة بديلة في حال بقيت الأمور تراوح مكانها، تثبت حصول الانتخابات بموعدها، كان الجواب أننا سنحضر أنفسنا.
لذا قرأت ممثلة الأمين العام هذا الجواب بأن لا تحضيرات جدية يعول عليها لدى الحكومة والمسؤولين. وعندما طلب المولوي الدعم لتنظيم الانتخابات والمساعدة كي تبدأ هيئة الإشراف على الانتخابات عملها، كان الجواب أنه على الحكومة إقرار الموازنة للانتخابات لمعرفة الحاجة التي تستدعي المساعدة. لكنها عادت وكررت أن الأمم المتحدة تساعد في كل الأمور اللوجستية باستثناء تلك السيادية منها، والمقصود عدم دفع بدلات للموظفين وثمن الأوراق المطبوعة سلفاً وبدل المواصلات ونقل أقلام الاقتراع من الخارج. علماً أن البدلات التي خصصت للموظفين (ثلاثة ملايين ومئتي ألف ليرة لرئيس القلم وسبعة ملايين للقاضي) قد لا تكون كافية لدفعهم للمشاركة في الانتخابات أو التدريب الذي يسبق موعد الانتخابات.
وعاد وكرر المولوي أنه سيدعو لعقد منتدى انتخابي للمجتمع الدولي والسفراء المعتمدين في لبنان، لكن الجواب كان أنه يجب أن يكون في السرايا الحكومية وبحضور الوزراء ورئيس الحكومة لمعرفة مدى جدية الخطوات التي ستتخذ لتنظيم الانتخابات.
لا تعاون مع الخارجية
أما المشكلة الأهم والتي لا تقل أهمية عن عدم وجود هيئة الإشراف، أن التعاون الأممي مقطوع مع وزارة الخارجية بما يتعلق بالتحضيرات المتعلقة بالانتخابات. فالخارجية تريد المساعدة النقدية بينما الأمم المتحدة لا تدفع نقداً بل تنفذ المشاريع المطلوبة. ولا ترى أن الخارجية تتحرك جدياً لتسهيل اقتراع المغتربين، من خلال تخصيص أقلام اقتراع تغطي المناطق كافة في الدول. فبعد يومين (15 كانون الثاني) تنتهي مهلة إيداع البعثات الدبلوماسية والسفارات عبر وزارة الخارجية جداول أقلام الاقتراع المقترحة لدى المديرية العامة للأحوال الشخصية في الداخلية. وعلى الأخيرة أن ترسل الأقلام قبل عشرين يوماً من موعد الانتخابات بناء على هذه الجداول. وبالتالي عليها أن تحضر عدد الأقلام المطلوب، وتراسل الجهات الدولية كي تستطيع تأمينها. ولم يبدر عن "الخارجية" أي شيء بهذا الخصوص. الأمر الذي يفسر بأن جهات ما لا تكترث لاقتراع المغتربين.
التواصل مقطوع بين الوزارتين
وقد تواصلت "المدن" مع مسؤولين رفيعي المستوى في "الخارجية" ومعنيين بهذا الشأن بشكل مباشر، والجواب كان: "لا نعرف شيئاً عن هذا الموضوع ولا عن الانتخابات. ولا نعرف من يتابع الموضوع". ليتبين أن التواصل مقطوع بين الوزارتين.
لكن مصادر دبلوماسية أكدت لـ"المدن" أن البعثات التزمت بتعاميم الوزارة وسلمت الجداول، ومن لم يسلمها بعد تنتهي المهلة اليوم وستكون جاهزة لإرسالها إلى وزارة الداخلية خلال يومين وفق مقتضى القانون. ولفتت المصادر إلى أن لا تغييرات جغرافية كبيرة في توزع المغتربين عن الانتخابات السابقة. التغير هو أن عددهم ارتفع أكثر من ضعفين ويحتاجون إلى أقلام اقتراع أكثر من السابق. لكن تركزهم بقي في المناطق عينها تقريباً في انتخابات العام 2018. في معظم الدول لا حاجة لأكثر من قلم واحد، لكن بعض الدول (الخليج وفرنسا وألمانيا والسويد ولندن وأميركا وكندا..) ستحتاج لعدد كبير من الأقلام وتوزيعها على مختلف المدن. ومشكلة كثرة عدد الأقلام ستؤدي إلى إشكالية إيجاد موظفين لها من رئيس قلم ومساعدين (كل قلم ثلاث موظفين). ومعظم السفارات حيث خصص قلم واحد سيكون مغطى من موظفي السفارة، لكن في الدول حيث عدد الأقلام كبير ستكون البعثات بحاجة للتعاقد مع أشخاص. وسيكون العدد كبيراً وبحاجة لميزانية كبيرة.
بلا هيئة إشراف
أما معضلة هيئة الإشراف فحدث بلا حرج. في العام 2018 رغم كل الدعم لم تكن فاعلة بمراقبة الانفاق الانتخابي، وتركز عملها على مراقبة وسائل الإعلام، بسبب وجود كادر بشري مخصص لهذه الغاية، بالتعاون مع مؤسسة مهارات. وفي ظل عدم اجتماع مجلس الوزراء لتعيين هيئة جديدة، أعيد احياء الهيئة القديمة برئاسة القاضي نديم عبد الملك الذي اجتمع بالوزير منذ يومين وطلب منهم البدء بمراقبة الإعلام الانتخابي. كما لو أن الهيئة فاعلة ولديها موظفين ومكتملة الأعضاء. لكن مشكلة الهيئة أنه لم يعرف بعد إذا كان الأعضاء سيعودون أصلاً إلى عملهم، وقد استقال منهم أربعة أعضاء، وسافر آخرون إلى الخارج. فلا اعتمادات مالية لهم. وحتى تخصيص مكتب لفريق المراقبين في مكتبة بيروت الوطنية بحاجة لموافقة وزير الثقافة، الأمر الذي لم يحصل بعد. ومن الصعب أن يحضر الأعضاء من دون تحديد بدلات لهم (كان البدل نحو 8 ملايين في العام 2018)، ومن الصعب أن يتم إقناعهم بالعمل بهذه البدلات في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار، كما تؤكد المصادر. وفي الأثناء تستمر مجريات الانتخابات بلا هيئة مشرفة، وذلك إلى حين تأمين الاعتماد وفرق العمل التي ستراقب.