"الإنفاق" الانتخابي بكسروان-جبيل: البلدوزر يقلق الحواط والبستاني مهدَّدة
بدأ قانون الانتخابات يتحول إلى غربال، بفعل خروق المال الانتخابي الذي ظهر في كل المناطق، سواء كان المال حلالاً أو مال المتمولين. فالجميع يستغلون العوز الذي حل بمعظم العائلات اللبنانية. لكنه، أي القانون، تحطم على اعتاب كسروان-جبيل، وبات ملطخاً بالمازوت ورشاوى دفع أقساط المدارس والفواتير الاستشفائية، في الدائرة المشهود لها تاريخياً في الإنفاق الذي تصرفه الماكينات الانتخابية، وصراع الزعامات التقليدية، لتزعم المنطقة.
الانفصال عن التيار
في الانتخابات السابقة خاضت الأحزاب والزعامات المعركة بخمس لوائح. أما اليوم، ورغم اجتماع حزب الله والتيار العوني بلائحة واحدة، ارتفع عدد اللوائح، التي تخوض المعركة، إلى سبع. فقد انفصل النائبان السابقان منصور البون، عن لائحة "التيار"، وفارس سعيد، عن لائحة فريد الخازن، وشكلا لائحة تحت اسم الحرية قرار. وانفصل النائب نعمة افرام عن "التيار" وشكل لائحة مع حزب الكتائب والكتلة الوطنية ومجموعات وشخصيات مستقلة، تحت اسم صرخة وطن. كما انفصل النائب شامل روكز عن لائحة "التيار" لينضم إلى لائحة الخازن، تحت اسم قلب لبنان المستقل. وشكل التيار العوني مع حزب الله لائحة تحت اسم كنا ورح نبقى. وبقيت القوات اللبنانية على تحالفها مع النائب زياد الحوط ضمن لائحة تحت اسم "معكم فينا للآخر". فيما شكلت مجموعات تشرين مثل ومواطنون ومواطنات في دولة لائحة تحت اسم "قادرين"، وحزب سبعة ومجموعات من 17 تشرين لائحة "نحنا التغيير".
سباق على الإنفاق الانتخابي
اللوائح الأربع الأساسية المؤهلة للفوز بمقاعد الدائرة (لائحة افرام والخازن والتيار العوني والقوات اللبنانية) تتسابق على من ينفق أكثر، في استغلال فاضح لوجع المواطنين، خصوصاً أن المال الانتخابي يشمل المحاور الأساسية التي يعاني منها اللبنانيون: دفع أقساط المدارس وفواتير الاستشفاء والدواء ودفع ثمن المازوت لأصحاب المولدات لتأمين الكهرباء.
وتعج وسائل التواصل الاجتماعي بإعلانات من البلديات ومن المرشحين الذين يتسابقون في نشر الأخبار المتعلقة بالمساعدات التي يقدمها هذا المرشح أو غيره، والتي ذكر بعضها تقرير الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات.
البلدوزر والبروباغندا
بيد أن الأبرز في سباق الإنفاق الانتخابي هو النائب السابق أميل نوفل (الملقب بالبلدوزر لما ينفقه من أموال)، والذي لا يتواني حتى عن عقد لقاءات انتخابية في الكنائس ودور العبادة، كما تظهر صفحات وسائل التواصل الانتخابي، في خرق واضح للقانون في هذا الشأن. حتى أن تداول سكان جبيل بأخبار "المساعدات" التي يقدمها نوفل بدأت تقلق غريمه الحواط، لأنه ينافسه على ناخبيه، خصوصاً أن نائب جبيل لم يعد قادراً على تلبية حاجات ناخبيه مثلما فعل العام 2018. وقد سبق نوفل الحواط في بدء توزيع "الزفت الانتخابي" لبعض القرى التي تطالب الحواط بتعبيد طرقها منذ سنوات. وراح يؤمن أطنان المازوت لأصحاب مولدات الكهرباء، لتوفير الإنارة مجاناً.
ورغم أن بعض المصادر الجبيلية تشير إلى أن ما يقوم به نوفل من إنفاق انتخابي لا يعدو كونه بروباغندا إعلامية، لن تؤمن له أي أصوات إضافية عن أصواته المعتادة (نحو 1500 صوت)، تؤكد مصادر أخرى أنه بات ينام على نحو 4 آلاف صوت، وسيؤمن أقله الحاصل للائحة الخازن، هذا إذا لم يتفوق على نائب التيار سيمون أبي رميا من اليوم وحتى موعد الانتخابات، في حال استمر بالإنفاق الانتخابي الحالي بالوتيرة ذاتها.
تكرار سيناريو العام 2018
لكن مصادر مطلعة على الماكينة الانتخابية لـ"التيار" تلفت إلى أن أصوات اللائحة تصل في جبيل إلى نحو 11 ألف صوت، وتؤمن فوز أحد المرشحين، إما أبي رميا أو وليد الخوري. والأخير بدأ يمتعض من زميله على اللائحة. فأبي رميا أنهى جولته منفرداً على القرى، مشيعاً أنه مرشح العماد ميشال عون، أي عاد إلى الممارسات التي قام بها في العام 2018، والتي أدت إلى رفض الخوري الدخول إلى اللائحة، وعاد وقبل بضمانات بإقلاع أبي رميا عن الممارسات السابقة. وها هو يتجرع الكأس المر عينه، إلا إذا تدخل حزب الله وجير له أصواتاً شيعية، تضمن له التفوق على أبي رميا.
اختلاف المعركة بين جبيل وكسروان
المعركة في جبيل باتت ساخنة أكثر من كسروان بما يتعلق بالإنفاق الانتخابي. وهي، بخلاف معركة كسروان، ستكون معركة الأهالي ضد الأحزاب، ومعركة الزعامات والشخصيات التي تريد تكريس زعامتها مع الأحزاب. هذا فيما معركة كسروان تدور رحاها بين الزعامات (افرام والخازن والبون) ضد بعضهم البعض وضد الأحزاب. وتختلف المعركة في جبيل لعدم وجود إقطاع مثل كسروان، وبالتالي ستكون نتيجتها على حساب الأحزاب، أي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
وتضيف المصادر أن ثمة فرقاً بين الطرفين. فالقوات تعيش مرحلة استنهاض شارعها (الخسارة ستكون بأصوات الحواط لا القوات) بينما يعيش التيار تراجعاً قد يضع مرشحته في كسروان الوزير ندى البستاني في دائرة الخطر.
البستاني في خطر
وتشرح المصادر بأن أصوات التيار في جبيل لا تربو عن 11 ألف صوت، وعن 8 آلاف صوت في كسروان. ومع أصوات مرشح الثنائي الشيعي لن يزيد نصيب اللائحة عن الحاصلين، في حال كانت نسبة المشاركة مرتفعة مثل الانتخابات السابقة، أي حاصل انتخابي بنحو 14 ألف و500 صوت. فيفوز مرشح الثنائي الشيعي حكماً ويتصدر قائمة الفائزين، وفي حال فاز أحد مرشحي التيار في جبيل (أبي رميا أو الخوري)، لن يكفي كسر أصوات اللائحة لفوز البستاني في كسروان.
المعركة في الدائرة حامية بين اللوائح الأربع، لأن النتيجة تتوقف على أصوات قليلة للفوز بكسر الأصوات. فالتيار العوني مع حزب الله يضمن مقعدين ومثلهما القوات، إضافة إلى مقعد مضمون للائحة افرام ومثله للائحة الخازن. ويبقى مقعدان رهن المنافسة والانفاق الانتخابي والصوت العقابي، الذي قد يطال الجميع.