الانتخابات النيابيّة تحت عيون السفارات والمؤسّسات الدوليّة
بانتظار حسم موعد إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في شهر آذار أو في شهر أيار من العام المقبل، بدأت الاستعدادات العمليّة للمشاركة في هذه الانتخابات من قبل القوى السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني أو قوى التغيير.
أوّل الحملات الإعلامية وأكبرها بدأتها مجموعة "نحو الوطن"، في لوحات عملاقة على الطرق وفي اتفاقات مع مختلف وسائل الإعلام، وموازنات ضخمة وغير محدّدة رصدتها لهذه الحملات.
أمّا على صعيد الأحزاب والقوى السياسية، فقد بدأ تشكيل الماكينات الانتخابية، وإجراء إحصاءات ودراسات في مختلف المناطق، إضافةً إلى دراسة طبيعة التحالفات المقبلة واختيار المرشّحين.
لكن في الخارج تُحظى الانتخابات النيابية باهتمام عربي وإقليمي ودولي كبير. وبحسب مصادر دبلوماسيّة مطّلعة في بيروت، بدأت سفارات عربية وأجنبية في إعداد دراسات وإحصاءات تتّصل بالانتخابات، في سعي لتحديد خريطة التغيير المتوقّعة لدى مختلف القوى السياسية والحزبية.
بعض هذه السفارات تركّز كثيراً على محاولة التنبّؤ باتجاهات التصويت لدى الناخب المسيحي، وما هي حصّة كلّ من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، إضافةً إلى دراسة حجم قوى المجموعات المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني، ودورها وموقعها في الانتخابات المقبلة.
يجري التركيز أيضاً على الواقع الشيعي وقوّة الثنائي الشيعي، والتغيير الذي سيحصل في هذا الواقع. فيما يتناول الجانب الآخر من الاهتمام الساحة السنّيّة، وكيف سيكون واقع تيار المستقبل، والدور الذي سيلعبه الرئيس نجيب ميقاتي في المرحلة المقبلة. أمّا على صعيد البيت الدرزي، فلا يبدو أنّ تغييرات مهمّة ستحدث، بحسب مصادر دبلوماسية.
بموازاة الاهتمام بنتائج الانتخابات ومستقبل القوى السياسية والحزبية، بدأت مؤسسات دولية فاعلة في التركيز على جوانب أخرى، أبرزها التأكيد على إجراء الانتخابات في موعدها، وعدم القبول بأيّ تمديد للمجلس النيابي الحالي، وقضية اقتراع المغتربين وكيفيّة تفعيل مشاركتهم، إضافة إلى مراقبة الانتخابات من قبل مؤسسات متخصّصة ووفود دولية، وعدم السماح بأيّ تزوير أو تدخّلات سياسية وحزبية فيها، والسعي إلى توفير أفضل الأجواء الأمنيّة للانتخابات، وحمايتها بدعم من الجيش اللبناني والأجهزة الأمنيّة.
ويجري الحديث عن تمويل ودعم العديد من مؤسسات المجتمع المدني. وكان أوّل المحذّرين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، حين غرّد عن "تخصيص حوالي مليار دولار من قبل بعض الجهات الخارجية لصرفها في هذه الانتخابات". وأكّد هذه المعلومات الإعلامي البارز جورج غانم خلال مشاركته في برنامج "صار الوقت" مع شقيقه مارسيل غانم قبل أسبوعين.
وتشير بعض المصادر المطّلعة إلى أنّ اقتراح بعض الكتل النيابية تقديم موعد الانتخابات النيابية من شهر أيار من العام المقبل إلى شهر آذار، بحجّة تزامن الاستعداد للانتخابات مع شهر رمضان (شهر نيسان)، قد تهدف منه الأحزاب والقوى السياسية إلى الاستفادة ممّا تملكه من قدرات وماكينات انتخابية قويّة، ولقطع الطريق أمام القوى المعارضة الجديدة، وتقليل قدرتها على الإعداد للانتخابات، وكلّ ذلك سيكون لمصلحة الأحزاب القوية.
بانتظار حسم بعض القضايا الخلافية بين القوى السياسية والحزبية، ومنها مسألة تصويت المغتربين، وإلغاء البطاقة الممغنطة، وإجراء تعديلات طفيفة على قانون الانتخابات، فإنّ هذه الانتخابات ستكون تحت عيون كلّ السفارات والبعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية، وموضع اهتمام الجهات الدولية، وخصوصاً المؤسسات المعنيّة بمراقبة الانتخابات والتأكيد على إجرائها. وهذا ما سيحوّل هذه الانتخابات إلى معركة دولية وإقليمية حول مستقبل لبنان ودوره في المرحلة المقبلة، في ضوء التغييرات الإقليمية والدولية الحادثة اليوم.