الانتخابات بأيار: المازوت أفضل رشوة والإنفاق المالي بالمليارات
تعيين هيئة الإشراف
لكن مشكلة الانتخابات تبقى بتحقيق الخرق الذي حصل في مسألة تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات، التي كان يفترض أن تتم في 21 تشرين الثاني الفائت. فوفق قانون الانتخابات المعدل، يفترض أن تعين هيئة الإشراف على الانتخابات قبل ستة أشهر من انتهاء ولاية المجلس النيابي في 21 أيار المقبل. ويتم تعيين أعضاء الهيئة بمرسوم من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية، وتكون ولاية الهيئة سنة من تاريخ التعيين. ومن صلاحيات هذه الهيئة مراقبة الإنفاق الانتخابي والإعلام والإعلان. ويفترض أن تكون الهيئة قد بدأت عملها، خصوصاً في ظل الإنفاق الحالي الذي بدأه معظم المرشحين، سواء المعارضين أو المنتمين للأحزاب التقليدية.
اللجوء إلى الهيئة السابقة
قد تلجأ الحكومة إلى فتوى قانونية بأن هيئة الإشراف الحالية دائمة، وتستمر بعملها إلى حين تعيين هيئة جديدة. لكن كما بات معروفاً فإن أكثر من نصف أعضاء الهيئة تركوا لبنان أو استقالوا. ورغم أن الهيئة الحالية قائمة وتستمر بولايتها قانونياً، لكن عدم وجودها الفعلي له تداعيات على التحضير الانتخابات، لناحية الإشراف على التمويل والإعلام. فنحو ستة أعضاء، من أصل 11 عضواً في الهيئة تركوا البلد (ثلاثة منهم قدموا استقالتهم)، فيما النصاب القانوني هو سبعة أعضاء.
معطلة في مجلس الوزراء
وزير الداخلية جهز مرسوم تشكيل الهيئة الجديدة، لكن تعيينها مرتبط باجتماع مجلس الوزراء، الذي لا يجتمع، ولا بوادر باجتماع قريب له. وتقدمت الجمعيات المدنية التي تراقب الانتخابات بثلاثة مرشحين كي يختار الوزير واحداً من بينهم وتعيينه في الهيئة كممثل للمجتمع المدني. لكن بسبب عدم وجود توازن جندري في الهيئة (ينص القانون على مراعاة العامل الجندري في تعيين الأعضاء) سيختار الوزير سيدة من خارج هذه الترشيحات، وذلك من خلال ترشيحات تقدمت بها هيئات مدنية أخرى. لكن عدم اجتماع مجلس الوزراء سيدفع الوزير إلى الاعتماد على الهيئة القديمة مع إجراء بعض التعديلات في الأعضاء، إلا إذا اجتمع مجلس الوزراء وعين هيئة جديدة.
في ظل الحديث عن المال الانتخابي الذي بدأ يتدفق على البلد، وإقدام مرشحين في أكثر من منطقة على توزيع المازوت الانتخابي، بدءاً بحزب الله في مختلف المناطق، ومروراً بمختلف الأحزاب والشخصيات المعارضة في أكثر من منطقة، لهيئة الإشراف دور أساسي في مراقبة هذا الإنفاق الذي يسبق الانتخابات، لما له من تداعيات على مبدأ تكافؤ الفرص ونزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها.
سقف الإنفاق القانوني
وفق التعديل الذي طرأ على المادة 61 من قانون الانتخاب الأخير، بعد تراجع سعر الصرف، بات سقف الإنفاق الانتخابي الأقصى الذي يجوز لكل مرشح انفاقه خلال الحملة الانتخابية، محدد بقسم ثابت مقطوع هو 750 مليون ليرة، وقسم متحرك مرتبط بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى وقدره 50 ألف ليرة عن كل ناخب. فيما في الانتخابات السابقة كان 150 مليون ليرة للمرشح والقسم المتحرك 5 آلاف ليرة عن ناخب.
ووفق هذه الدراسة التي أعدتها الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية، ارتفع سقف الإنفاق الانتخابي إلى أكثر من عشر مرات عن انتخابات العام 2018. ففي دائرة عكار، ارتفع سقف الإنفاق لكل مرشح من 1.5 مليار ليرة إلى نحو 15 مليار، وفي دائرة مثل البقاع الغربي ارتفع الرقم من 1.7 مليار ليرة إلى نحو 16 مليار، وفي الشوف-عاليه ارتفع من 1.7 مليار ليرة إلى حوالى 17 مليار. أما في الجنوب الثالثة (النبطية وبنت جبيل ومرجيعيون-حاصبيا) فقد ارتفع من نحو 2.4 مليار ليرة إلى 23.7 مليار ليرة. أي بات سقف إنفاق اللائحة في الجنوب الثالثة (عدد المقاعد 11 مقعداً) نحو 250 مليار ليرة.
الإنفاق بلا إشراف
في أفضل حالات الإنفاق (هو رقم مرتفع في الأساس وكمجموع إنفاق كل مرشحي اللائحة يصبح الرقم فلكياً) ينفق النائب أقل من مليون دولار على سعر صرف السوق الموازية. أي بما يوازي الإنفاق في السابق على سعر الصرف الرسمي. لكن الرشاوى الانتخابية باتت أقل كلفة من السابق، بعدما بات مبلغ المئة دولار اليوم يساوي راتب موظف من الفئة الثالثة في القطاع العام. أما المازوت، الإيراني وغير الإيراني، فقد بات مادة انتخابية أساسية، بما يشكله من مادة حيوية في التدفئة في المناطق الجبلية. وكل ذلك يتم بغياب هيئة الإشراف على الانتخابات.