الانتخابات: باسيل يتمهّل.. جعجع "طاحش".. والحزب مرتاح
كتبت ملاك عقيل في أساس ميديا:
في 14 شباط المقبل سيكون الرئيس سعد الحريري "المُعتزِل" في بيت الوسط لإحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لا مهرجان شعبيّاً ولا كلمة تخاطب الحلفاء والخصوم وترسم معالم المرحلة المقبلة، بل سيقتصر الأمر على "خطوة رمزيّة" يتكتّم عليها تيار المستقبل. والأهمّ لن تشكّل الذكرى السنوية "وقوداً" لمعركة انتخابية أدار "الشيخ سعد" الظهر لها.
قبل أن يحطّ رئيس الجمهورية ميشال عون في دار الإفتاء محذّراً من تداعيات المقاطعة السنّيّة للانتخابات النيابية كان وليد جنبلاط قد قام بالواجب بإعلان "الاستمرار في العمل السياسي أنا وتيمور، ولن نقفل باب المختارة"، قائلاً: "لسعد الحريري ظروف خاصّة جدّاً، ونحن ليست لدينا الظروف نفسها"، مستبعداً حتّى فرضية الضغط الخارجي الذي قد يكون أجبره على التنحّي.
أمّا ميقاتي فأعلن النفير العامّ "لأنّ الطائفة تزخر بالطاقات والكفاءات، والانتخابات في موعدها"، متلحّفاً عباءة المفتي عبد اللطيف دريان الذي لم يشِر في الجامع العمري بأيّ كلمة إلى قرار سعد الحريري تعليق العمل السياسي وعدم الترشّح في الانتخابات النيابية.
وداخل البيت المستقبليّ "عصفٌ" انتخابيٌّ حول مَن "يتضامن" ويلتزم مع سعد ومَن يُكمل من دونه تحت راية المحافظة على "نَسْل" الحزب الأزرق داخل البرلمان الجديد حتى من دون الترشّح تحت رايته. ولأنّ بعض النواب باتت لهم حيثيّتهم الخاصّة في مناطق وجودهم تصعُب عليهم التضحية بها في ظلّ قرار شخصيّ من سعد الحريري، لم يُستشَر أحدٌ منهم فيه، بالتفرّغ لأعماله الخاصّة وترك السياسة في الوقت الراهن.
بدا لافتاً ما قاله جنبلاط في مقابلته التلفزيونية الأخيرة بأنّ "الحريري قد يعود وقد لا يعود إلى العمل السياسي... قراره بالتعليق فقط ليس نهائيّاً".
علوش: شرط "ترك التيّار"
يقول نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علّوش لـ"أساس": "القرار بالترشّح من جانب أيّ شخصية منضوية تحت سقف تيار المستقبل يجب أن يسبقه الانسحاب من التيار، فيكون ترشُّحاً مستقلّاً أو يكون هناك تفاهم مع تيار المستقبل على أساس خيار وطني"، مشيراً إلى أنّ "هناك مرشّحين على لوائح المستقبل من خارج عباءة الحزب لا "شيء يفعلونه" سوى النيابة والترشّح، وهؤلاء خيارهم شخصيّ بالترشُّح أو عدمه".
لا يفترض علوش أنّ الحريري قد "يتحسّس" من ترشيحات بعض نواب المستقبل: "فالحريري واقعيّ جدّاً وأخذ قراره مع تسليمه بأنّ الأرض لا تحتمل الفراغ. والترشيحات لدينا لا تحصل بالمسطرة كما لدى حزب الله".
يعلن علّوش، من موقعه نائباً لرئيس تيار المستقبل، التزامه بقرار الحريري: "أنا لا أترشّح بصفتي الشخصية، بل من ضمن خيار سياسي وطني عامّ يضمّ تيار المستقبل عبر تحالفات وأسماء محترمة، وكنت أفكّر في الموضوع من هذا المنطلق، لكن بعد قرار الحريري صرت خارج هذا الإطار، وحتّى الآن أستطيع القول أنا ألتزم قرار رئيس التيار".
أما بخصوص "الحركة" التي رُصِدت على خطّ دار الإفتاء – السراي، وزيارة رئيس الجمهورية ميشال عون المفتي دريان، فيكرّر علّوش: "لا أحد يسلّم بالفراغ، والحريري يعرف هذا الواقع. لكنّ محاولة الاستلحاق من قبل الرئيس عون تافهة ولا أهميّة لها ولا تغيِّر صورته، ولا تسمح بالتصديق أنّه حريص على مكوّن طائفي غير طائفة جبران باسيل".
وإذ يرفض التعليق على مواقف ميقاتي عقب قرار الحريري، يوضح قائلاً: "لا أعرف حقيقة موقفه، وأفضّل عدم الاشتباك معه لفتح الباب أمام إمكانية حصول تفاهمات معه".
في الظاهر بدت كلّ القوى السياسية وكأنّها تنتظر ما سيقوله سعد، وحين نطق بـ "الاعتزال" تسارعت وتيرة التفاعل مع "الفعل" من خلال ردّات فعل لا تحاول ثني الحريري عن قراره المصيري، بل تجهد في وضع خارطة طريق ما بعد "الشيخ سعد".
أسئلة حول ماكينة باسيل
على الساحة المسيحية، وفي مقابل النشاط الزائد للقوات على مستوى إعلان الترشيحات والتعبئة الانتخابية الشاملة، يبدو التيار الوطني الحر أقرب إلى الرهان على معطى ما قد يؤجّل الانتخابات، وهو ما ينعكس استرخاءً على صعيد الماكينات الانتخابية.
يقول ناشط في الماكينة الانتخابية في "التيار الباسيليّ": "ثمّة أمر غير مفهوم في بطء الماكينة وعدم استنفارها. ربّما يعود الأمر إلى عدم ثبات الترشيحات والتحالفات التي تُعتبر أساسية في تحفيز الماكينات الحزبية، فيما تُقلِقنا جدّاً الطحشة القواتية في إعلان الترشيحات ورهانها على الوجوه الجديدة وتوافر التمويل".
لكن في الكواليس يجزم مطّلعون أنّ جبران باسيل يطرّز التحالفات بحسب متطلّبات الأصوات التفضيلية في المناطق و"سكور" اللوائح، لاعباً على وتر التناقضات. في المتن مثلاً يستغني بسهولة عن الطاشناق وفي بيروت الأولى يستجدي أصوات الحزب الأرمني الأقوى. في جبيل وزحلة قد يدير الظهر لحزب الله، وفي بعبدا "يتعمشق" بلائحته.
ماكينة حزب الله
منذ أيّام بشّر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بأنّ ماكينة حزب الله "تعمل منذ أربعة أشهر"، والظاهر أنّ توزيع المازوت الإيراني كان من ضمن "مهامّها"، مؤكّداً الإعلان قريباً عن الشعار الانتخابي للحزب وبرنامجه. فيما لا يبدي الحزب أيّ قلق من نتائج انتخابات "ستخرقها بعض الوجوه الجديدة المستقلّة التي لن تقدّم أو تؤخّر في المشهد النيابي وتوازناته".
للمرّة الأولى منذ دخول حزب الله معترك الانتخابات النيابية، يخوض المعركة ببرنامج سياسي واضح المعالم أحد أبرز نقاطه تحديد سمير جعجع "عدوّاً" والقوات "جماعةً إلغائيّة" لا تصلح أن تكون مُمثِّلة لحالة شعبية، ومعها "أتباع السفارة الأميركية".
المُفارقة أنّ سقف حزب الله العالي بوجه القوات يترافق مع مهادنة بين حركة أمل والقوات، إلى جانب أحاديث متزايدة في المناطق المشتركة عن "تنسيق تحت الطاولة" ما دام التيار الوطني الحرّ هو الخصم المشترك. يحدث ذلك فيما لم تتوقّف وساطة الحزب لتقريب المسافات بين التيّار وحركة أمل. وأحد أبرز تجلّياتها تصريحات من جانب الطرفين بأن "لا شيء مستحيلاً في السياسة".
تُعتبر "جزّين – صيدا" من الدوائر التي باتت تشكّل "وجعة راس"، تحديداً للرئيس نبيه برّي، بعد شغور مقعد النائب بهيّة الحريري وصعوبة إيجاد بديلٍ سنّيّ يملأ الفراغ الذي ستتركه نائبة صيدا منذ 1992. ويُسجَّل في هذا الإطار زيارة السفيرة الفرنسية آن غريو صيدا واجتماعها مع كوادر من المجتمع المدني، إضافة إلى النائب عن المقعد السنّيّ الثاني في صيدا أسامة سعد.