الانتخابات ضائعة بين الميغاسنتر والكهرباء وحرب اوكرانيا!
لا يمكن التكهن بمصير الانتخابات النيابية المرتقبة في ايار المقبل، ولا يمكن لأحد، مهما علا شأنه وموقعه في الداخل، الحسم في ما اذا كانت ستحصل في مواعيدها المحددة ام سيتم "تطييرها"، ذلك ان العوامل المؤثرة في الاستحقاق لم تعد محلية محصورة بالوقائع السياسية المعقدة والمعيشية - الحياتية المزرية، فحسب، بل باتت مرتبطة ايضا بالتطورات في العالم سيما في القارة العجوز...
فبحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، العقبات امام حصول الاستحقاق في 15 ايار، كثيرة، وهي تبدأ بعدم حماسة القوى السياسية، سيما تلك الممسكة بمقاليد الحكم اليوم، للانتخابات لمعرفتها ان الناس غير راضين عن ادائها الذي اوصل البلاد الى الحضيض. وعدم الحماسة هذا تحاول المنظومة تغطيته باطلاق ماكينات احزابها الانتخابية وبمواقف مؤيدة للانتخابات، غير انها لا تعكس حقيقة موقفها الضمني. على اي حال، في مقابل هذه الحركة الظاهرية، هي عادت لتطرح اليوم مثلا مسألة انشاء الميغاسنتر. صحيح انه خطوة اصلاحية تؤمن تصويتا اسهل واكثر نزاهة، الا انها تتطلب تعديلا في قانون الانتخاب الحالي او ارجاء للاستحقاق كون تأمين الميغاسنتر، وفق "الداخلية"، مستحيل في الفترة الزمنية الضيقة الفاصلة عن الانتخابات كما انه يحتاج تمويلا غير متوافر الآن. وفي وقت ناقشت لجنة وزارية هذا الملف اليوم، تخشى المصادر ان يكون تمسك العهد بالميغاسنتر مقدّمة للتلاعب بآجال الاستحقاق.
الى ذلك، فإن الاوضاع الحياتية آخذة في التردي، وقد أتت الحرب الروسية على اوكرانيا لتزيدها تقهقرا، حيث ان شح المواد الاساسية الاولية في البلاد، بات ينبئ بكارثة مخيفة. وهذا المعطى من الممكن ان يؤثر سلبا على مصير الانتخابات. فاذا كانت الحكومة منهمكة في ايجاد القمح والطحين والزيت والبنزين والمازوت، كيف ستتمكّن، في الوقت عينه، من التحضير لانتخابات نيابية على كل الاراضي اللبنانية وفي بلاد الاغتراب؟
لكن الصعوبات لا تتوقف هنا. فبحسب المصادر، يبدو ان أزمة الكهرباء لا تزال بلا حلول وان الخطة التي وضعتها الحكومة لتحسين التغذية في الاسابيع والاشهر المقبلة، وهي تحتاج تعاونا مع مصر والاردن وسوريا والعراق، والى تمويل من البنك الدولي، في مهبّ الريح حتى اللحظة. من هنا، هل يمكن اجراء انتخابات وتأمين فرز اصواتها بشفافية من دون تأمين تغذية بالتيار الكهربائي 24/24 في مراكز الاقتراع والفرز؟ ثم ان انقطاع التيار، المضاف الى شح المحروقات او غلائها الفاحش والذي سيزيد فحشا في قابل الايام نظرا الى تحليق سعر "البرنت" عالميا، يعنيان ايضا ان خدمة الانترنت لن تكون متوفرة كما يجب. فكيف ستتواصل الماكينات الانتخابية بعضها مع بعض، في الداخل او بين الداخل وبلاد الاغتراب، وكيف سيتم الفرز وتسجيله واطلاع الرأي العام عليه بشفافية؟
كلّ ما تم تعداده في السطور اعلاه، يجعل القلق على مصير الانتخابات النيابية مشروعا، وأكثر، تختم المصادر.