لطالما كان الكباش ناريا وملتهبا بين فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون السياسي، وفريق رئيس مجلس النواب نبيه بري. فالخلافات لا تنتهي بينهما وهما يتصارعان على الملفات كلّها منذ لحظة دخول عون قصر بعبدا. لكن فجأة، وعندما دقت ساعة الانتخابات وحان وقت "الجد" وضعت كل هذه الصراعات جانبا، وها هما الطرفان يتهيّآن لخوض المعركة جنبا الى جنب وفي لوائح موحدة حتى في المناطق التي لهما فيها حضور شعبي وسياسي.
بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، حزب الله لعب دورا في التوصل الى هذا التفاهم والى الهدنة هذه بين حليفيه، لأن في اتفاقهما انتخابيا مصلحة لخندق 8 آذار الذي يجمعهم كلّهم وللخط الذي يمثّلون ويؤمنون به في الداخل والمنطقة. الضاحية نجحت في مساعيها هذه. ففي دائرة حاصبيا – مرجعيون مثلا، سيدعم الحزب والتيار، عضو كتلة التنمية والتحرير المرشح قاسم هاشم.
حتى الامس القريب، كانت ميرنا الشالوحي وعين التينة تتبادلان الاتهامات بالفساد وخرق الدستور والقوانين وعرقلة المشاريع الاصلاحية. وتركّز الحركة دائما على ملف الكهرباء وتنتقد مباشرة، وغير مباشرة، بعنف تارة، وبلطف تارة اخرى، تعاطي وزراء الطاقة المحسوبين على التيار البرتقالي، مع القطاع، والخطط التي يقترحون لاصلاحه. اواخر كانون الثاني الماضي مثلا، رفض المكتب السياسي للحركة "إعطاء سلفة إلى مؤسسة كهرباء لبنان في ظل الفشل المستمر والمستدام في معالجة جذور أزمة الكهرباء دون أي خطوة إصلاحية جدية للقطاع بأكمله، خصوصاً أن سياسة السلف هي الأساس في هذا الإنهيار الاقتصادي والمالي فيما حمّلته للدولة من أعباءٍ دون أن تجدي نفعاً، بل لم يتم تعيين الهيئة الناظمة للقطاع بعد ولم تطبق القوانين المرعية الإجراء، مما أدى إلى تحميل المواطن مزيداً من الأعباء في ظل فاتورة عالية للمولدات الكهربائية الخاصة". اما مطلع الاسبوع، فأكد بيان المكتب السياسي للحركة "أن إقرار خطة الكهرباء المبدئية لا تستقيم من دون التنفيذ الجدي والالتزام بمندرجات قرار مجلس الوزراء وفي الإسراع في تعيين الهيئة الناظمة للقطاع، وتطبيق القانون 462، كأساس لمعالجة وضع الكهرباء بكل عناوينها".
في المقابل، يأخذ القصر الرئاسي والتيار الوطني على بري، حمايته لحاكم مصرف لبنان ورياض سلامة ويعتبران، وإن من دون ان يقولاها بالحرف، أن بري من النواة الصلبة للمنظومة الحاكمة التي حكمت لبنان لعقود وأوصلته بقراراتها وادارتها الخاطئين، الى الانهيار الشامل الذي يتخبط فيه اليوم. كما ان التيار صوب بالمباشر مرارا على بري، وفيديو "محمرش" أسطع دليل، كما دان، اثر حوادث عين الرمانة – الطيونة الاخيرة، مناصري الحركة (والقوات اللبنانية) واصفا تصرفاتهما بالميليشياوية، ومتحدثا، على لسان رئيسه النائب جبران باسيل، عن تواطؤ ضمني بين امل والقوات لإسقاط الدولة والقانون والمؤسسات.
فأين ذهبت هذه الخصومة فجأة؟ وهل يمكن ان يتحالف طرفان يتبادلان كل هذه الاتهامات الخطيرة، لا التفصيلية الصغيرة، ولو "انتخابيا" فقط؟ وهل يمكن الفصل بين نهجيهما في الحكم، وبين العملية الانتخابية؟! منطقيا هذا الفصل صعب، لكن لان الغاية (وهي العودة الى السلطة) تبرر الوسيلة، كل شيء يجوز.. وهذا المنطق ان دل على شيء، فعلى ان لا خصومة حقيقية بين التيار والحركة، بل تنافس بين الحين والآخر على احجامهما والحصص من كعكة الحكم، تختم المصادر.