"التيار" يفضّل معلوف لكسر رياشي بالمتن: طموحات كنعان قاتلة
كتب وليد حسين في المدن:
حتى قوى المعارضة غير متفقة كلها على مقاربة واحدة. ثمة شبه اتفاق، لم ينجز بعد، بضرورة ترك هذه الدائرة كي يشكل حزب الكتائب اللائحة وضم الحلفاء، وعدم خوض أي طرف آخر المعركة بلائحة أخرى مضادة. لكن من الصعب وصول هذا الاتفاق إلى خواتيمه المأمولة. فثمة إحصاءات تعطي "القوى التغييرية"، من خارج الأحزاب، نحو 0.9 من الحاصل، أي على قاب قوسين وأدنى من المقعد النيابي، ومن دون حساب أصوات النائب السابق غسان مخيبر، الذي خسر المعركة المرة الفائتة مع التيار الوطني الحر. وفي حال شكل لائحة إلى جانب هذه القوى، ستكون من ضمن اللوائح المتعددة التي تتصارع في هذه الدائرة، التي خرج منها تفاهم معراب بين "التيار" والقوات اللبنانية، بمعية الوزير السابق ملحم رياشي والنائب إبراهيم كنعان.
الخرق في الدائرة
الكل يتطلع في هذه الدائرة على أن الخرق يكون في المقعد الأرثوذكسي (مقعدان أرثوذكسيان في الدائرة) أو المقعد الأرمني، وفي درجة أقل بمقعد ماروني (أربعة مقاعد مارونية في الدائرة)، وانعدام الخرق بالمقعد الكاثوليكي في حال ترشح الوزير ملحم رياشي، وفق حسابات الربح والخسارة التي تجريها مختلف القوى في الدائرة.
أما بما يتعلق بالمقعد الأرثوذكسي، فالحسابات تنصب على عدم إقدام النائب الياس بو صعب على ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة من ناحية، وتراجع شعبية آل المر، وأكل جميع القوى من صحنهم، من ناحية ثانية. ما يجعل المقعدين الأرثوذكسيين في إطار طموح البعض في الفوز بها. ويبقى المقعد الآخر الذي يعتبر ضعيفاً، لأسباب تتعلق بطبيعة التحالفات وتراجع عدد الناخبين الأرمن، المقعد الأرمني الوحيد في الدائرة. فالحسابات تنصب على إمكانية حصول تحالف التيار الوطني الحر والطاشناق على ثلاثة حواصل، وليس أربعة، ويصبح المقعد الأرمني الأضعف، سواء لناحية تراجع عدد الأرمن وشعبية الطاشناق من ناحية، أو تراجع المغتربين المسجلين (نحو 900 أرمني من أصل 13 ألف مغترب)، من ناحية ثانية. ما يرفع حظوظ مرشحة حزب "تقدم" لوري هيتايان على لائحة المعارضة، التي تلقت عروضاً من "القوات" وأطراف أخرى، في ظل عدم وجود شخصيات أرمنية بارزة في الدائرة.
التيار ومعلوف
المعطيات الحالية في الدائرة تفيد بأن المعركة ستكون على مقعدين من أصل ثمانية مقاعد مخصصة لها. فالتيار الوطني الحر بتحالفه مع الطاشناق يحصد ثلاثة مقاعد ويخوض المعركة للحصول على الرابع، والكتائب يحصد مقعدين مضمونين وينافس مع المعارضة على المقعد الثالث، والقوات تحصد مقعداً وتنافس على الثاني. ما يعني أن المقعدين المتبقيين رهن التحالفات التي ستعقد.
ويبدو أن "التيار" قرر خوض معركته الأساسية عن المقعد الكاثوليكي عبر المرشح النائب إدي معلوف. أي سيدخل "التيار" في معركة مع القوات اللبنانية التي سترشح ملحم رياشي، وفي معركة داخلية مع النائب إبراهيم كنعان، الذي يريد كل أصوات "التيار".
ووفق مصادر مطلعة، المقعد الكاثوليكي أساسي للرئيس ميشال عون ولن يتخلى عنه، فكيف إذا كان المرشح عليه ابن الشهيد الطيار العقيد بولس معلوف، الذي استشهد على مدرج أدما بحرب الإلغاء، وابن أخ النائب الراحل الصادق والوفي لخط عون إدغار معلوف؟ تسأل المصادر المطلعة على أجواء تحضيرات "التيار"، مضيفة أن السبب الآخر لتمسك الرئيس عون بمعلوف ربما يكون خيار القوات المضي بترشيح رياشي عن هذا المقعد.
طموحات كنعان القاتلة
وعن إمكانية توزيع الأصوات التفضيلية على معلوف في مواجهة رياشي، التي تهدد ترشيح كنعان، لفتت المصادر إلى أن هناك تململاً في "التيار" من كنعان بسبب "مواقفه المتناغمة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي بما يتعلق بموضوع المصارف والكابيتال الكونترول ومواقفه في لجنة المال والموازنة، فضلاً عن طموحه الرئاسي، الذي يضعه أيضاً في خانة التناغم مع برّي". كما أن "إدي لا يقل أهمية عن كنعان إن لم يكن أكثر أهمية منه. فللتيار أصواته والتي يجب أن توزع على كل المرشحين. ويستطيع كنعان الاكتفاء بأصوات ساحل المتن، حيث شبك علاقات مع رؤساء بلديات، وترك المناطق الجبلية لمعلوف والياس أبو صعب. الطمع يضر ولا ينفع. ولا يمكن تحقيق رغبات كنعان بالحصول على كل أصوات التيار"، تقول المصادر.
حرد كنعان
وتضيف المصادر، أن الحسابات في التيار في حال انصبت الأصوات على معلوف يتفوق على رياشي، وهذا ما يدفع إلى دعمه بشكل مباشر من الرئيس، بمعزل عن قرب معلوف من رئيس التيار جبران باسيل وتفضيله على كنعان.
وعن إمكانية حرد كنعان وذهابه إلى تشكيل "لائحة التفاهم" مع رياشي، كونهما عرّابيّ "تفاهم معراب"، تؤكد المصادر أن "لا أصوات خاصة لكنعان في المتن. فقد حرد كثيراً بعد تعيين باسيل مسؤولين في المتن لا يحتملون حتى سماع اسم إبراهيم. لكن رغم ذلك لا يمكن أن يذهب بهكذا خيار"، تقول المصادر، وتضيف أن "أصوات الكتلاويين (كنعان من عائلة تنتمي للكتلة الوطنية) لم تعد متوفرة له، وفي المتن الأصوات للتيار والعونيين. أما علاقاته برؤساء البلديات فلا يمكن أن تجلب له أصواتاً. فميشال المر نفسه كان يسيطر على كل بلديات المتن ولم ينجح في الانتخابات السابقة، لولا لم تجير له أصوات برّي ووليد جنبلاط وبعض الأصوات الأرمنية. وحتى لو تقرب كنعان من رؤساء بلديات فلا يمكن صرفه في صناديق الاقتراع. لذا عليه التواضع وقبول توزيع الأصوات"، تقول المصادر.
ثلاثة مرشحين وبديل
ووفق المصادر، في حال أصر كنعان على تجيير أصوات التيار له، سيجد نفسه خارج المعادلة، لكن "التيار" لن يتخلى عن مرشحيه الثلاثة معلوف وبو صعب وكنعان. وإذا كان البعض يراهن على عدم ترشح بو صعب، فهو واهم. "الياس سيترشح. هو فقط ينتظر مؤشرات ما. فالمنطقة تتجه نحو تفاهمات وحلحلة للعقد يستفيد منها"، تقول المصادر، وتلفت إلى أن أحد أسباب عدم افصاح بوصعب عن ترشحه هو تخفيف مصاريف الحملة الانتخابية التي يضعها باسيل على كاهله. لكن وفي كل الحالات، البديل عن بو صعب جاهز في حال قرر عدم الترشح، وهو مسؤول قضاء المتن هشام كنج. لكن هذا البديل دونه عقبات كثيرة. فالتيار لا يستطيع إجراء الانتخابات بثلاثة مرشحين حزبيين ويخسر الحلفاء، كما تؤكد المصادر.