بعد تحرّكات الشارع والحشد غير المسبوق فيه، إضافةً إلى التغييرات الكبيرة التي أحدثتها مجموعات ثورة 17 تشرين، خصوصاً في طريقة مواجهة المنظومة الحاكمة، إلى جانب الانتصارات المحققة في الانتخابات النقابية، تستعدّ المجموعات هذه لخوض أولى معاركها المصيرية في الانتخابات النيابية، مقابل أحزاب السلطة المتمرّسة بمفاصل الحكم منذ عقود. ويسعى الثوار إلى طرح برامج تغيّر واقع اللبنانيين، بعيداً ممّا أنتجه الفاسدون الذين أوصلوا البلد إلى هذا الدرك من الانحدار. فكيف تتم التجهيزات لهذا الاستحقاق؟
العميد الركن المتقاعد جورج نادر يؤكّد لـ"المركزية" أن "مجموعات الثورة تحضّر للانتخابات في مختلف الدوائر والتنسيق قائم ومستمر بينها. ويتم بذل جهود كبيرة في الإطار والسعي للخروج بلوائح موحّدة".
ويتابع: " نضع أمامنا دائماً احتمال خروج البعض عن الصف الموحّد، لكن الموجة الكبيرة متمركزة في مكان واحد. ولو أعلن عن لائحتين في الدائرة نفسها، تتبنى الثورة رسمياً واحدة منهما فقط. لا يمكن أن ننسى أنها مخروقة من اليمين ومن اليسار، ومن المتوقّع أن يعلن عن لوائح مخروقة لأخذ أصوات من الثورة، لأن لا خصم لأحزاب السلطة غيرها. فمثلاً في الشارع المسمّى مسيحيا، العوني لا يأخذ من القواتي والعكس صحيح إنّما الثورة تأخذ أصواتا من الفريقين، والأمر نفسه ينطبق على البيئات الأخرى، فهم يعرفون أن الثورة تأكل من صحنهم جميعاً لكن لا يمكنهم أن يأكلوا من صحون بعضهم البعض، لذلك يتحدون ضدّها".
ويؤكد نادر أن "ستكون للثوار كتلة وازنة في البرلمان، قوّتها في تنوّعها المذهبي والمناطقي وصدقيّـتها وخطابها الوطني غير الطائفي، بينما الكتل الأخرى مذهبية طائفية محصورة في مكان واحد. لذلك، يمكن لهذه الكتلة أن تؤسس للمرحلة المقبلة وإحداث تسونامي على المدى البعيد، وتكون جسراً للتغيير. اليوم لن يكون التغيير جذريا بل ظاهر وجيّد لأن أحزاب السلطة متمسّكة بكل مفاصل الدولة والإدارة منذ عشرات السنين، لا يمكن اقتلاعها بلمحة بصر، لذا تُزال تدريجاً، على أمل أن يقلع أوّل مسمار كبير بإزميل الانتخابات".
ويضيف: "من اليوم حتى تاريخه، مستمرون بالتحرّكات الرسمية، لا سيما خلال المناسبات، على أمل أن يتمتّع المقترعون بالوعي الكافي ويعرفوا أين مصالحهم".
وعن سبب عدم النزول إلى الشارع رغم الضيق الذي يعيشه الشعب على كل المستويات، يعتير نادر أن "الإحباط سبب من دون شكّ. والمطلوب اليوم استفزاز من يلزم للمشاركة في الانتخاب وإعطاء الدافع لذلك وهو أنه إذا انتخب الثورة فإنما ينتخب برنامجا ونهجا جديدا مختلفا عمّا اعتاد عليه، وهنا تتركّز قوّة الثورة".