"الحزب" وحلفاؤه السنّة: ثلاث حالات ومراجعة للعلاقة
شكتبت صفاء درويش في موقع mtv:
منذ العام ٢٠٠٥، لم يكن حزب الله جديًا في دعم حلفائه "السنّة". جاهد هؤلاء لتأمين مكانٍ لهم على الخارطة السياسية. كانوا يصطدمون دومًا برغبة الحزب بالحفاظ على التوازنات التي تتمثّل سنيًا بعدم ازعاج آل الحريري، أكان لتفادي الفتنة السنية الشيعية أحيانًا، أو لعدم تقديره لحجم حلفائه فعليًا في أحيانٍ كثيرة أخرى.
عام ٢٠١٨ كانت المفاجأة، اذ اقترع حوالي ٥٥٪ من المقترعين السنّة للوائح منافسة للوائح تيار المستقبل. أتى الأمر وكأن هناك من فرض نفسه بالقوة على الساحة. ردّة فعل حزب الله كانت آنية وغير مدروسة، بل غبّ الطلب، اذ عمد إلى تنظيم الحالة ضمن لقاء للنواب لم يرتقِ إلى مصاف الكتلة. هنا لم يستثمر الحزب الحالة بتحويلها إلى مشروع، بل بقيت على أفراد أُريد أن يُنظّموا أو ينتظموا في إطارٍ واحد يشبه الصالونات السياسية التي انتشرت في بيروت ابّان ستّينات القرن الماضي.
المعارضة السنية، كما يُطلق على كلّ معارض لتيار المستقبل من حلفاء حزب الله، بدورها لم تكن صاحبة مشروع. كانت أيضًا مجموعة من الافراد من اصحاب الحيثيات السياسية في مناطقهم. عتب هؤلاء جميعًا على حزب الله هو عدم الإيمان بهم كما آمن بحالات المعارضة الدرزية وكما كان يمارس سياسةً واضحة جدًا تجاه حلفائه المسيحيين.
اليوم الأمر بات مختلفًا، لا سيما بعد تجرية تسمية الرئيس حسان دياب في رئاسة الحكومة. حماية دياب وتثبيته في الرئاسة كانا يقتضيان واحدًا من أمرين: إمّا حماية حزب الله له من هجوم حلفائه الشرس عليه، وإمّا تحصينه بحالة شعبية لم يكن يملك منها شيئًا. تجربة دياب أوجدت لدى حزب الله قراءةً مختلفة للمشهد السني. باتت الظروف السياسية والشعبية تقضي بالإنتقال نحو المشروع.
ما ساعد الحزب أكثر على التفكير جديًا بصيغة جديدة هو عرض حلفائه عليه الخطة الآتية:
يختار حلفاء الحزب مرشّحين جدّيين ممن يملكون حيثية في مناطقهم، على أن يضمّهم الحزب إلى لوائحه في الانتخابات المقبلة. ليس مطلوباً من الحزب تأمين أصوات اضافية له. كل ما يطلبه هؤلاء هو اعطاءهم الفرصة لا أكثر.
هنا سمع حزب الله من حلفائه "السنّة" وغير السنّة بضرورة تأمين اطار أفضل مما سمي باللقاء التشاوري، الذي أثبت عدم جدّيته، فاليوم لم تعد المعركة معركة وزير دولةٍ من هنا أو نائب من هناك. اليوم باتت المعركة معركة نصف الطائفة السنية، أي نصف السلطة التنفيذية، أي شراكة على نطاق أكبر.
سنيًا اليوم هناك ثلاث حالات جدّية قد تنضوي ضمن اطار المشروع. حالة فيصل كرامي وحلفائه في طرابلس والضنية وعكار، حالة الأحباش في بيروت والشمال، وحالة قد يقودها اليوم الوزير السابق حسن مراد في البقاع الغربي والاوسط والشمالي.
الاهم ايضًا، مراجعة كيفية ايصال نوّاب سنّة يتبعون لكتل لا تمثّل قاعدتهم الشعبية، وهذا يكون علاجه بأن يكون الترشيح مصدره القوى السنية الاساسية.
كتلتان او ثلاث قد تنجح بالتشكّل بعد الانتخابات النيابية في حال أحسن حزب الله ادارة المعركة، وادارة المعركة هنا تعني حسن القراءة والدقّة في التنفيذ.
فهل سيشهد مجلس ٢٠٢٢ حالةً سنيّة جدّية تُدخل المناصفة إلى طائفة عرفت الأحادية منذ العام ٢٠٠٠؟