الدولة غير جدّية بالانتخابات: لا هيئة إشراف ولا ميزانية
كتب وليد حسين في المدن:
إقناع المجتمع الدولي
تُقدَّر ميزانية الانتخابات بنحو عشرة ملايين دولار، تطمح الداخلية للحصول عليها من المجتمع الدولي. لكن الرقابة الدولية مشددة أكثر من تلك التي تقوم بها الجمعيات المدنية المحلية عادة، حول المهل واحترام القانون وجدية المسؤولين في التعامل مع الاستحقاق. والمجتمع الدولي لا يرى إلى حد الساعة أي جدية من قبل الحكومة والمسؤولين اللبنانيين، خصوصاً أن فتح باب الترشح أتى شكلياً، طالما لا يوجد هيئة إشراف من ناحية، أو حتى كادر بشري ولوجيستيات بسيطة لتسجيل طلبات المرشحين في حال حصلت، من ناحية ثانية.
إصدار ميزانية الانتخابات
تتوقع مصادر مطلعة ألا يؤدي اجتماع ممثلي المجتمع الدولي مع وزير الداخلية إلى أي جديد يذكر، مختلف عن الاجتماع السابق. فلا مساعدة تقدم طالما لم تقر الحكومة ميزانية الانتخابات ومعرفة الحاجة. فكيف للمجتمع الدولي أن يساعد طالما لا يعرف بعد حجم المساعدة ونوعيتها؟ تسأل المصادر، مضيفة أن تحديد المهل للترشح لن يدفع المجتمع الدولي لتقديم مساعدات. فالأخيرة مشروطة ببرنامج واضح وجدول زمني للانتخابات، ولا جدية بعد في ظل عدم اجتماع مجلس الوزراء ورصد الاعتمادات اللازمة للانتخابات. حتى ما تعهد به الفرنسيون والألمان بدفع مليون دولار لإنشاء الميغاسنتر، لن يصل منها أي شيء، طالما لن تخصص تلك المراكز لتسهيل اقتراع اللبنانيين في أماكن سكنهم.
عشرة ملايين دولاراً
وتضيف المصادر أن المجتمع الدولي لا يعلم كيف يساعد، طالما لم تقر الحكومة ميزانية الانتخابات، المقدرة بنحو عشرة ملايين دولار. مع ذلك، تستطيع الدولة اللبنانية الحصول على الدعم المقدر بنحو مليوني دولاراً من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. لكن هذا الدعم لا يدخل في ميزانية الانتخابات، وهو تحصيل حاصل رغم ارتباطه بجدول زمني معين. فميزانية الانتخابات التي على الحكومة تأمينها تتضمن تخصيص أجور الموظفين والقضاة والقوى الأمنية المقدرة بنحو مليون دولار. إضافة إلى نحو مليون ونصف مليون دولار لإصدار النتائج من خلال الشركة المكلفة بتحديث البرنامج الإلكتروني للفرز في لجان القيد، والذي يحتاج إلى نحو 400 موظف يوم الانتخابات. أما الأوراق المطبوعة سلفاً، فتقدر كلفتها بنحو 3 ملايين دولار، في حال استخدمت مطابع الجيش اللبناني، ونحو 5 ملايين دولار في حال تم تلزيم شركة خاصة (كلفة كل ورقة بنحو دولار). هذا فضلاً عن تأمين المواصلات للموظفين ولأقلام الاقتراع في لبنان، ولأقلام الاقتراع من الخارج عبر البريد، والتي تقدر بأكثر من مليون ونصف مليون دولار. كما على الحكومة رصد ميزانية لتأمين الكهرباء والانترنت لمراكز الفرز في الأقضية. وهذه معضلة يصعب حلها. ففي ظل انقطاع التيار الكهربائي، ستكون وزارة الداخلية أمام خيارين: استئجار التيار الكهربائي من أصحاب المولدات في المناطق، أو شراء مولدات خاصة.
هيئة الإشراف غير الموجودة
برنامج الأمم المتحدة لا يقدم المساعدات في هذه البنود الأساسية التي يجب على الحكومة تأمينها، خصوصاً أنها أمور سيادية لا تتدخل بها. بل يقدم البرنامج، مثل الانتخابات السابقة، كل اللوجيستيات المتعلقة بالقرطاسية والحبر الخاص والعوازل التي تستخدم لضمان سرية الاقتراع، والتدريبات التي تقدمها للموظفين. فالبرنامج يقدم التدريب لنحو 11 ألف موظف يتولون مسؤولية رؤساء أقلام ومساعدين. وقد بلغت قيمة الحوافز التي قدمتها الحكومة للموظفين، في العام 2018، للمشاركة في دورات التدريب ويوم الاقتراع نحو 350 دولاراً. وطالما لم تحدد الحكومة حجم الحوافز للانتخابات المقبلة، وفي حال لم تكن كافية، يصعب حتى إقناع الموظفين بالمشاركة.
لا يكفي أن يفتح باب الترشيح للحصول على المساعدات، طالما أبسط الأمور غير متوفرة بعد، أي هيئة الإشراف على الانتخابات. فالأخيرة يفترض أن تكون قائمة منذ أكثر من شهر. وهي تحتاج إلى فريق عمل كبير كي يراقب الإعلام والإعلان. وهذا الأمر لا يعرض الانتخابات للطعن فحسب، بل لا معنى لتقديم أي طلب ترشح من المرشحين في ظل عدم وجود هيئة الإشراف. فعلى المرشح تقديم تصريح من كاتب العدل يعطي هيئة الإشراف على الانتخابات الإذن بالاطلاع والكشف على الحساب المصرفي للحملة الانتخابية، وهي غير موجودة أصلاً بعد.