الراعي: الانتخابات النيابية ضمانة لاجراء الانتخابات الرئاسية
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي "كابيلا القيامة"، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وبيتر كرم، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، في حضور السفير جورج خوري، مؤسسة البطريرك صفير الاجتماعية الخيرية برئاسة الدكتور الياس صفير، رابطة آل اسطفان برئاسة السفير شربل اسطفان، المحامية ريجينا قنطرة، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان:"ها منذ الان تطوبني جميع الاجيال"، قال فيها: "في هذا اليوم الثاني بعد عيد ميلاد الرب يسوع، تحتفل الليتورجيا المارونية بتهنئة سيدتنا مريم العذراء. وتقرأ نشيدها الذي أطلقته في بيت زكريا عندما زارت نسيبتها أليصابات، فور علمها من الملاك أن أليصابات حبلى بابن في شيخوختها. وهذا هو الشهر السادس لتلك التي تدعى عاقرا (لو 1: 36). نشيد مريم هو نشيد تعظيم وشكر لله، وفيه نظرة نبوية إذ قالت: وها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال، لأن القدير صنع لي العظائم، واسمه قدوس (لو 1: 48). هذه العظائم هي أمومتها ليسوع ابن الله منذ الأزل، بإعطائه الطبيعة البشرية في الزمن بقوة الروح القدس. وهي بتوليتها قبل الميلاد وفيه وبعده. وستنكشف عظائم الله في عقائد الكنيسة، وهي: أن الله عصمها من دنس الخطيئة الأصلية، لكي تكون الهيكل الكلي القداسة الذي سيحل فيه القدوس إبن العلي ويأخذ منه جسدا بشريا؛ وأنها متحدة بآلام إبنها الإلهي؛ في وأنها بعد أن أنهت رحلتها على وجه الأرض، نقلت بنفسها وجسدها إلى مجد السماء".
وتابع: "يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، مهنئين سيدتنا مريم العذراء، لأن الله اختارها لتكون أم الكلمة الإلهية بقوة الروح القدس وهي عذراء خطيبة يوسف البتول. معها نعظم الله على قدرته اللامحدودة وعلى محبته اللامتناهية، إذ أعطانا ابنه الكلمة الإلهي منذ الأزل، إنسانا في الزمن، مخلصا للعالم وفاديا الإنسان. إليه نلتجئ ليخلصنا من الخطيئة، وينشر نعمته التي تقدس العالم، وليفتدينا مكفرا بآلامه وموته عن خطايانا وخطايا كل إنسان، ويصحح فيه إنسانيته لكي يستعيد بهاء صورة الله. ويطيب لي أن أحييكم جميعا، وأقدم لكم أطيب التهاني والتمنيات بالميلاد المجيد. ويسعدنا أن تشارك معنا مؤسسة البطريرك نصرالله صفير. فأحيي هيئتها الإدارية، رئيسها عزيزنا الدكتور الياس صفير وأعضاء ومن بينهم شقيقة البطريرك السيدة ميلاني صفير بريدي. أطال الله بعمرها. أراد المثلث الرحمة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير هذه المؤسسة الحاملة إسمه لمساعدة الطلاب في أقساطهم الجامعية، وتقديم الخدمات الإجتماعية والصحية بالتعاون مع رابطة كاريتاس- لبنان، وعشرين طبيبا من مختلف الإختصاصات. وحول بيته الوالدي في ريفون مركزا لهذه المؤسسة. كما نحيي بيننا أعضاء رابطة عائلة اسطفان الكرام: هيئتها التأسيسية: رئيسها السفير شربل إسطفان وأعضاؤها التسعة الآخرون، ونتمنى لها النجاح في تحقيق أهدافها وبخاصة العمل على شد روابط الأسرة ووحدتها. وهي بذلك تشكل نسيجا متماسكا ضمن الوحدة الوطنية".
واضاف: "في ما نهنئ العذراء مريم، أم الإله، نرفع صلاتنا إليها بنشيدها نفسه ببعديه: في الأول، نعظم الرب على ما أجرى في مريم من عظائم، ومن خلالها في كل الكائنات البشرية. في الثاني، نكل ابتهالات أبناء الله، إلى مريم أم يسوع، لأنها تعرف حقيقة البشرية وحاجاتها وقد اتحد بها ابن الله وتضامن معها. وبتلاوة هذا النشيد أمام المغارة، نواصل الشكر لله على صنيعه لنا، إذ سبق وأعدنا بمحبته لنكون أبناءه بالابن الوحيد، وغسل خطايانا بدمه، بفيض من نعمته؛ ونشكره على كشفه لنا سر مشيئته التي حققها بالمسيح ليجمع فيه تحت رأس واحد كل شيء مما في السماوات وما على الأرض؛ كما نشكره على اختياره لنا ميراثا له لنكون مدحة لمجده، (راجع أفسس 1: 3-4). نشيد العذراء هو نشيد الكنيسة التي تشكر الله الآب الذي بفيض من محبته أرسل لنا ابنه مخلصا وفاديا، بالروح القدس. وهو نشيد الفقراء الذين يشكرون الله على الرجاء المسكوب في قلوبهم بتحقيق وعوده".
وتابع: "يهنئ الناس بعضهم بعضا على الخير الذي يفعلون، لا على الشر وتحقيق الخراب والتعطيل والإفقار. نهنئ المسؤولين السياسيين والأحزاب والنافذين على إنجازاتهم الكبيرة لخير الوطن والشعب. أما الذين من بينهم يعطلون مسيرة الدولة فلا يستحقون سوى الإدانة والشجب. ندينهم لأنهم يعتمدون استمرارية الأزمات، وزيادة الإنهيار، وتراجع قيمة الليرة، وتفكك المؤسسات، وارتفاع نسبة البطالة، ومقاومة الحلول. عن هذا الواقع الهدام أعرب قداسة البابا فرنسيس في رسالته بالأمس إلى المدينة والعالم عن قلقه على لبنان الذي يتألم من أزمة غير مسبوقة، مع أوضاع اقتصادية واجتماعية مقلقة. أمام هذا الواقع الهدام، يتطلع اللبنانيون إلى وجوب إجراء الإنتخابات النيابية في أيار المقبل كاستحقاق دستوري يفسح في المجال ليمارسوا حقهم في المساءلة والمحاسبة. وهذه الانتخابات تكون ضمانة لاجراء الانتخابات الرئاسية وإنهم يتوقون إلى رؤية جيل سياسي جديد يتمتع بمؤهلات القيادة وحسن الحوكمة، يفقه معنى حياد لبنان ودوره السلمي والحضاري في المنطقة بعدما تأكدوا، أن لا إصلاح ولا تغيير ولا إنقاذ من خلال جماعة سياسية عبثت بالبلاد والعباد منذ ثلاثين سنة ونيف. أجل، شعبنا يتطلع إلى جيل وطني جديد يتقدم إلى المسؤولية الوطنية بشجاعة وأخلاقية، ويقدم برنامجا واضحا، أولا على الصعيد السياسي، ثم على الأصعدة الإقتصادية والإجتماعية والمالية".
وختم الراعي: "في عيد تهنئة أمنا وسيدتنا مريم العذراء نكل اليها أمنياتنا، ومعها نرفع نشيد التعظيم والشكر للثالوث القدوس، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
بعد القداس، استقبل الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الإلهية للتهنئة بالاعياد المجيدة.