الشمال الثانية: كرامي يتودد للصمد.. ولا يكترث لمصير الحريري
كتبت جنى الدهيبي في المدن:
يوحي حراك النائب فيصل كرامي شمالًا، أنه من أكثر المستعدين لخوض الانتخابات البرلمانية في دائرة الشمال الثانية، حيث الغالبية السنية، نظرًا لاعتبارات عدة:
أولًا، الفرق بينه وبين تيارات سياسية سنية رئيسية في طرابلس، وعلى رأسها المستقبل والعزم، أنه حسم مسألة ترشحه الشخصي، وخوض الانتخابات بلائحة كاملة. وهو يعدّ لها منذ فترة، على مستوى اللقاءات والتحضيرات الميدانية وتجهيز الماكينة الانتخابية.
ثانيًا، شعبية آل كرامي حاضرة، ورغم انحسارها من الجد إلى الأب فالإبن، وإن بدت محدودة بنظر كثيرين، لكنها معروفة كتقليد متوارث في المدينة.
ثالثًا، تحالفات كرامي واضحة وعلنية لا تتغير. فهو الحليف السنّي الأول في طرابلس لحزب الله، ولحليفه المسيحي في زغرتا رئيس تيار المردة، سليمان فرنجية، وحليف جمعية المشاريع (الأحباش)، والحليف الانتخابي الأول لنائب الضنية جهاد الصمد، وإن شهدت علاقتهما توترات وتباينات متقطعة على إثر خلافات "اللقاء التشاوري"، وحليف شخصيات وعائلات أخرى تربطها علاقة تاريخية بآل كرامي شمالًا.
مراجعة 2018
وفي مراجعة لانتخابات 2018، فقد خاضها كرامي في دائرة الشمال الثانية بلائحة "الكرامة الوطنية"، وترأسها إضافة إلى مرشحين آخرين هم: عن المقاعد السنية، جاء إلى جانبه في طرابلس كل من طه ناجي (الأحباش)، محمد صفوح يكن، عبدالناصر المصري وأيمن نورالدين عمر؛ وأحمد محمود عمران عن المقعد العلوي، ورفلي أنطون دياب (تيار المردة) عن مقعد الروم الأرثوذكس. إضافة إلى جهاد الصمد عن أحد المقعدين السنيين في الضنية، وعادل زريقة عن المقعد السني في المنية. وتركت لائحته المقعد الماروني في طرابلس شاغرًا لمصلحة الراحل جان عبيد بلائحة العزم.
وحينها، فازت لائحة الكرامة بمقعدين، بعدما حصلت على 29 ألف صوت. والفائزان هما: كرامي والصمد.
لكن كرامي خاض آنذاك معركة الطعن بشرعية انتخاب النائبة ديما جمالي عن تيار المستقبل، وتقدم باسم طه ناجي بطعن لدى المجلس الدستوري؛ فقرر المجلس بالأكثرية إبطال نيابة جمالي وإعلان المقعد السنّي الخامس في طرابلس شاغرًا.
وجرت على إثره الانتخابات الفرعية في نيسان 2018. لكن ناجي رفض الترشح مجدداً، على قاعدة أن قرار المجلس الدستوري مبتور لجهة عدم تجيير المقعد النيابي له مباشرة. وتمكنت جمالي من الفوز بالمقعد مجددًا، بنسبة تصويت هزيلة.
وبقي كرامي مقتنعًا بمظلوميته وانتزاع مقعد نيابي منه، خصوصًا أن ناجي نال 4152 صوتًا تفضيلياً، وهو ضعف الأصوات التفضيلية التي نالتها جمالي آنذاك، البالغة 2066 صوتًا.
حلم رئاسة الحكومة
يدرك كثيرون أن كرامي لم يهدأ يومًا بعد انتخابات 2018 بالترويج لنفسه كمرشح لأعلى منصب بالدولة لدى الطائفة السنية، وهو رئاسة الحكومة، وكساعٍ لوراثة المنصب عن والده الراحل عمر كرامي وعمه رشيد كرامي وجده عبد الحميد كرامي. وفي كل مرة، كان يلوح حزب الله بطريقة غير مباشرة أن لديه مرشحين من حلفائه لرئاسة الحكومة، عندما يتعذر التوافق مع الحريري وغيره، كان يبرز اسمه.
ويربط البعض عدم تمكن حزب الله من إيصال كرامي لهذا المنصب، أنه يتطلب توافقا سنيًا، يتعذر تحقيقه في طائفة ترفض سلطتها الدينية والسياسية ورؤساء حكوماتها السابقين ترشيح من تتهمهم بالتحالف مع حزب الله ومن خلفه إيران، وباعتبار أن شخصية مثل كرامي لن تحظى بغطاء دولي وعربي وخليجي، وفي طليعتها السعودية.
واللافت أن كرامي في الأشهر الأخيرة، حاول الانفتاح على السعودية، عبر لقاءاته مع سفيرها وليد البخاري، وحاول تظهير تطور علاقته مع تركيا وزيارتها مرات عدة لعقد لقاءات سياسية فيها، من دون أن تثمر جميعها عن أي نتيجة؛ نظرًا لعجزه، برأي كثيرين، عن تغطية ارتباطه الإيراني.
هذا الواقع، جعل رئاسة الحكومة كحلم مستحيل لدى كرامي، مقابل الرهان على تطورات مستقبلية، قد تجعل منه مرشحًا تلقائيًا بقوة الأمر الواقع لدى حزب الله، إذا توجّه نحو سياسة التحدي والمواجهة.
كيف يتحضر كرامي لانتخابات 2022؟
يؤكد كرامي في حديثه لـ"المدن"، أنه يستعد لخوض الانتخابات، وينكب على نسج التفاهمات مع حلفائه الثابتين شمالًا.
ويتطلع كرامي لضرورة إحياء علاقته مع النائب جهاد الصمد، نظرًا للمصلحة الانتخابية المتبادلة بينهما، وحاجة كل طرف أن يكون رافعة للآخر في الدائرة السنّية. ويقول عن الصمد: "لا أرى إلا أننا سويًا كتفا لكتف بالاستحقاقات والقضايا الأساسية، ولا يمكن أن نكون بوجه بعضنا".
ويشير كرامي إلى مفاوضات مستجدة مع قوى أخرى شمالًا لم يسمها، مكتفيًا بالقول أنها تجمعه معها المعركة ضد الفساد والسلطة! فـ"مهما اختلف كثيرون معنا بالسياسة، لا أحد يمكن نكران أن آل كرامي لم يتورطوا يوما بملفات فساد، ونعمل بوضوح في السلطة كما في المعارضة".
بين ميقاتي والحريري
وعن إمكانية نسج تحالف انتخابي مع الرئيس نجيب ميقاتي، يوضح كرامي أن ثمة تواصلاً ودياً ودائماً يجمعهما، "لكن تحالفنا الانتخابي مستبعد. وفي هذا القانون الانتخابي، لا مصلحة بالتحالف مع تيارات لديها أصوات تأخذ من أصواتنا التفضيلية".
ويوضح كرامي أنه لا يكترث للأحاديث عن احتمال عزوف الرئيس سعد الحريري عن الترشح للانتخابات، ولا يسعى للاستفادة من الفراغ المحتمل لدى الطائفة السنية. وقال: "لا شيء مشتركاً يجمعنا مع تيار المستقبل، لا ماضيًا ولا حاضرًا ولا مستقبلًا"
وحتى التقاطع بينه وبين المستقبل على دعم ترشيح الفائزة ماري تيريز القوال لمنصب نقيب في انتخابات نقابة المحامين في طرابلس والشمال، فيضعها كرامي في خانة التقاطع مع فرنجية ودعمه المطلق لمرشحته.
بين باسيل وفرنجية
مسيحيًا، ورغم العلاقة التي تربط كرامي مع رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، الحليف المسيحي الأول لحزب الله، يؤكد كرامي أن سليمان فرنجية يبقى حليفًا تاريخيًا لآل كرامي، "ونتبادل الدعم بمختلف الاستحقاقات المصيرية".
وفي المناطق المسيحية مثل زغرتا والكورة، فإن جزءًا كبيرًا من سنّة هاتين المنطقتين، وفق كرامي، هم من المؤيدين له، و"هم أقرب لفرنجية، ويدعمونه بالانتخابات، ولم يتخلَ عنهم على مستوى الخدمات".
ثم يوضح كرامي أنه ليس على خصومة مع باسيل، "بل أتمنى أن يجمعه الود والتقارب مع فرنجية، لقطع الطريق على حزب القوات اللبنانية بدائرتنا".
ويعتبر كرامي أن الحديث عن وجود القوات في طرابلس، خصمه التاريخي، مبالغ به، مردفاً أن طرابلس "مدينة منفتحة على كل التيارات، ويمكن لأي أحد الانخراط بديناميتها السياسية والانتخابات تحدد حجم كل طرف".
وقال: "مر علينا في طرابلس تيارات سياسية كثيرة، لم يلغِ أحد بيت كرامي السياسي، بل بعضهم ذهب، وآخرون تزعزعوا، ونحن بقينا".
المال السياسي
يعترف كرامي أن ثمة تحديات مالية واقتصادية واجتماعية كبرى، واصفًا نفسه بـ"المحظوظ"، "لأننا عائلة لم تبن أمجادها على المال السياسي". وأردف أن ماكينتهم الانتخابية خلافًا للآخرين في طرابلس، لا تكلفهم كثيرًا، و"لا ندفع المال كي ينتخبنا أحد"، وشعاره الشخصي "صوتك فيصل"، بانتظار "بناء شعارات وعناوين للائحتنا المقبلة بالتوافق مع جميع الحلفاء".