"القوات"-"الاشتراكي": تحالف الضرورة... على أنقاض "المستقبل"
كتبت كلير شكر في نداء الوطن:
تفضّل القوى السياسية التعامل مع الاستحقاق النيابي على قاعدة أنّه حاصل في موعده... إلّا اذا. تلك الـ»إلّا إذا»، لا تزال حاضرة بقوّة، وهي في الحسبان المأمول. الأكيد أنّ أياً من هذه القوى لا يملك الجرأة للخروج مطالباً بالتأجيل، أو بفتح الباب أمام أي مخرج من شأنه أن يبعد هذه الكأس لبعض الوقت، مع العلم أنّ معظم هذه الأطراف يفضّل عدم الخضوع لهذا الاختبار في ضوء عاملين بارزين: انخفاض نسبة المشاركة لدى كلّ الطوائف، وتراجع شعبية هذه الأحزاب والتيارات، لمصلحة «لا أحد».
ولكن الواقعية تقتضي الاستعداد للانتخابات طالما أنّ السيناريو البديل غير متوفر أو غير جاهز، وقد يحلّ موعد 15 أيار على غفلة. ولهذا، تتعامل القوى السياسية مع فرضية فتح صناديق الاقتراع في موعدها، على أنّها المرجحة، بانتظار «فرج ما» لا يزال مجهول المصدر، خصوصاً اذا تمسّكت الدول الغربية، وتحديداً باريس وواشنطن بموقفها الداعي لاحترام المواعيد الدستورية، ولو أنّ المؤشرات الميدانية تدلّ على أنّ معمودية الصناديق لن تأتي بالانقلاب الانتخابي الموعود.
على هذا الأساس، يكثّف «الحزب التقدمي الاشتراكي» من حراكه الانتخابي، بعدما أعطى رئيسه وليد جنبلاط الضوء الأخضر لختم قرار رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري بالانكفاء، بالشمع الأحمر. لم يقف الزعيم الدرزي كثيراً عند الأسباب التي أملت على الحريري «الابتعاد الاضطراري»، معتبراً أنّ «الحريري قد يعود وقد لا يعود إلى العمل السياسي... قراره بالتعليق فقط ليس نهائيّاً»، معلناً «الاستمرار في العمل السياسي أنا وتيمور، ولن نقفل باب المختارة»، قائلاً: «لسعد الحريري ظروف خاصّة جدّاً، ونحن ليست لدينا الظروف نفسها».
ولأنّ الغموض يلف الحاضنة السنيّة التي لا تزال في حالة ارباك وضياع بعد قرار الحريري، كان لا بدّ بالنسبة للاشتراكيين، من حجز الحليف المسيحي في الجبل وبعبدا والبقاع الغربي. فكان التنسيق المباشر مع معراب، حيث التقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب عضوي «اللقاء الديمقراطي» النائبين اكرم شهيب ووائل أبو فاعور، موفدين من جنبلاط، وذلك بغية التنسيق الانتخابي بين ماكينتيّ الحزبين، وفلش أوراق الترشيحات الأولية تمهيداً للاتفاق على مكونات اللوائح في الدوائر الثلاث الأساسية، والعمل على احتضان البيئة السنيّة.
مبدئياً، ثمة ثلاث دوائر أساسية هي قيد المراجعة الثنائية: الشوف-عاليه، بعبدا والبقاع الغربي، في حين أنّ بقية الدوائر- التماس، كالمتن (سجل الاستحقاق السابق مشاركة 1041 صوتاً تفضيلياً درزياً نال منها ادي أبي اللمع 173 صوتاً)، وزحلة (سجل الاستحقاق السابق مشاركة 521 صوتاً تفضيلياً نال منها جورج عقيص 51 صوتاً)، قد تكون بمثابة دعائم للتفاهم حيث يمكن لـ»الحزب التقدمي» أن «يتبرّع» بأصواته لمصلحة مرشحي «القوات»، أو بيروت الثانية حيث يمكن لـ»القوات» أن تجيّر أصواتها للمرشح «الاشتراكي».
في التفصيل، يتبيّن أنّه في الشوف، لا يزال جورج عدوان مرشحاً، في حين أنّ البحث يتناول المقعدين المارونيين والمقعد الكاثوليكي، حيث يميل «الاشتراكي» الى ترشيح حبوبة عون في حين أنّ النقاش لا يزال قائماً حول المقعدين المتبقيين. أما في عاليه، فتميل «القوات» إلى تسمية اميل مكرزل، فيما سيكون راجي السعد تقاطعاً بين الحزبين. أما في بعبدا، فسيكون بيار أبو عاصي مرشحاً من جديد إلى جانب هادي أبو الحسن، وتميل «القوات» إلى تسمية كميل شمعون. أما في البقاع الغربي، فلا يزال الاسمان المسيحيان، اللذان سينضمان إلى وائل أبو فاعور، قيد البحث.
في السياسة، أبقت «القوات» طوال الفترة الماضية، وعلى الرغم من تقلبات «البيك»، على علاقتها بـ»الاشتراكي» على موجة الاستقرار، وتجنّبت خوض أي اشتباك مع جنبلاط، مع العلم أنّ الأخير لم يتردد بين الحين والآخر في ممارسة سياسة «النكوعة»، كأن يقول مثلاً في احدى مقابلاته التلفزيونية إنّ «أي شخص من أي طائفة يفكر في مغامرة عسكرية هو مجنون»، وقد فهم من هذا الكلام أنّ المقصود هو جعجع خصوصاً وأنّ هذا التلميح جاء بعد تسريب كلام نُقل عنه بعد عشاء جمعه برئيس حزب «القوات»، عن امتلاك الأخير «15 ألف مقاتل، ونحن قادرون على مواجهة الحزب الذي بات يعاني من ضعف كبير، نتيجة الأوضاع في لبنان وفي الإقليم»... أو كأن يُنقل عنه قوله: «هيدا اللي قاعد ع التّلة مرتاح ع وضعه، علاقته ممتازة مع السعودية وما بعرف على شو مراهنين عليه»، ليعود ويغرّد معتذراً «على اثر تسريب كلام مجتزأ قلته في اجتماع عام والذي يشكل اساءة لاطراف داخلية ودول عربية، فانني اقدم اعتذاري واتمنى ان يكون هذا التوضيح كافياً لجلاء اي ملابسات».