"القوات" و"التيار البرتقالي": لا أحد يرث الحريري
كتبت هيام طوق في لبنان الكبير:
كان الرئيس سعد الحريري واضحاً حين أعلن انه علّق وتياره الأزرق العمل السياسي مما يعني ان الانسحاب مرحلي وليس كاملا ودائما من الحياة السياسية، ولعل ما قاله في دردشة مع الصحافيين عن ان "بعض المرات يجب أن يخطو الشخص خطوة الى الوراء ليعود ويتقدم الى الامام" خير دليل على ان هذا التموضع الجديد هدفه اعادة رص الصفوف ورسم الخطوط العريضة لاتباع نهج سياسي يتناسب والمرحلة.
في هذه الأثناء، اشتعلت حرب اعلامية بين حزب "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل" إثر تصريح رئيس الحزب سمير جعجع الذي قال: "نقدّر الاصدقاء والاخوة في تيار المستقبل، ونصرّ على التنسيق معهم ومع كل ابناء الطائفة السنّية في لبنان ومع كل المخلصين والمؤمنين في الطوائف الأخرى بالقضية اللبنانية"، إذ توالت الردود والردود المضادة من قبل الطرفين على وسائل التواصل الاجتماعي فاعتبر البعض ان "موقف جعجع خبيث ويحاول الظهور بمظهر الحريص والمحب لتيار المستقبل، لكنه متورط حتى النخاع في طعن التيار ورئيسه".
ووظّف رئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل قرار الحريري لشن هجوم على جعجع حيث غرّد قائلا: " في حدا اختار يتعاقب حتى يمنع الحرب الاهلية، وفي حدا وافق ينسحب حتى ما يسمح بالحرب الأهلية، بس في حدا مصمّم يعمل الحرب"، مما استدعى ردودا من قبل "القوات"، ومنها رد رئيس جهاز العلاقات الخارجية في "القوات" الوزير السابق ريشار قيومجيان الذي قال: " أحد الصغار الصغار مهووس بتعابير الحرب الأهلية والفتنة والميليشيا".
وبعيدا عن الأجواء المتشنجة والحامية إعلاميا، يسيطر منخفض شديد البرودة، مليء بكل أنواع موجات الصقيع على العلاقات بين الأطراف مما دفع كثيرون الى الحديث عن سيناريو مفاده ان الجهتين الأكثر تمثيلا على الساحة المسيحية "القوات" و"الوطني الحر" يعملان على توظيف اعلان الرئيس الحريري تعليقه العمل السياسي لمصلحتهما انتخابيا بمعنى محاولتهما استمالة القواعد السنّية لملء فراغ مقاعد نواب "المستقبل"، وانه يجري في الكواليس، التنسيق مع شخصيات سنّية لبناء تحالفات انتخابية.
واكيم: لا يجوز الانجرار وراء محاولة شرذمة القوة السيادية
أكد النائب عماد واكيم في حديث لـ "لبنان الكبير" ان "رئيس حزب القوات لا يريد لا من قريب ولا من بعيد ان يحل محل أي حزب أو تيار، وكل ما يشاع في هذا الاطار لا اساس له من الصحة. نحن وتيار المستقبل كنا في الخندق عينه، خندق 14 آذار. والكل يعلم انه كان هناك بعض الاختلاف في وجهات النظر حول طريقة ادارة الملفات السياسية، لكننا متفقون على قيام الدولة وحصر السلاح بمؤسسة الجيش، لافتا الى انه حين كنا نحضر للانتخابات وقبل اعلان الرئيس الحريري عن تعليقه العمل السياسي، قلنا اننا راغبون في الجلوس مع المستقبل لمعالجة نقاط الاختلاف لأننا مقتنعون اننا نلتقي واياهم على الهدف السياسي".
وتابع: "نحن والمستقبل في توجه سياسي واحد، لكن الرئيس الحريري اختار طريقته في المواجهة، ونحن لدينا طريقتنا في استكمال العمل السياسي لبناء الدولة التي نحلم بها. ونمد يدنا لأي طرف من أي طائفة كان لاستكمال مسيرة تحرير لبنان من الهيمنة الايرانية خصوصا ان كيان لبنان أصبح مهددا، ولم تعد المسايرة تجدي نفعا بل المجابهة، وهذا ما نقوم به. لكن الاختلاف في طريقة المجابهة لا يعني اننا مختلفون مع الرئيس الحريري وتيار المستقبل الذي خضنا معه معارك سيادية".
وأكد ان "كلام جعجع فُسّر بطريقة خاطئة، لينطلق حزب الله في التطبيل وباسيل بالتزمير من خلال حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي وكأنهما باتا المدافعين والمحبّين للرئيس الحريري والقوات تطعن به. الرئيس الحريري يعرف كيف يدافع عن نفسه، ونحن معروفون اننا لا نتعامل بخبثنة، ولا نطعن في الظهر خصوصا اذا كان تيار المستقبل الذي يجمعنا معه دماء 14 آذار".
وشدد واكيم على ان "حزب القوات لا يريد ان يرث أحدا بل يقاتل على مستوى الوطن، ويريد مؤازرة كل السياديين من مختلف الطوائف لخوض المعركة السيادية، متمنيا على جمهور المستقبل ان يعرف الى اين يجب التصويب لأن القوات لا تريد إزاحة الرئيس الحريري انما السياسات التي يتبعها حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر. هناك من يحاول شرذمة القوة السيادية، ولا يجوز الانجرار وراءها".
درغام: لا نعمل على ملء الفراغ الذي تركه الحريري
وأسف النائب أسعد درغام "لأن الرئيس الحريري علّق مشاركته السياسية لأنه شئنا أو أبينا الرئيس الحريري هو الذي يمثل القاعدة الاكبر سنّيا، ونحن دوما ندعو الى احترام اختيار الطوائف لزعمائها. وبالتالي، لا نعمل على ملء الفراغ الذي تركه الرئيس الحريري على الساحة السياسية، ولا أعتقد ان أي طرف يمكنه ملء هذا الفراغ، مشددا على اننا الى جانب كل طائفة تشعر بالاحباط، ونتمنى اعادة النظر في موقف الحريري والعودة للمشاركة في الانتخابات النيابية وعدم تهميش أي مكوّن أساسي خصوصا ان كتلة المستقبل النيابية تمثل القسم الاكبر من المكون السنّي".
وأشار الى "اننا في عز التفاهم مع المستقبل، شكلنا لوائحا فيها أسماء من الطائفة السنّية اذ ان المصلحة الانتخابية تقتضي التحالف والتواصل مع الجميع لكن هذا لا يعني الغاء للتيار الازرق".
وعما اذا كانت مواقف باسيل أول من أمس في توقيتها ومضامنيها هدفت الى تسعير فتيل المواجهة بين "التيار الازرق" و"القوات"، قال درغام: "البلد يغرق وكلنا في المركب عينه، وبالتالي ان كل ذلك تحليل، ونحن نعبّر عن رأينا بكل حرية وصدق، ولا يجوز ان يشعر أي مكون لبناني بالاحباط وبانه مستهدف".
ورأى درغام ان "المطلوب اليوم في هذه الظروف ان يمارس كل طرف حياته السياسية والانتخابية والتحالفية لكن ضمن نطاق التفاهم والاتفاق على القضايا الكبرى خصوصا فيما يتعلق بالورقة التي طرحها الوزير الكويتي ليأتي الموقف اللبناني موحدا لأن ما يحاك للبنان يدعو الى القلق الشديد".