الكتائب تستعد لانتخابات 2022.. وبانتظار نضج المعارضين
في البلد عناوين عديدة تسيطر على المشهد. الأزمة السياسية في تشكيل الحكومة، الأزمة الاقتصادية في البطالة والعوز، الأزمة المالية في انهيار سعر الليرة، الأزمة الطبية في انقطاع الدواء، الأزمة الحياتية في انعدام البنزين والمحروقات. وكل هذه الأزمات، ومعالجتها، يربط في ما بينها عنوان واحد: الانتخابات النيابية.
الانتخابات التشريعة، المفترضة في أيار 2022، هي عمود فقري لتحرّك القوى السياسية اليوم، تحديداً تلك التي تشكّل السلطة العاجزة عن إدارة الأزمات وتقديم الحلول. فتخرج، في السياسة والإعلام، سلّة من الاقتراحات لتدعّي مساعدة المواطنين في محنتهم. منها البطاقة التمويلية، ومنها جرّ البنزين والمحروقات من إيران، والأكثر فضائحية فيها صناديق الإعاشة. كل هذه الحلول المقترحة، ليست سوى مواد دعائية انتخابية، تريد منها أحزاب السلطة وزعاماتها، القول للناخبين إننا هنا، نشعر بكم وبذلّكم.
الجهة المعارضة
في الجهة المعارضة، أحزاب 17 تشرين ومجموعات وجبهاتها المتعدّدة والمتنوّعة، أطلقت نقاشاتها الانتخابية. لا قدرة لها على توزيع كراتين إعاشة مزيّنة بشعار حزب أو مجموعة. ولا ماكينات سياسية فيها تطرح عقوداً مع دول لاستيراد البنزين، ولا سعي إلى شراء أصوات وذمم من خلال بطاقات تمويلية. في نقاشات هذه الجبهات، عنوان جامع يتحدّث عن "توحيد الجبهات، أقلّه انتخابياً". فيبدأ البحث عن أرضيات مشتركة وتقاطعات يمكن أن تسمح بحدّ أدنى من التنسيق والتواصل، بغية التوصل إلى صيغ انتخابية واحدة. كل هذه النقاشات وهذه الفرضيات، لا تزال في خطواتها الأولى. وقد يكون من المبكر اليوم الحديث عنها. لكن لحزب الكتائب وجهة نظر أخرى.
إعداد انتخابي
في اتصال مع "المدن"، يؤكد أمين عام حزب الكتائب، سيرج داغر، أنّ "الحزب بدأ الورشة الانتخابية". وتعني العبارة أنّ الكتائبيين باشروا الإعداد للانتخابات من خلال محاور عدّة، "في إعداد البرنامج الانتخابي، في النقاش بالتحالفات في كل لبنان، في دراسات واستطلاعات الرأي، في فرز القوة الناخبة وغيرها من المحاور". العمل بدأ، وفقاً للقانون الانتخابي المعمول به، المنقسم بين نسبية مزيّفة وصوت تفضيلي يتيم. وهنا يضع الكتائبيون ملاحظة أخرى حول اقتراع المغتربين "لجهة اختزال كل قارّة بمقعد واحد، بحيث يمثّل ملايين اللبنانيين بنائب، في حين أنه يحق للمقيمين بانتخاب قوائم انتخابية بأكملها".
ثمن وثمار
لا يزال من المبكر الحديث عن مرشّحين وتحالفات، بحسب ما يقول داغر، إلا أنّ "الثابت أنّ الكتائب سيكون خارج تحالفات قوى السلطة وأحزابها، وإلى جانب قوى التغيير من مجموعات الثورة والشخصيات المستقلّة والنواب المستقيلين". لن ترمي قيادة حزب الكتائب ما جمعته في رصيدها طوال السنوات الخمس الماضية من معارضة السلطة والمنظومة في برميل قمامة. رئيس الحزب، سامي الجميّل، فتح باب مقرّه الرسمي للناس خلال التحرّكات الشعبية. لجأ إليه المئات للحماية من عناصر الأمن والشبيحة. دفع ثمناً باهظاً في الانتخابات الأخيرة لجهة انخفاض عدد أعضاء كتلته. جلس في المعارضة وقدّم النقد والتساؤلات.. ومن حقه اليوم قطف ما زرعه طوال السنوات الماضية.
عقبات.. نفسية
على ما يقول داغر، فإنّ "تواصل الحزب مع المجموعات وقوى التغيير والنواب المستقيلين والشخصيات المستقلة في المناطق قائم، وكل هذا ضمن عنوانين ثابتين: الإصلاح والسيادة". ربما من شأن العبارة الأخيرة أن تلخّص جزءاً من السياق السياسي والانتخابي الذي ستعيشه أجواء 17 تشرين في الأشهر المقبلة. وفي هذا الإطار، من البديهي القول إنه لا عتب على الكتائبيين. دعوا مجموعات وأحزاب للقاءات، ناقشوها، فتحوا أبواب التواصل مع كل من وما يلزم. لكن إلى الآن ثمة عقبات عند بعض "أعداء" الأمس. والحريّ القول إنّه لدى بعض الأطراف عِقد، أغلبها نفسي، في تجاوز تاريخ دموي تخطتّه النسخة الكتائبية التي صاغها رئيس الحزب سامي الجميّل طوال السنوات الماضية.
في الجوّ الكتائبي الرسمي وغير الرسمي، تأكيد على تبنّي المرشحّين المعارضين للمنظومة الحاكمة، وسعي إلى استمرار التواصل والتنسيق بين مختلف تيارات 17 تشرين. لا تزال كل هذه النقاشات في بداياتها. إذ أنّ الكلام الفعلي لم يبدأ بعد.
المصدر: موقع المدن