المقعد الدرزي ببيروت: طمع إرسلان به يُسقِطُه في عاليه
الممانعة الدرزية
لم تتبلور بعد الصورة في بيروت الثانية، وهي تتخّذ طابعاً مغايراً لما كانت عليه في السنوات السابقة، خصوصاً من ناحية تيار المستقبل، الذي ما زال يعتبر، رغم تخبّطه الداخلي، القوة السنيّة الأكبر والأكثر تأثيراً. لكن عدم اتضاح الصورة يمنح حزب الله فرصة ذهبية يسعى لخطفها: أن يشكل مقعد بيروت الدرزي "ممانعة درزية"، حسبما أفاد مصدر مطّلع على الانتخابات النيابية.
فرئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان يعمل على "سلب" المقعد الدرزي في بيروت من غريمه الاشتراكي الجنبلاطي، ويدعمه في ذلك حزب الله، فيما يعمل وئام وهّاب وأرسلان والتيار العوني على تشكيل لوائح موحدة في الانتخابات المقبلة. والالتفاف أو التحالف بين الدروز المقرّبين من حزب الله ومن التّيار العوني حليف حزب الله المسيحي، قد يشكّل ثمرة ناجحة في انتزاع المقعد الدرزي البيروتي.
أمّا المرشّح المطروح والذي يحظى بدعمٍ من الجهات المذكورة أعلاه، فهو صالح الغريب. واليوم هناك حرص من هذه الأطراف على عدم تكرار خطأ انتخابات 2018: طعن حزب الله لوئام وهّاب. فالمكاسب هذه المرّة تعتبر مبدئية بغية تشكيل ممانعة درزية في البرلمان اللبناني.
اختلاف المعايير
يختلف الواقع السياسي بين الحزب التقدّمي الاشتراكي وحزب الله في هذه الآونة. فيوضّح مصدر مقرّب من الحزب الاشتراكي أن لا توافق بين الطرفين، بسبب الخلاف السياسي القائم. لذا، فقد تتخذ المعركة السياسية شكلاً مغايراً.
ففي عام 2018 كانت هناك "إلفة سياسية" بين الاثنين، فتجنّب حزب الله طرح اسم للمقعد الدرزي في بيروت، ليفسح المجال للاشتراكي كي ينجح فيصل الصايغ، علماً أنه كان بعيداً عن الحاصل الانتخابي الذي تجاوز 60 ألفاً.
أمّا في الاستحقاق الانتخابي المقبل، فقد سارع حزب الله إلى طرح اسم الوزير السّابق صالح الغريب، ليقوي معارضي السياسة الجنبلاطية. وحسب المصدر المقرّب من الاشتراكي، تشهد الانتخابات للمرة الأولى تحالفات درزية من خارج عباءة جنبلاط.
وشدّد المصدر على أنّ الإصرار على خوض المعركة بهذا الأسلوب، سيجعلها تتّخذ منحىً شخصّياً، بسبب الخلافات الشخصية في عاليه بين أرسلان ونائب الحزب التقدّمي الاشتراكي أكرم شهيّب. وعليه، فمن المؤكّد أن الأمور ستؤول إلى تطوّرات لم يعتد عليها الطرف الآخر منذ زمن.
بين بيروت والجبل
ووفقاً لما قاله الباحث في الشؤون الانتخابية مروان الأيوبي لـ"المدن"، فإنّ طريق المقعد الدرزي في عاليه يمرّ من بيروت الثانية لا محالة، نظراً للموازين المتباينة. ويشير الأيوبي إلى أنّ الكيدية السياسية ستكون عالية السقف، لا سيّما مع تراجع تيار المستقبل الذي قد تنكفئ أصواته في بيروت، فيقطف حزب الله الثمرة بمنحه المقعد الدرزي لأرسلان.
وجنبلاط عادة ما يبقي لإرسلان مقعداً فارغاً في الجبل، احتراماً للروابط العائلية الجنبلاطية الأرسلانية. لكن التراجع في بيروت قد يدفع التقدّمي الاشتراكي إلى سلب هذا المقعد من أرسلان، بغية تعويض الخسارة في بيروت من جهة، وردّ الكيدية السياسية، وهي الأساس، من جهة ثانية.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ ذلك رهن ترشّح أكرم شهيّب إلى الانتخابات في قضاء عاليه. ومن المرجّح عزوفه عنها، ما يفسح المجال أمام جنبلاط لطرح درزيين يخطفان الحاصل من أرسلان، فيخسر بذلك مقعده النيابي.
تحالف مع المستقبل
ويلجأ الاشتراكي إلى التحالف مع تيار المستقبل في بيروت، ليبقى على المبدأ المقدس منذ العام 1992. وحسب الأيوبي ومصدر مقرّب من تيار المستبقل، يحرص الاشتراكي على هذا التحالف أكثر من أي وقت مضى، إذ بات جليَاً أنه يريد مواجهة حزب الله سياسياً في الانتخابات.
ويؤكّد مصدر مقرّب من الحزب الاشتراكي أنّه لا بدّ من هذا التحالف، حتى لو كان تيار المستقبل في حيرة من أمره حيال عزوف رئيسه سعد الحريري عن المعركة الانتخابية أو خوضها. وانطلاقاً من عزم الاشتراكي على حسم التحالف، أوفد جبنلاط نجله تيمور بصحبة الوزير السّابق وائل أبو فاعور إلى أبو ظبي لإقناع الحريري بالعودة إلى لبنان.
وشدّد المصدر الاشتراكي على أنّ جوهر التحالف مع المستقبل يعود إلى حضوره السّني الملحوظ في هذه الدائرة، لافتاً الى أنّ الأصوات الدرزية محدودة، ولا بدّ من التحالف مع قوى وازنة، وبالطبّع لا تحالف مع حزب الله.
وعن إمكان الانضمام إلى المخزومي، يعتقد الأيّوبي أن هذا الأمر بعيد المنال. فليس من توافق سياسي بين الطرفين، كما أن المخزومي لم يحسم أمره ولا تحالفاته، ولا يستطيع أنّ يؤمّن أكثر من حاصل في الوضع السياسي والانتخابي الراهن.