الهرمل - بعلبك: "حزب الله" محشور والمعارضة تتوسع
كتبت فاطمة حوحو في موقع لبنان الكبير:
لا تزال صورة الوضع الانتخابي في دائرة بعلبك - الهرمل يلفها الغموض كما هي الحال في مختلف الدوائر، وسط تخوف من تطيير الانتخابات او تمديد المجلس الحالي، وهناك حالة انتظار لدى قوى المعارضة ليتبين الخيط الأسود من الأبيض ومعرفة توجهات الأحزاب المؤثرة مثل القوات اللبنانية والمستقبل وغيرهما، إضافة الى معارضي ثنائي امل - حزب الله من الطائفة الشيعية سواء شخصيات سياسية أو دينية أو مجتمع مدني، والعشائر والأحزاب التقليدية وعلى الخط الجديد المجموعات التي ولدت من رحم ثورة 17 تشرين.
وحسب متابعين فان" القوات ما زالت تحافظ على موقعها المتقدم في هذه الدائرة وقد زادت شعبيتها في المنطقة بعد أحداث عين الرمانة، وأهالي القرى المسيحية في القاع ودير الأحمر ورأس بعلبك وغيرهم عانوا في السابق من التهجير اثناء الحرب الاهلية وكانوا في بيروت ملتفين حول حزب القوات، فالمقعد الماروني لا يمكن ان يذهب لغيره، اما المقعد الكاثوليكي فهو خاضع للمزاج لكن دراسات للواقع الانتخابي في المنطقة أشارت الى ان المزاج يميل نحو الثوار، وهو مزاج يقارب المزاج السنّي في المنطقة، لا سيما في بعلبك".
ووفق هؤلاء فإن المزاج الشيعي ما زال على حاله، ويشير المتابعون في قراءة هذا الواقع لــ "لبنان الكبير"، الى "قدرة حزب الله على اقناع الناس بدعايته انه يدافع عن قراهم، ولا سيما ان هذه المنطقة سقط منها "شهداء" في الحرب السورية وتحمّل الأهالي أعباء نتيجة هذه الحرب التي خاضها الحزب، إضافة الى ان أهالي المنطقة مستفيدين من فتح الحدود وعمليات التهريب التي تجري سواء للبشر او للمخدرات وصولا الى البنزين والمازوت وحتى الخبز".
ماذا عن العشائر؟ الواضح ان المزاج العشائري في حالة خلافية، إذ ترى هذه الأوساط ان "حزب الله يحاول تهدئتها واحتواءها، لكن هناك حالة اعتراضية واضحة في الكثير من البلدات، يمكن ان تحدث تغييرا في الانتخابات، حزب الله سلح عشائر ضد أخرى من اجل الحصول على الفريش دولار، وهو لم يجد حلولا لمشكلة الشباب المحكومين بقضايا المخدرات، اما الخدمات الانمائية التي وعدهم بها فلم تؤمن، ويكفي ذكر فضيحة شقيق النائب ايهاب حمادة وخلافه مع آل الحاج حسن على اموال ودولارات كبيرة، من تجارة الكبتاغون، إضافة الى عملية قتل وثأر بين العائلتين. لم يستطع حزب الله حل هذه المشكلات وعادت لتنفجر في وجهه من جديد في حادثة خطف شقيق النائب حمادة واصابته اثناء هروبه". وحسبهم فان "هناك سخط كبير على حزب الله، لا يستثمر من قبل المعارضة التي كان عليها ان تكون حاضرة لتقديم الخدمات مثلا".
وعن حركة امل، ترى الأوساط المتابعة انها "معنية اليوم بتغيير النائب الذي يمثلها أي غازي زعيتر، وتقديم شخصية مقبولة وترضي العشائر، وحتى الآن لا وضوح عما اذا كانت امل ستنسق اللوائح مع حزب الله وكيف ستكون عليها صورة المعارك المقبلة التي سيخوضها الثنائي في هذه المنطقة؟ ماذا سيقدم الثنائي لكسب أصوات الناخبين من شراء الذمم وتقديم خدمات للمنطقة التي كان غائبا عنها، فحتى في عقر دار حزب الله في بريتال كانت حركة الاعتراض في الثورة واضحة، وقاموا بنشاط فعال استدعى تدخلا من العشائر بعد محاولة حزب الله اخماد التحرك، وكذلك الامر في بلدة علي النهري يوم خطاب نائب الحزب أنور جمعة وحالة رفض الشباب التي قابلها بالشكوى ضدهم، إضافة الى مشكلة كورونا حيث لم يؤمن حزب الله للناس أي شيء، ولا سيما في تجهيز المستشفيات التي عانت من فقدان المواد الاساسية".
قد يقول البعض ان الناس كانت تستفيد من عمليات التهريب المستمر التي تجري بحماية الحزب وبشراكة مع الفرقة الرابعة التي يرأسها ماهر الأسد، لكن هذه الأوساط تؤكد: "صحيح ان عمليات التهريب تجري على طول الحدود من جبل الشيخ حتى وادي خالد الا ان منطقة الهرمل هي الأكثر نشاطا، أي منطقة القصير - الزيتة - القصر، وقد عرفت مزرعة الشيخ علي بكونها اقوى منطقة تناط فيها عمليات تهريب البشر وهناك من يستفيد من ذلك ومغطى من الحزب، وهناك من استفاد وهناك من لم يستفد من هذه العمليات، وهذا تسبّب بشرخ كبير. كما ان تبني الحزب لترشيح جميل السيد في الانتخابات الماضية وجعله وديعة وضعت تحت لائحة العقوبات لاحقا بتهمة تهريب الأموال وتبييضها ترك انعكاسا سلبيا لدى جمهور الحزب والعشائر وذاعت عبارة حزب الله يحمي الفاسدين".
في العودة الى المزاج السني، ترى هذه الأوساط "ان شعار الثوار "كلن يعني كلن"، دفع السنة الى الشعور بالغبن وانه تم التخلي عنهم، فهم يعتبرون ان تيار المستقبل حاميهم. ونتيجة الحالة التي تعرضوا لها خلال فترة انغماس حزب الله بالحرب السورية، وتعرضهم لابشع موجات التهديد والوعيد واتهامهم بــ "الداعشية" انعكس سلبا، وتوجهوا الى رفض المنظومة الحاكمة وكانوا في مواجهة معها، يعني تحول مزاجهم نحو الانتفاضة لانهم اعتبروا ان التغيير لا يأتي الا من خلال الثورة. وهذه المقاربة قريبة جدا من نظرة الكاثوليك. وبالتالي فان مزاج هاتين الطائفتين سيوثران في مزاج الناخب مستقبلا. ومن هنا التوقعات ان الخرق الذي يمكن ان يحدث هو بنائب سني ونائب ماروني. انما الصراع سيكون على النائب السني الثاني وعلى النائب الكاثوليكي اذا لم تكن هناك قدرة على الخرق بنائب شيعي، وبالتالي المواجهة المباشرة لاضعاف سيطرة حزب الله. والامل فعليا بالمراهنة على اهل بريتال والمنطقة والضواحي وعلى تجمع العشائر. واذا عرفت القوى الاعتراضية ان تسخّر قدراتها وقوتها بهذه المنطقة قد تخرق بنائب شيعي".
وفق هذه التوقعات من هي الشخصية الشيعية القادرة وهل تكون شخصية كلاسيكية تقليدية دوما كانت تخوض الانتخابات وتفشل؟ ام شخصية جديدة لها قدرة على الاجتذاب وتقديم نفسها كشخصية مستقلة معارضة تستطيع خدمة الناس.
ولكن هل تنجح المعارضة الشيعية في ظل الورقة القوية التي يمسكها "الحزب وهي التكليف الشرعي، فهذه قنبلة خطيرة بيد الناس حسب هذه الأوساط، لانه عندما يذهبون الى وضع أصواتهم في صندوق الاقتراع وهم مكلفين شرعيا تسقط كل عملية ديموقراطية".
أخيرا وعلى الرغم من التحليلات المتفائلة نوعا ما، تبقى اضاءة المعارضة على مرشحيها المحتملين ضرورية ولا بد للثوار ان يقدموا أيضا أسماء شخصيات مرشحة باسمهم جديدة ولامعة من اجل النجاح في اختراق لائحة الثنائي.