انتخابات بعبدا: باسيل يلحس مبْرد حركة "أمل"
النضج السياسي
ثمة مفاوضات مكوكية تجرى بين مجموعات وقوى المعارضة في كل لبنان للخروج بصيغة مشتركة لخوض الانتخابات، لكنها ما زالت تراوح مكانها، ولا مؤشرات بالنجاح وسط الانقسامات المعهودة.
البعض يحرص على "عدم رمي الصبي مع الماء الوسخ" لتشكيل جبهة انتخابية معارضة في كل لبنان، تعطي ثقة للبنانيين للخلاص من قوى السلطة، بينما بعض المجموعات الصغيرة تعيش انتفاخاً بالتمثيل الشعبي وتفرض شروطاً قاسية على الأحزاب المعارضة، التي لديها تمثيل شعبي، ولو ضعيف، لكن موجودة في كل لبنان. وبقاء الأمور على حالها سيؤدي إلى تشتت المعارضة وتشكيل أكثر من لائحة متنافسة في كل لبنان، رغم تأكيد المصادر المطلعة على المفاوضات، بأن الباب ما زال مفتوحاً للتوافق، مشيرة إلى أن المسألة باتت بحاجة إلى "نضج سياسي" وليس وضوحاً ونقاء ثورياً، عند عدد لا بأس به من مجموعات الثورة.
التقاتل على الغلّة
التوجهات السياسية المختلفة للمجموعات وقوى المعارضة التي تحول دون تأسيس جبهة معارضة في لبنان ما زالت عينها منذ 17 تشرين. وأتت الانتخابات بالقانون الحالي لتزيدها عمقاً. البعض يغلف مواقفه بضرورة الاتفاق على برنامج سياسي ومعايير للتحالف والترشح. لكن في الحقيقة الكل يقيس المسألة على قاعدة من يترشح على هذا المقعد ومن يفوز به، طالما أن طائفية المقاعد تحدد سلفاً أيها الضعيف ويسهل خرقه وأيها القوي ويصعب خرقه. وهذا، بلغة الأمثال يعني وضع الحصان أمام العربة أو التقاتل على الغلّة قبل جني الثمار. وبلغة الانتخابات، يعني تراجع ثقة المواطنين بالمعارضة وضعف المشاركة وتصويت الفئة المترددة للأحزاب القوية، حسب كل دائرة.
تقدم المفاوضات
على مستوى دائرة بعبدا، وبموازاة المفاوضات المكوكية للتوافق على سلة متكاملة في لبنان، تقدمت المفاوضات بين الكتلة الوطنية، التي ترشح ميشال الحلو، والخط التاريخي في التيار الوطني الحر، الذي يرشح نعيم عون ورمزي كنج، وحزب الكتائب اللبنانية لدعم اللائحة وعدم ترشيح حزبي، في حال أفضت المفاوضات بين قوى المعارضة إلى سلة متكاملة في كل لبنان. وهذا يترجم بترك الباب مفتوحاً لانضمام المحامي واصف الحركة إلى اللائحة. وفي حال فشلت المفاوضات، سيرشِّح حزب الكتائب حزبياً، وتتشكل في الدائرة لائحة ثانية أو أكثر.
انخفاض نسبة المشاركة
التقديرات التي تجريها الأحزاب وقوى المعارضة، ترجح انخفاض نسبة الاقتراع إلى 42 بالمئة، أي بتراجع نحو ست نقاط عن العام 2018، في بعبدا. حتى الماكينة الانتخابية لحركة أمل ترجح تراجع نسبة التصويت عند الشيعة وارتفاع نسبة التصويت الاعتراضي. لكن الأمر يتوقف على نوعية المرشحين الذين سيخوضون الانتخابات. وثمة تقديرات بأن يتراجع أصوات الثنائي الشيعي من نحو 20 ألف صوت إلى نحو 18500 صوت. ورغم أن الماكينة الانتخابية لأمل تتعاطى على أساس بقاء مرشحها النائب فادي علامة، وتتعاون معه على هذا الأساس، ألا أن تغيير الوجوه عند الثنائي الشيعي بات محسوماً.
انخفاض نسبة المشاركة ستنعكس بانخفاض الحاصل الانتخابي من نحو 13 ألف صوت في العام 2018 إلى ما دون 12 ألف صوت في الانتخابات المقبلة. وبما أن الاستطلاعات تشير إلى إمكانية حصول المعارضة على مقعد، وتحالف القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي يؤمن مقعديه الحاليين، يصبح الخرق المحتمل في حصة الثنائي الشيعي أو التيار الوطني الحر. فكل طرف منهما، وفق معطيات الانتخابات السابقة، غير قادر على الوصول إلى حاصلين بشكل منفرد (حصلت اللائحة على 40 ألف صوت مناصفة). والتحالف بينهما المرة الماضية أمّن ثلاثة حواصل وكسراً أعلى. وفي ظل تراجع شعبية التيار والتململ الشيعي، ستأكل المعارضة من صحن التيار أكثر من الثنائي الشيعي. لذا، هما بحاجة لتحالف انتخابي في معركة كسر الأصوات لتأمين المقعد الرابع.
معضلة التيار مع الحليف
ووفق مصادر مطلعة بات النائب حكمت ديب خارج معادلة الترشح على لائحة التيار، الذي سيخوض الانتخابات بمرشح أساسي ويبحث عن حلفاء لتشكيل لائحة. لكن المصلحة السياسية والانتخابية تقتضي بقاءه على تحالف العام 2018. لذا، ثمة مداولات لوضع ورقة تفاهم بين أمل والتيار لتهدئة الأجواء وتشكيل لائحة موحدة، بعد كل الخطب والبيانات المتوترة بينهما.
وترى المصادر أن التيار بات أمام معضلة تحالفاته مع الثنائي الشيعي. ففي حال عاد وترشح على لائحة واحدة مع أمل، سيكون محرجاً أكثر وأكثر أمام جمهوره المتبقي، خصوصاً بعد الهجوم الشرس الذي شنه رئيس التيار جبران باسيل ضد رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، والطعنة التي تلقاها باسيل بسقوط طعن التيار بتعديلات قانون الانتخابات أمام المجلس الدستوري.
فهل يستطيع باسيل إقناع جمهوره بالجلوس على لائحة "مع الفاسدين"، كما أشار إليهم في كل خطاباته؟ تسأل المصادر، وتوضح أن "أمل" لن تتأثر بالتحالف، بل سترفع شعبيتها، بينما باسيل سيتعرض للمزيد من الضربات، ومن جمهوره اللصيق أيضاً.