انتخابات رئاسية مبكرة بعد تأجيل الانتخابات النيابية لأشهر ؟
يحتدم الصراع السياسي ببعده الانتخابي. لم يعد بالإمكان التعاطي مع ملف الانتخابات وفق منطق تقني أو سياسي مناطقي. لا بل إن الانتخابات هي الاستحقاق الذي يراهن عليه الجميع، لإعادة تكوين السلطة، وتركيب التسوية بتوازنات جديدة. لذلك، فإن كل الصراعات القائمة حالياً سيكون لها ارتباط بالمعركة الانتخابية وتوازناتها، وسط اهتمام خارجي وتركيز دولي على حصولها أكثر من التركيز الداخلي.
الماكينات تشتغل
داخلياً، يبدو المشهد معقداً جداً، في ظل غياب الرؤية الواضحة لدى الجميع، طالما التضارب ما زال قائماً حول تحديد موعد إجراء الانتخابات، بما أن تكتل “لبنان القوي” يستعد للطعن بالتعديلات التي أقرها المجلس النيابي على قانون الانتخاب. وبمجرّد قبول الطعن يعني أن الانتخابات لن تجري في 27 آذار، وسيتم تأجليها إلى أيار.
على المستوى السياسي أيضاً، كل القوى تترقب بعضها البعض. حزب الله لديه همّ أساسي، وهو استعادة الفوز بالأكثرية النيابية مع حلفائه. ولذلك يريد دعم التيار الوطني الحرّ بشتى السبل.
بدأت الماكينات الانتخابية بالعمل، كما أن الإحصاءات تجري بشكل مكثف. وهي تشير إلى تراجع في شعبية التيار الوطني الحرّ، والذي قد يخسر عدداً من المقاعد. وهنا تقول مصادر متابعة لهذه الإحصاءات، إن بعضها يشير إلى احتمال تناقص عدد كتلة التيار الوطني الحرّ إلى 15 نائباً، مقابل زيادة عدد كتلة القوات إلى 17 أو 18 نائباً، فيما سيكون هناك فوز لعدد من المرشحين المسيحيين المستقلين. كذلك هناك مشكلة كبيرة في البيئة السنّية، في ظل عدم وضوح توجهات تيار المستقبل، وما سيقرره الرئيس سعد الحريري. وهذا سيجعل البيئة السنية خاضعة لتجاذبات كبيرة. صحيح أن ذلك قد يدفع حزب الله إلى التسلل أكثر إلى الطائفة السنّية، ودعم مرشحين تابعين له. ولكن أيضاً في المقابل، ثمة جهات أخرى ستسعى إلى فرض وقائع جديدة سنّياً، ولو بعدد قليل من النواب. وهؤلاء سيكونون غير معروفي التوجهات حتى الآن. ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام لدى الحزب.
مصير رئاسة الجمهورية
إلى جانب كل هذه الحسابات المعقدة، لا بد من النظر إلى الواقع السياسي، والتخوف من احتمال حصول فراغ في موقع رئيس الجمهورية، بحال أجريت الانتخابات النيابية ولم يتمكن المجلس الجديد من انتخاب الرئيس الجديد. كما أن توازنات هذا المجلس الجديد غير معروفة، وليست واضحة المعالم. وبما أن الانتخابات النيابية ستسبق الانتخابات الرئاسية، فإن ذلك سيكرس حال استنفار كبير لدى الطوائف والقوى السياسية، ما سيزيد منسوب التوتر.
لذلك، هناك أفكار بدأ التداول بها في الكواليس، حول اللجوء إلى تأجيل الانتخابات النيابية لمدة 3 أشهر، أو ستة أشهر إذا اقتضت الحاجة، على أن يتم الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية قبل النيابية. وبذلك يتم تخفيف الكثير من الضغوط ومنع التصعيد والتوتر، بعد اضطرار الجميع للذهاب إلى تسوية مبكرة. وثمة من يستند في هذه التجربة إلى ما جرى في العام 1976 عندما انتخب الرئيس الياس سركيس لرئاسة الجمهورية بشكل مبكر.
على أي حال، لا تزال هذه الفكرة مدار تداول بين عدد من القوى السياسية في الداخل. وقد اطلعت عليها جهات ديبلوماسية. وحتى الآن، لا موقف واضحاً بشأنها، فيما تقول مصادر متابعة إنه لا يمكن تغييب مسألة التأثير الخارجي على هذا المسار، خصوصاً مسار التفاوض الإيراني-الأميركي، وما سيكون عليه موقف حزب الله انسجاماً مع هذه التطورات.