انتخابات صوْر-الزهراني: ماء المعارضة بغربال الثنائي الشيعي
ارتفاع نسبة المقاطعة
وتعتبر دائر صور الزهراني من أصعب الدوائر التي يستحيل فيها خرق لائحة الثنائي الشيعي، نظراً لطبيعة توزع القوى. وستكون الانتخابات المقبلة بمثابة اختبار لمدى مرور انتفاضة 17 تشرين في تلك المنطقة المقفلة انتخابياً لحزب الله وحركة أمل، خصوصاً أن الصوت السني والمسيحي، إما مغلوب على أمره أو غير معني بالانتخابات.
ثمة صعوبة لوجستية ومخاوف من إجراء إحصاءات في الجنوب بشكل عام. وبعض الشركات تعمل على إحصاءات لم تنته بعد. لكن تشير بعض الإحصاءات التي أجرتها منصة "نحو الوطن" إلى أن القوى التغييرية قادرة على الوصول إلى حاصل ونصف. لكن هذه الإحصاءات أولية وبحاجة إلى مراجعة. وتبين في الإحصاء أن نسبة التصويت الاعتراضي عند الشيعة قد يصل إلى نحو 15 بالمئة. أما الملفت عند الشيعة في صور الزهراني فهو ارتفاع عدد الرافضين للانتخابات: نحو عشرين بالمئة إجابتهم كانت لا أحد، أو لن يصوتوا لأي طرف. لكن هذه الفئة قد تصوت بغالبيتها لحزب الله، وجزء بسيط منها لقوى التغيير.
توزع المغتربين
على مستوى توزع الناخبين المغتربين (الذين يتبعون الدائرة)، وصل عدد المسجلين إلى نحو 18 ألف ناخب، 80 بالمئة منهم شيعة و15 بالمئة مسيحيين وفقط ثلاثة بالمئة سنّة. ويتركز الصوت الاغترابي في ألمانيا بنحو 3800 ناخب (أكثر الدول التي تنشط فيها حركة أمل)، ثم في الكوت ديفوار 3800 ناخب، ففرنسا وكندا وأميركا بنحو 1100 ناخب، ويتوزع باقي الناخبين على كل الدول الأخرى. علماً أن الغالبية العظمى لناخبي الدائرة يتواجدون في أفريقيا وأوروبا بنحو 7 آلاف ناخب في كل منهما، بما مجموعه 14 ألف ناخب من أصل 18 ألفاً. ثم في أميركا الشمالية بنحو 2200 ناخب، وآسيا بنحو 1700 ناخب. والفرق عن الانتخابات السابقة أنه في العام 2018 تسجل نحو 7900 ناخب، اقترع منهم نحو 4400، وحالياً تسجل نحو 18500 ناخب بزيادة بلغت 132 بالمئة.
المعارضة غير موحدة
في الأسابيع الفائتة تشكل إتلاف يضم مجموعات مثل مجموعة نجم (نبض الجنوب المقاوم، التي تضم شخصيات مستقلة وحزبيين سابقين من كل أحزاب المنطقة) ومنتدى صور الثقافي ومنظمة العمل الشيوعي والحزب الشيوعي ومجموعات مثل لحقي والنوادي العلمانية وشخصيات مستقلة. لكن ليس الجميع متفقاً على رأي موحد. المعضلة عينها في صور هي تلك التي تعيق تشكيل لائحة معارضة موحد في لبنان: رفض المجموعات مشاركة الأحزاب التقليدية. في المقابل ثمة شخصيات تنشط بعيداً عن هذا التجمع وستعلن عن إتلاف انتخابي في دوائر الجنوب الثلاثة في الأيام المقبلة. أما الثنائي الشيعي فبدأ بتحديث لوائحه الانتخابية لتحديد الذين اقترعوا والذين قاطعوا وتصنيف الناخبين، ووضع لائحة بالاحتياجات للعائلات.
مرشحون محتملون
ومن ضمن الأشخاص الذين طُرحت أسماءهم لإمكانية الترشح ضمن الإتلاف المعارض: الطبيب علي عز الدين من مجموعة نجم، والطبيب إبراهيم فرج من منظمة العمل الشيوعي، والدكتور ناصر فران من "المنتدى"، والسفير السابق خليل الخليل أو المحامي ناصر الخليل في صور، وشخصية مستقلة من آل خليفة في الزهراني، إضافة إلى شخصية مسيحية من مغدوشة عن المقعد الكاثوليكي، قادرة على استقطاب أصوات القوات اللبنانية وحزب الكتائب والتيار الوطني الحر.
الصوت المسيحي
التعويل في هذه الدائرة هو على الأصوات المسيحية التي تسكن خارج مدينة صور وخارج الزهراني. لكن لا يمكن الفوز من دون رافعة شيعية، خصوصاً أن الحاصل الانتخابي كان أكثر من 21 ألف صوت في العام 2018.
ووفق المطلعين على التحضيرات الانتخابية في المنطقة، لا يمكن إحداث خرق إلا من خلال انتقاء مرشح مسيحي له حيثية في المنطقة، وقادر على جعل المسيحيين الذين يقطنون خارج المنطقة يصوتون له. فالسنة والمسيحيون في مدينة صور مغلوب على أمرهم، لأن كل أعمالهم ومصالحهم مع حركة أمل. ومعروفون بالاسم وبأي صندوق اقتراع ينتخبون. ورغم أن بعضهم "يهرّب" أصواتاً للمستقلين، لكن غالبية المسيحيين الناخبين يقطنون خارج الدائرة. وفي الانتخابات السابقة حصلت لائحة المعارضة على أصوات مسيحية بسبب انضمام مرشح التيار الوطني الحر إليها.
تراجع نسبة الاقتراع
هذا على مستوى مدينة صور، التي لن يتغير المشهد الانتخابي فيها إلا من خلال كتلة مسيحية وازنة وترشح شخصية لها حيثية بين العائلات الصورية. بينما في قرى القضاء فلا تغيير كبير. قد تحصل مقاطعة طفيفة في هذه القرية أو تلك، لكن موازين القوى القائمة صعبة التبدل. أما بين المغتربين فنشاط قوى المعارضة ما زال ضعيفاً. فالتعويل الأساسي على افريقيا وأوروبا وتحديداً على ألمانيا وساحل العاج، حيث يوجد أكثر من سبعة آلاف ناخب من أصل نحو 14 ألف ناخب على مستوى القارتين. لكن في ألمانيا، ماكينة حركة أمل تعتبر الأكثر نشاطاً، وفي أفريقيا مصالح التجار هناك هي مع الثنائي الشيعي.
صعوب خرق لائحة الثنائي الشيعي وعدم توحد المجموعات والقوى السياسية في لائحة مشتركة، وانقسام الشيوعيين بين من يريد الانخراط في الانتخابات ومن يريد المقاطعة، يدفع بعض الناشطين في المنطقة لعدم التفاؤل، لا بل التأكيد أن نسبة المقاطعة سترتفع أكثر هذه المرة.