باسيل مرشحا في البترون وإحجامه "دلع" سياسي... النيابة او النهاية!
جاء في المركزية:
قبل أن تتفاعل "خبرية" عدم ترشح رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في الأوساط السياسية والشعبية جاء الجواب على لسانه "لو عاد الأمر لي لتركت المقعد لمرشح آخر من الخط نفسه". لكن خشية خسارة المقعد الماروني في دائرة الشمال الثالثة، ولإقفال الباب على التأويلات التي يمكن أن تصور تراجعه أو انسحابه من معركة الإنتخابات بأنه خوف من الخسارة... سيترشح!
الترويج لخبر عدم ترشح باسيل عن المقعد الماروني في البترون أو ترشحه في دائرة أخرى لم يقنع الحلفاء ولم يفرح قلوب الأخصام علما أن أصوات المحيطين به في دائرة التيار تمنت عليه عدم خوض الإنتخابات لتفادي الخسارة المتوقعة بحسب مصادر سياسية. وتستند المصادر إلى الإحصاءات التي أجرتها شركات متخصصة بحيث جاءت النتائج "مخيبة" لآمال التيار وحليفه حزب الله. فهل كان خبر انسحاب باسيل من معركة انتخابات 2022 مجرد "دلع"، أم قنبلة موقوتة لدس نبض الشارع واستنباط مواقف السياسيين وحليفه اللدود حزب الله؟
الكاتب والباحث السياسي الياس الزغبي يقرأ أبعاد خبر إحجام باسيل عن الترشح الذي نفاه اليوم في حديث إعلامي ويقول عبر "المركزية" إن "مسألة إقدام باسيل أو إحجامه عن الترشح يرتبطان بشكل وثيق بشخصه. ومعلوم أنه شخص مكابر ولا يتقبل فكرة الهزيمة السياسية ولو كانت معلنة ومكشوفة كما حصل مراراً خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. لكن هذه الصفة الشخصية تصطدم بواقع مأزوم يعانيه في خياراته السياسية بعدما اصطدم بمجمل القوى السياسية ومن بينها ولو جزئياً حليفه الأخير وربما الآخر أي حزب الله".
يضيف الزغبي: "كان من المرجح أن تدفعه هذه الأزمة إلى سلوك الطريق الأصعب أي نقل مكان ترشحه من دائرته الطبيعية أي قضاء البترون ضمن الدائرة الثالثة في الشمال إلى دائرة يستطيع الإعتماد فيها على رافعة هذا الحليف أي في بعبدا مثلا، أو حتى في جزين. إلا أن هذا الإحتمال محفوف بخطر الفشل لسببين: الأول داخلي بفعل معارضة من داخل تياره وتحديداً من النواب الذين يطمحون إلى تكرار انتخابهم في الدوائر التي يفكر بنقل ترشيحه إليها، والسبب الثاني هو عدم ضمانه وارتياحه الكامل لموقف حليفه حزب الله بعد فقدان حماسة قاعدة الحزب بسبب تراكم الصراع بين القاعدتين والذي يتجلى على صفحات التواصل الإجتماعي، وهذا التنافر يجعل أي "تكليف شرعي" من قبل الحزب باتجاه باسيل غير ثابت ولا يؤثر على قبول هذه القاعدة بوضع صوت تفضيلي لباسيل".
قرار باسيل بالترشح في عرينه البترون ليس بدوره الخيار الأسهل. فحتى هناك يواجه مأزقا وهو يدرك ذلك، ولعله لذلك رمى بقنبلة انسحابه للهروب من المواجهة وعدم تأمين الحاصل الإنتخابي. وفي هذا السياق يوضح الزغبي "أن هناك ضغطا مزدوجا يمارسه كل من رئيس النظام السوري بشار الأسد وحزب الله لفرض صيغة تحالف مع الأعداء أي مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والحزب القومي السوري، وهذا ليس بالأمر السهل، فحتى لو نجحا بفرض هذا التحالف فإن حساب بيدر الإنتخابات قد يأتي بفوز فريق المردة والقومي على حسابه شخصيا ويكون كما المثل القائل "يستجير من الرمضاء بالنار".
التبريرات التي ذيِلَت خبر إحجام باسيل عن الترشح تمثلت بإنشغالاته السياسية والذهاب إلى ترتيب بيت "التيار" الداخلي. ولعل فكرة تمثله بالقادة السياسيين الذين لا يترشحون ويتركون الأمر لمرشحين يختارونهم بأنفسهم على غرار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ووليد جنبلاط ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية راودته عن حق... فهل يلعبها باسيل صولد مع حليفه حزب الله لتخريب الإستحقاق والخروج من معركة الإنتخابات بشرف؟
يقول الزغبي "المأزق السياسي الذي تكلمنا عنه آنفا يخفي رغبة دفينة في تخريب الإستحقاق الإنتخابي وتأجيله هروبا من نتائجه الثقيلة على طموحه الشخصي وصولاً إلى معركة رئاسة الجمهورية. وفي هذا الأمر يتقاطع موضوعياَ مع حزب الله الذي يتوجّس بدوره من نتائج هذه الإنتخابات لا سيما بعدما قرأ في نتائج انتخابات العراق وفي إخفاقات المشروع الإيراني". أما مسألة تشبهه بالزعامات السياسية أمثال جعجع وجنبلاط وفرنجية وحتى سعد الحريري فهو أمر غير مقنع "لأنه استمات مرات ثلاث كي يصبح نائبا عن البترون وهو يعتبر أن النيابة هي الطريق المباشر والضروري للرئاسة من هنا لا يصح على جبران ما يصح على سواه" .
من الواضح أن السلوك الأثبت لرئيس تيار العهد، الذهاب إلى السلوك الأثبت، أي الضغط وابتداع المسببات الأمنية والإجتماعية لتأجيل الإنتخابات بالتعاون طبعا مع حليفه حزب الله. والأسابيع القليلة المقبلة ستفرج حتما عن المخرج الذي سيعتمده، لكن يعلم باسيل كما القاصي والداني أن "لا وجود سياسيا لباسيل خارج دائرة العهد المورث، لأنه لا يتمتع بقماشة زعيم أو قائد سياسي. إنما هو مجرد وريث لعهد وحالة وليس صاحب ريادة في السياسة كي يستمر خارج إطار المجلس النيابي... فإذا لم يكن نائباً ينتهي سياسياً" يختم الزغبي.