باسيل يهشّم مرشّحي تياره ويضرب نواته النيابية الصلبة
جاء في المدن:
غالباً ما تستخدم الأحزاب والقوى السياسية أحصنتها لخوض الاستحقاقات المصيرية، في المعارك السياسية والانتخابية الكبرى. فتختار المرشحين الأوائل ليكونوا رأس حربة حزبهم في السباق، وليكونوا النواة الصلبة التي يشتد حولها الزخم الشعبي، في لعبة تحفيز الجماهير الحزبية على العودة والالتفاف حول حزبهم في المعارك الانتخابية. هذا المبدأ الذي اعتمدته غالبية الأحزاب، كالقوات اللبنانية التي تعمل بصمت وتنظيم متماسك، لتقدم للناخبين المرشحين المفترضين في المعارك، وذلك من دون أن تكشف عن آلية اختيارهم، بما فيها من إشكاليات محتملة. وتظهر القوات بمظهر الحزب القوي المنظّم، الذي يعرف ماذا يريد ويعرف أحصنته جيداً ويستعد لخوض أشرس المعارك الانتخابية.
أسود وأبو زيد
هذا الأمر تحديداً لا يفعله التيار الوطني الحر، فتحت عنوان "ديموقراطية الانتخاب"، أجرى رئيسه، النائب جبران باسيل، انتخابات داخلية على مرحلتين، في انتظار إجراء المرحلة الثالثة. انتهت الانتخابات التمهيدية بمرحلتيها الأولى والثانية، بتصدعات داخل الجسم الحزبي، برزت في عدد من الأقضية. وفي المعلومات، حصلت نقاشات حادة بين عدد من المرشحين وباسيل نفسه، حول الخلافات التي أفرزتها الانتخابات الداخلية في الحزب. وصلت هذه الخلافات إلى حدّها الأقصى بين النائب زياد أسود والمرشح الماروني الثاني في جزين، النائب السابق أمل أبو زيد. انتهى الخلاف بين الرجلين بإبلاغ أسود رفضه الترشح على اللائحة نفسها مع أبو زيد. "ما منشبه بعض! كيف سنقول للعونيين أننا على اللائحة نفسها، والكل يعرف المكائد التي نصبت لي كي أسقط في الانتخابات التمهيدية؟". هكذا ينقل مقرّبون عن أسود تعليقه على الاستحقاق المقبل. وتُعدّ الأزمة كبيرة في جزين، مع اتهام أسود أبو زيد برشوة الناخبين والتلاعب بالنتائج عبر التلاعب بالأصوات.
الشوف والمتن
الأزمة بين مرشحي التيار الوطني الحر لا تقتصر على جزين. ارتفع أيضاً صدى خلافات المرشحين في الشوف وعاليه وبعبدا والمتن وكسروان وجبيل. وإن سلّم كثيرون بتقدم النائب آلان عون في بعبدا، إلا أن ذلك لم يمنع الطامحين إلى خوض الانتخابات التمهيدية ليكونوا مرشحين على المقعد الثاني الماروني في القضاء. في الشوف، خلافات ومعارضة لتقدم المرشح عن المقعد الكاثوليكي غسان عطالله، مما أدى إلى تصدع البيت الداخلي.
"بعد المنافسة كل خاسر يذهب إلى زاوية مختلفة، مما يجعل المرشح الرئيسي يخسر عدداً من المجموعات التي تلتف على المرشحين الخاسرين. لا يجوز لهذا أن يحصل في أي حزب يوشك على خوض انتخابات نيابية، فكيف لو كان يخوضها تحت هذا الضغط الشعبي والسياسي؟"، وفقاً لما ينقل مقرّبون من عطالله قوله هذا، في تأكيد على أن ما تعتبره قيادة التيار معركة ديموقراطية، هي فكرة جيدة كعنوان، ولكنها ليست كذلك في الأزمات، مثل التي يعاني منها التيار في هذه المرحلة. كذلك الأمر في عاليه، مع تعرّض المرشح سيزار أبي خليل لمحاولات عرقلة. أما في المتن فالصراع على أشده، في ظلّ معلومات تفيد بحصول التيار على مقعدين مضمونين فقط. وبين النائب ابراهيم كنعان والنائب إيدي معلوف المحبوب عونياً، تنقسم أصوات التيار الوطني الحر، إلا في حال قرر النائب الياس أبو صعب الترشح في اللحظة الأخيرة، علماً أنه لم يخض الانتخابات التمهيدية كزملائه في التكتل. "لماذا لا يخوض أبو صعب الانتخابات الداخلية مثله متل النواب الآخرين؟" سؤال يتردد بين خصوم أبو صعب داخل البيت الواحد، مسبّباً تصدعات داخلية ستظهر حتماً عند إعلان قيادة التيار اضطرارها للتخلي عن أحد المرشحين الأساسيين والأكثر قرباً من القاعدة العونية، وهو معلوف، كما يتحدث مقربون من الواقع المتني الانتخابي.
عازار والبستاني
في كسروان يلمس المقربون من النائب روجيه عازار شعوره بالخذلان، بعد تفضيل الوزيرة السابقة ندى البستاني عليه كمرشحة أساسية للتيار في القضاء. يحاول القيّمون على التيار، إخفاء التوترات الداخلية وهمسات النميمة، تحت ستار "العملية الديموقراطية الشفافة". المشهد نفسه يتكرر في جبيل، مع تعرّض النائب سيمون أبي رميا لحملات اتهمته بالتلاعب بالأصوات والتزوير، بعد تقدمه في المرحلتين الأولى والثانية.
وفي الوقت الذي يعتبر باسيل أنه يقوم باستحقاق داخلي لا يشبه الأحزاب الأخرى، ارتفعت أصوات مقرّبة منه، تحذّره من إحداث مزيد من التصدّعات داخل جسمه الحزبي، تحت عنوان الديموقراطية وحرية الاختيار. وهي في الواقع قد تخفي مصالح خاصة حيناً وتشابك مصالح أحياناً. ووصلت أخيراً لباسيل رسالة أجمع عليها المرشحون الأقوياء في دوائرهم: "لن نقبل أن يتم تهشيمنا أمام قواعدنا الشعبية بشائعات وحملات تحريض من خصوم مفترضين، في الوقت الذي يعرف باسيل جيداً أنه من دون هذه النواة الصلبة لا قدرة له على المواجهة، ولو في دائرة واحدة".