برنامج مشترك سيجمع معارضين... بمن حضر!
كتبت كلير شكر في نداء الوطن:
تتعاطى القوى السياسية، التقليدية، أو السلطوية بشيء من الاستخفاف مع الحراك الذي تقوده مجموعات معارضة بسبب «تشظيها» وعدم قدرتها على توحيد صفوفها وجهودها، مع العلم أنّ هذه المجموعات تتمتع بفرصة جديّة لتحقيق الاختراقات في العديد من الدوائر الانتخابية. في جبل لبنان قد تكون البصمة الأكثر سطوعاً. المتن، كسروان، بعبدا، جزين، وحتى الشوف عاليه. في بيروت، بدائرتها الأولى، لهذه القوى القدرة على قيادة لائحة قوية. وفي الشمال العمل جار على حجز موقع متقدّم.
فكل استطلاعات الرأي تشير إلى أنّ أكثر من 40% من المستفتين يصوتون لـ»لا أحد»، وهذا ما يعتبر رأياً اعتراضيّاً قد يتحوّل إلى أصوات انتخابية تصب لمصلحة المعارضين، اذا ما نجح هؤلاء في استقطاب هذه الشريحة من الناخبين، المقيمين وغير المقيمين، وتكوين موجة قد تصير أشبه بالتسونامي التي لاقت العماد ميشال عون بعد عودته من منفاه الباريسي، مع العلم أنه هو أيضاً لم يكن ليصدق أنّ المسيحيين سيمنحونه زعامة تاريخية.
ولكن، ثمة شرط لا بدّ منه، كي تتمكن هذه المجموعات من إثبات حضورها بين اللوائح المتأهلة أي تلك التي ستتخطى العتبة الانتخابية كي تحجز مقاعد خاصة بها، وهو تقديم نفسها أمام الرأي العام ضمن مشهدية واحدة، صاحبة مشروع واضح ومقنع لتكون إطاراً بديلاً عن السلطة القائمة. لا يمكن اقناع الرأي العام بأنّ هذه القوى جديّة في سلوكها لائتمانها على المقاعد النيابية اذا لم تقفل هذه القوى الباب على خلافاتها الداخلية، العقيمة في بعض النقاط، والمُدبّرة في نقاط أخرى، كي تتصرف ببعض العقلانية، والواقعية اللتين تحتّمان عليها توحيد منصاتها الانتخابية وخوض المعركة ضمن جبهة واحدة.
وإذا استحال هذا الخيار، وهو أمر صعب التحقيق على مستوى كلّ المجموعات، الوافدة من مشارب كثيرة، متناقضة أحياناً، ومن تجارب مختلفة، بعضها آكاديمي، علمي، وبعضها حزبي، وبعضها نضالي... فيمكن الركون إلى الخيار الأقل ضرراً، وهو توحيد أكبر عدد من المجموعات والشخصيات المعارضة... لخوض المعركة بمن حضر.
إذ بات معروفاً، أنّ هذه المجموعات تتنوّع في انتماءاتها وفي أفكارها. بعضها لا يزال يحاول التخفيف من وزن خلافاتها الزائد، ولا يزال يتحرك ضمن مجموعات منفصلة، لكن بعضها قطع شوطاً لا بأس به من التنسيق. منهم من بات يحمل اسم «مجموعة 13 نيسان» بعدما تمكنوا من تجاوز خلافاتهم وتمايزاتهم على قاعدة مواجهة الاستحقاقات الانتخابية والسياسية معاً (كانت انتخابات نقابة المهندسين الاختبار الأول الناجح، فيما اتسمت تجربة انتخابات نقابة المحامين بالفشل)، لتشكيل أوسع جبهة سياسية تخوض الانتخابات النيابيّة بلوائح موحّدة. وقد جمعت «مجموعة 13 نيسان» كلّاً من «الكتلة الوطنيّة»، «المرصد الشعبي لمحاربة الفساد»، «تحالف وطني»، «بيروت مدينتي»، «منتشرين»، «شباب 17 تشرين»، «ستريت»، «ثوّار بيروت»، «زغرتا الزاوية»، «زحلة تنتفض»، «لقاء البقاع الثوري»، «شباب لطرابلس»، «نقابيّون أحرار»، «حماة الدستور»، «وطني هويّتي» و»ثورة لبنان».
بالتوازي يعمل «حزب الكتائب» على توسيع نطاق تحالفاته مع مجموعات من «الثورة» إلى جانب نواب مستقيلين، منهم على سبيل المثال ميشال معوض ونعمت افرام. على خطّ ثالث ينشط يساريون بالتنسيق مع «الحزب الشيوعي» و»التنظيم الشعبي الناصري»، والوزير السابق شربل نحاس، ومجموعات معارضة قريبة من هذا الخط لتجميع أنفسهم ضمن لوائح واحدة.
ولكن إلى الآن، لا تزال ثمة اشكاليات تتعلق بكيفية جمع هذه الخلطة المتنوعة ضمن منصة واحدة. حتى اللحظة، يواجه «حزب الكتائب» اشكالية قبوله من جانب مجموعات يسارية بحجة أنه من «المنظومة»، كذلك لا تزال مشاركة ميشال معوض غير محسومة في لوائح الشمال...
في المقابل، تشير المعلومات إلى أنّ عدداً من هذه المجموعات والشخصيات يعمل على وضع برنامج سياسي مشترك كي يتمكن الوافدون الجدد إلى مجلس النواب من صفة المعارضين، من تطبيق بنوده. أهم سمة لهذا المشروع، هي المواءمة بين العناوين السياسية والاقتصادية ومقاربة المجتمع الدولي للبنان، وضرروة أن يتسلح من يتبناه بالجديّة. طبعاً، المسألة ليست سهلة، نظراً للتناقضات التي قد تحول دون تحقيق هذا الهدف، لذا يتمّ التركيز على المشتركات والتقاطعات لكي تكون جسر عبور إلى الرأي العام.
يقول أحد العاملين على هذا الخطّ أنّ الهدف المرجو لم يعد بعيد المنال وبات تحقيقه قريباً، واذا لم ينجح في جمع كل قوى التغيير والمعارضة فإنّه بلا شك سيكون حاضنة للعدد الأكبر منها. وهذا التحدي ستظهر مفاعليه خلال الأيام القليلة المقبلة. ولو أنّ الواقعية تقتضي الإشارة إلى أنّ بعض المشاركين في هذا المشروع هم أكثر العاملين على افشاله، لاعتبارات مختلفة، منها بسبب بعض الارتباطات المشبوهة، أو المغالاة في تقدير الذات أو الأوهام القاتلة أو الاتهامات بالتخوين.