بعلبك: حزب الله سلاحه المازوت... والاعتراض الشيعي منقسم
كتبت فاطمة حوحو في لبنان الكبير:
يقول أحد المتابعين للوضع الانتخابي في دائرة بعلبك - الهرمل ساخرا، ان المعارضة سيكون لها سبع لوائح، فالطامحون الى المراكز النيابية كثر، منهم جيل معارض قديم يمثل فاعليات كانت مرتبطة بفريق 14 آذار، ومنهم معارضون للثنائي، من المجتمعين حول الأمين العام السابق لــ "حزب الله" الشيخ صبحي الطفيلي، ومنهم الجيل الشبابي المرتبط بتحالفات الثورة وعلى هامشها من يعمل على وضع قدم في الفلاحة وأخرى بالبور، حسبما تهب رياح المصالح. وهناك المستقبليون الغاضبون، والعشائر وحساباتها والأحزاب التقليدية، فأين سترسو الأمور، وهل ستضيع فرصة إحداث خرق منتظر يعوّل عليه من قبل الثوار نتيجة التباينات وعدم التوصل الى رؤى واتفاقات انتخابية تستطيع إلحاق هزيمة بالثنائي المهيمن مع القوى التابعة للممانعة.
يرى الكاتب أحمد مطر أن الظروف التي ستحصل فيها الانتخابات في أيار المقبل مختلفة عن التي حصلت عام 2018، "حين كان هناك نوع من التحالف بين ثلاث قوى أساسية: الناخب السني الذي كان يمثله تيار المستقبل، الناخب المسيحي وكان يمثله حزب القوات اللبنانية، والمستقلون الشيعة. استطعنا في ذلك الوقت ان نخرق بنائب ماروني وسني، وحصل بعض الخلل الذي تتحمل مسؤوليته قوى الاعتراض الشيعي بشكل او بآخر".
ويفيد بأن "صورة الترشيحات اليوم ما تزال ضبابية، فالحركة الانتخابية متواضعة، تبدو واهنة ولا تسير بزخم وهمة الذين يتعاطون بها، لكن بتقديري أن عمل المعارضة سيكون منصبا على رفع نسبة التصويت لتعديل الكفة، والتركيز على كيفية اقناع المترددين بالمشاركة أي عدم المقاطعة والتصويت".
ويجد مطر ان "المعركة الانتخابية لم تحمَ بعد، فالقوات على المستوى التمثيل المسيحي الرقم واحد. يعني بينه وبين التيار الوطني الحر فارق شاسع، الكتائب وجوده متواضع، السنة في حالة ضياع بانتظار قرار المستقبل. أما الشيعة فهنا الطامة الكبرى، هناك انقسام حاد بين قوى الاعتراض الشيعية. وهذا يعود الى نقص في فهم طبيعة المواجهة السياسية وكيفية التحضير لها. "إذ من المفترض ان تنطلق من قراءة علمية وواقعية لموازين القوى، ومن العوامل السلبية التي تضعفها مسألة الأنا. كل ثلاثة أو أربعة يشعرون بانهم انسجموا يطرحوا انفسهم كتلة، وهذا يشتت الأصوات، هناك جهود تبذل لتشكيل لائحة معارضة إذا نجحنا في ارساء مبدأ المصلحة المشتركة عوضا عن مصلحة الانا".
وبرأيه ان الوضع الانتخابي في هذه المنطقة "يسير على البارد، فلم تظهر وجوه مرشحة تعبر عن حالة الاعتراض. هناك كلام كثير لكن لا شيء على الأرض، خصوصا ان بعض الشخصيات والأحزاب تنتظر ان يحالفها الحظ إذا سارت وحدها".
من جهته، يوضح الكاتب وعضو المكتب السياسي في "تحالف وطني" يوسف مرتضى انه عام 2018، "المعارضة كانت بوجهتين أساسيتين، الاولى معارضة عائلية عشائرية إذا صح التعبير، بمواجهة ثنائي حزب الله وأمل، يعني سلطة الامر الواقع بمواجهة سلطة الامر الواقع. وأيضا كان هناك معارضة سياسية، وقد حاولنا في تحالف وطني تركيب لائحة، على غرار اللوائح التي شكّلت في الدوائر التسعة التي رشحنا فيها. مثل بيروت الأولى والشوف والجنوب الاولى والثانية الكورة الى آخره. لكن للأسف لم نستطع ذلك في بعلبك - الهرمل، لكن دعمنا لائحة تكونت من وجوه سياسية قريبة كثيرا من مفهومنا. أي اللائحة الاولى التي رأسها يحيى شمص، ومعه غالب ياغي رئيس بلدية بعلبك السابق ووجوه من المنطقة مثل رفعت المصري، وكان لهذه اللائحة قوة مقبولة في التنافس، مع لائحة حزب الله، وهي تحالفت مع تيار المستقبل ومع القوات اللبنانية، باعتبار انها جمعت قوى الاعتراض على قوى الامر الواقع وطبعا خرقت بنائبين طوني حبشي عن القوات وبكر الحجيري عن المستقبل، وكان هناك قلق كبير عند حزب الله من الخرق الشيعي. لذلك تضافرت كل الجهود لمنع فوز شمص عبر سيطرة عناصر حزب الله على مراكز الاقتراع مما أخاف الناس، خصوصا بعد الضغط لمنع مندوبي مرشحي هذه اللائحة من دخول العديد من مراكز الاقتراع. ولذلك كان الفرز فوضويا جدا. إذ تحكم حزب الله باللعبة الانتخابية بالكامل، طوال يوم الانتخابات، وحصلت عمليات تزوير وجرى لاحقا طعن بالنتائج، إذ هناك الكثير من المراكز لم تُحتسب اصواتها، فحزب الله أبقى صناديق الاقتراع مفتوحة طوال الليل وسايره وزير الداخلية نهاد المشنوق آنذاك، واستقدم الحزب آلاف الناخبين من سوريا ليصوتوا لصالح جميل السيد".
ويضيف مرتضى: "كان هناك أيضا، لائحة معارضة ثانية كان من الممكن ان تكون تشبه المعارضة السياسية التي نحضّرها اليوم، كان فيها علي صبري حمادة، عباس ياغي وشوقي فخري والدكتور علي زعيتر وطبيب من الأرمن واستاذ من آل الشق وسيدة من راس بعلبك من "مواطنون ومواطنات". يعني لائحة متنوعة لكن لم يكن لديها امكانات مادية لتدير معركة انتخابية جيدة، وكان هناك لائحة للامين العام السابق لحزب البعث فايز شكر وهو من النسيج السياسي عينه للثنائي وحصلت على اصوات قليلة".
ويعتبر انه "لو كان هناك معارضة حقيقية ملتزمة لما حصلت ثورة 17 تشرين، صحيح كان هناك جو اعتراض ضد الثنائي كبير، مما دعا نصر الله الى مخاطبة أهالي بعلبك قائلا انه سينزل مباشرة اليها وبالفعل اجرى عدة لقاءات هناك، واستخدم عبارات كانت لمعمر القذافي مش بنفس التعبير، بما معناه سأدخل المنطقة زنقة زنقة، وادّعى ان شعاره محاربة الفساد، الى جانب شعار المقاومة، يعني عمل شد عصب طائفي ومذهبي بشكل خطير. نتيجة القلق الذي كان يعيشه من امكان الخرق في المواقع الشيعية بهذه الدائرة".
وعن صورة الوضع الانتخابي اليوم، يشير مرتضى الى ان بعلبك والهرمل شهدت نشاطا ميدانيا حيويا في الثورة، ونظمت تحركات من ناشطين رفعت شعارات 17 تشرين، وطالبوا بالامن، لان الامن فيها فلتان بحكم سلطة الامر الواقع وغياب الدولة، وبالتالي المنطقة تعيش حالة فوضى خطيرة جدا، تعطل الاعمال والحياة نتيجة الاشتباكات والتفجيرات وما الى هنالك. من هنا كانت تركز على مطلب بناء دولة القانون والمؤسسات وفصل السلطات واعادة تفعيل دور القضاء، لمواجهة حالة التفلت، وكان هناك شعارات خاصة بالظروف الحياتية للمنطقة، مثل تلوّث نهر الليطاني المؤذي للمحيط، وعدم توفر فرص عمل وانتشار البطالة بقوة وعدم وجود مدارس كافية ورعاية طبية واهمال تجهيز المستشفيات، المنطقة متروكة وهي ميدان رحب لامكان نهوض معارضة حقيقية ضد سلطة الامر الواقع".
وحسب مرتضى ان "اهل السلطة يخوضون معركة انتخابية اليوم مفرقين، فلم يتضح مع من سيتحالف الثنائي الشيعي حتى الآن في المنطقة، وفي ظل الاختلاف بين المستقبل والقوات لا يمكن فهم ماذا سيحدث، القوات لا يمكن لها الحصول على حاصل، لذلك يجب ان يفتشوا عن مرشحين شيعة وسنة، وحتى الآن خيار المستقبل غير معروف هل سيخوض المعركة بالاتفاق مع القوات ام لا، ايضا السني ليس لديه حاصل وحده، وعليه التفتيش عن تحالفات، حتى يقدروا يؤمنوا حاصل لواحد سني، أما الثنائي فعليه أيضا البحث عن تركيبة للفوز على الرغم من انه الأقوى الا ان استطلاعات الرأي أشارت إلى تراجعه".
وعن خيارات قوى التغيير والمعارضة، يشير مرتضى الى اتجاهها "للبحث في برنامج سياسي ببعد وطني لإعادة بناء الدولة على أسس وقواعد القانون والدستور وفصل السلطات الديموقراطية وبرنامج اصلاحي لهذه المنطقة المهملة منذ عقود. وبالتالي قوى التغيير مناط بها مهمة إيجاد صيغة لتركيب لائحة من عناصر كفوءة متنوعة جنسيا، أي تضم ذكورا وإناثا، ومتنوعة عمريا بين متوسطي العمر والشباب والكفاءات المشهود لها ايضا بمواقعها الثورية خلال الفترة الماضية ومن نظيفي الكف والذين يمكن ان يشكلوا مع بعضهم مجموعة عمل، وهنا على الرغم من ان الطابع العشائري مؤثر بالمنطقة، ممكن أخذه بعين الاعتبار، حتى في خياراتنا التغييرية وكذلك الوضع العائلي عند تركيب اللائحة التغييرية، من دون العودة للزعامات".
ويكشف عن تداول بأسماء مرشحين في كل مجموعة على حدى وعندما يتم التوافق يجري تركيب اللائحة التي تحمل برنامجا، وفي المقابل الثنائي في حركة ناشطة للتحضير للانتخابات، لا سيما حزب الله الذي يحاول عبر المازوت وتقديم الخدمات كسب الناس. وهو يعبئ استمارات ويسأل الناس عن حاجاتهم، حتى عن براد وغسالة لتنتهي الاستمارة من انتخبتم عام 2018 ومن ستنتخبون الآن، والواضح إنها استمارة مثل دراسة احصائية بطريقة غير مباشرة لإستكشاف الواقع ومتغيراته، نشاط امل أقل كما نشاط الأحزاب التقليدية مثل الشيوعي او البعث او القومي، وحتى الآن الشيوعي لا ينسق مع مجموعات الثورة".