تقريب موعد الانتخابات النيابية دونه... "مطبّات برتقالية"
كتبت كلير شقير في نداء الوطن :
لا يُمكن فهم حرص المنظومة السياسية على إجراء الانتخابات النيابية، في موعدها، لا بل قبل موعدها بأكثر من شهر، وهي التي سبق لها أن مدّدت لنفسها أكثر من مرّة ضاربة عرض الحائط كل قواعد الديموقراطية ومبدأ تداول السلطة، إلّا بكونه نوعاً من أنواع الزكزكات المكشوفة، وغير المقنعة.
في الواقع، تنتهي ولاية مجلس النواب الحالي في 21 أيار المقبل وفقاً للمادة 41 من القانون رقم 44 تاريخ 17/6/2017 (انتخاب أعضاء مجلس النواب)، ويفترض أن تجرى الانتخابات حسب نصّ المادة ذاتها، "خلال الستين يوماً التي تسبق انتهاء ولاية مجلس النواب". أمّا دعوة الهيئات الناخبة فجاءت في متن المادة 42 التي تنصّ على أنه "تُدعى الهيئات الناخبة بمرسومٍ ينشر في الجريدة الرسمية وتكون المهلة بين تاريخ نشر هذا المرسوم واجتماع الهيئات الناخبة تسعين يوماً على الاقل".
ما يعني، أنّ تحديد موعد الانتخابات المرتبط بدعوة الهيئات الناخبة، يتمّ بمرسوم يصدر عن وزير الداخلية ويتمّ توقيعه من جانب وزير المال، رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، ويفترض أن يحترم مهلة الستين يوماً التي تبدأ في21 آذار وتنتهي في 21 أيار. ولهذا كان وزير الداخلية السابق محمد فهمي تولى وضع روزنامة المهل الدستورية الخاصة بالانتخابات، والتي تبدأ بتسجيل الناخبين غير المقيمين وتمرّ بتحديد موعد دعوة الهيئات الناخبة لتنتهي بتحديد موعد الاستحقاق.
إلّا أنّ مجلس النواب قرر المبادرة باتجاه حسم الموعد (من دون تقصير ولاية المجلس) ضمن سلّة التعديلات التي أدخلها على القانون والتي طالت بشكل أساسي، المقاعد النيابية الستة التي كانت ستخصص لغير المقيمين، وإلغاء الميغاسنتر والبطاقة الممغنطة، واستطراداً تقريب موعد الانتخابات بحجّة أنّ الموعد السابق الذي عمل فهمي على تحديده في بداية شهر أيار دونه اشكالية الصيام في شهر رمضان ما يصعّب القيام بحملات انتخابية مكثّفة.
وهذا الاعتبار هو الذي يرفعه رئيس مجلس النواب نبيه بري للدفع باتجاه تقريب الموعد، مع العلم أنّ اعتراض "التيار الوطني الحر" على هذا الأمر يغلّب منطق الاعتبارات السياسية حيث يظنّ البعض أنّ الصراع الخفي - المعلن بين الرئاسة الثانية والفريق العوني، هو الذي أملى التعجيل في اجراء الانتخابات من باب زرك "التيار الوطني الحر" في الوقت وفي الاستعدادات كي لا يكون بكامل "لياقته الانتخابية" لحظة الوقوف أمام صناديق الاقتراع.
وقد تصدى مجلس النواب مسبقاً لأي محاولة طعن قد يتعرّض لها القانون بعد تعديله من خلال تقريب أيضاً المهل القانونية، لا سيما في ما خصّ لوائح الشطب التي كان من الممكن أن تكون منفذاً للطعن بالقانون في ما لو لم يتم تعديلها، حيث تنصّ المادة 35 من قانون الانتخابات والمتصلة بتجميد القوائم الانتخابية على الآتي: "تجمّد القائمة الانتخابية في الثلاثين من آذار من كل سنة وتبقى نافذة حتى الثلاثين من آذار من السنة التي تليها... ويرسل الوزير نسخة من القوائم النهائية التي وردته من المديرية العامة للأحوال الشخصية الى المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين، لاعتمادها في أية انتخابات تجرى خلال المهلة التي تبدأ من 30 آذار ولغاية 30 آذار من السنة التي تليها".
ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ موعد 27 آذار صار نهائياً، اذ سارع رئيس "التيار الوطني الحرّ "جبران باسيل إلى تسجيل اعتراض فريقه على الموعد المحدد من جانب مجلس النواب، مشيراً إلى أنّ "مصلحة الأرصاد الجوية تفيد عن احتمال حدوث عواصف في التواريخ المحددة للانتخابات ما قد يصعب حصول العملية، بالإضافة إلى تقاطع عدد من المهل الانتخابية مع الصوم عند الطوائف المسيحية". وأكّد باسيل أن "لبنان القوي" سيطعن بتقريب موعد الانتخابات في المجلس الدستوري.
إلى جانب الطعن، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ رئاسة الجمهورية قد تردّ القانون من جديد إلى مجلس النواب، مع العلم أنّ هذه الخطوة قد تنتهي بإعادة التصويت على القانون مرّة ثانية، ولهذا أشار باسيل إلى امكانية الطعن أمام المجلس الدستوري.
ومع ذلك، ثمة احتمال ثالث للاعتراض من الجانب العوني، من خلال امتناع رئيس الجمهورية عن توقيع المرسوم الذي سيصدر عن وزير الداخلية، الذي عليه انتظار نشر القانون بالجريدة الرسمية قبل القيام بأي خطوة، ما يعني أنّ دعوة الهيئات الناخبة لن تتم إلا بعد التفاهم مع رئيس الجمهورية، وهو شرط لا يزال غير متوفر.