تقلّبات انتخابية في البقاع الغربي... ورشاوى إيرانية علنيّة!
كتبت راما الجراح في موقع لبنان الكبير:
كلما اقترب موعد الانتخابات النيابية، كثر الحديث والكلام عن مرشحين جُدد يدورون في فلك التغيير من جهة، أو انتظار الفرصة الذهبية للانسحاب مقابل حفنة من الدولارات من جهة أخرى، وهي الطريقة التي اعتدناها في كل الدوائر الانتخابية في لبنان، وينتظرها الجميع لتنجلي الصورة أمامهم عن هوية المرشحين الرسميين، وكيف سيُحسم القرار، ولمَن سيصوتون.
تغرق دائرة البقاع الغربي يوماً بعد يوم في بحرٍ من الشائعات والتوقعات الوهمية حول الجو الانتخابي، من التحالفات، إلى المرشحين، حتى الوصول إلى مَن يستحق الفوز، ثم يأتي قبل كل هذه الخطوات، كم سيدفعون مقابل الصوت الواحد هذا العام؟ سؤال غير مفاجئ بل مُتوقع، ففي دورة 2018 ومع خوض الانتخابات على القانون النسبي للمرة الأولى، كانت المعركة في هذه الدائرة "كسر عظم" بين لائحة "تيار المستقبل" ولائحة "حزب الاتحاد"، وتساوى الطرفان في عدد المقاعد بعدما كان "المستقبل" "يكتسح" في هذه الدائرة من دون أي خروق في الدورات الماضية على القانون الأكثري، فما سبب هذه التقلبات؟
وكشف مصدر خاص لـ"لبنان الكبير" أنّ "الماكينة الانتخابية التي كانت تعمل عام 2018 ليلاً نهاراً على نطاق الساحة اللبنانية لصالح (تيار المستقبل) لم تطلب بدل أتعاب لها، ولم تصلها من التيار سوى هواتف مشحونة بالدولارات ليستطيع أفرادها التواصل من دون أي تكاليف إضافية، وكل ما أشيع عن أي مبلغ مالي غير صحيح، وقد استمروا بالعمل لالتزامهم بالمبادئ الثابتة من دون أي طمع بمال ولا بغيره، بل للمضي قدماً على النهج الصادق والكف النظيف لدولة الرئيس".
وأضاف المصدر أنه "حتى في دائرتي البقاع الغربي، دعم أحد المقربين، وكان بموقع المسؤولية سابقاً، الماكينة الانتخابية مادياً لتأمين طلباتها، على الرغم من أنه لم يكن مرشحاً ومن دون أن تُطلب منه أي مساعدة، وحصل ذلك من دون علم أحد في تلك الفترة".
وشدّد مصدر مطّلع على تطورات الانتخابات في البقاع الغربي بشكل دائم أن "هناك نسبة كبيرة من أهالي هذه الدائرة اقترعوا بورقة بيضاء خوفاً من معرفة أحد الأحزاب بعزوفهم عن الاقتراع، وذلك بعدما تقاضوا مبلغاً معيناً من المال مقابل التصويت للائحتهم مع تحديد الصوت التفضيلي، وهذا أثّر في نتائج الانتخابات بشكل كبير، إذ كانت معروفة الجهة التي أعطت رشاوى انتخابية، ومَن الجهة التي لم تتّبع هذا الأسلوب للضغط أو التأثير في عامة الناس".
لذلك، استطاع القانون النسبي النيل من سيطرة "تيار المستقبل" على البقاع الغربي، بسبب تضييق "حزب الله" على الرئيس سعد الحريري وعدم قبوله بالمضي في الطريق الذي سينقذ البلد، بالإضافة إلى أنّ تحالفه مع "التيار الوطني الحر" في تلك الفترة كان أشبه بالـ"الضربة القاضية"، التي من الممكن أن تقضي على "حزب الاتحاد" في عدد المقاعد التي سينالونها في الاستحقاق الانتخابي بعد النقمة الشعبية الكبيرة على "الوطني الحر"، وتوقعات خسارته في الاستحقاق المقبل لعدد كبير من المقاعد النيابية.
وأكد المصدر أن "تحالف (الوطني الحر) مع (الاتحاد) وقع، ولا عودة عن ذلك إلى الآن، وهناك نقمة على إيلي الفرزلي داخل الحزب بعدما أكد الوزير السابق حسن مراد ذلك في كلمته التي ألقاها خلال احتفال حزبي لتلاوة قسم الحزب لنحو 150 منتسباً، وأكد فشل مبادرة الفرزلي لتقريب وجهات النظر مع (المستقبل)".
ويبدو أنّ الرشوة الانتخابية بدأت تظهر إلى العلن بعد إعلان "حزب الاتحاد" توزيع مازوت بين البلدات البقاعية بسعر أقل من السعر المعتمد بنحو المليون ليرة، وذلك وفق توصيف الأهالي للحدث. وأكد العديد من المواطنين الذين حاولوا تعبئة مازوت إيراني من "الاتحاد"، أن "المازوت لونه أسود، ورائحته مقرفة، ولا يمكن الجلوس في الغرفة حتى لو الصوبيا لا تعمل، ويصعد منها دخان عند إشعالها. ضحكوا علينا، ويلي بدو يشتريهن مستعدين نبيعهن يلي عبيناهن بمليون بس ياخدوهن. شباب بلدتنا لم يتقبلوا طريقة تعبئة المازوت للمواطنين وتصويرهم، وحصل إشكال بيننا وبينهم وطُردوا من الضيعة!".
وكشفت مصادر أنّ "المازوت الإيراني وصل إلى (حزب الاتحاد) بسعر شبه مجاني، وهو يُمنّن الناس بتسعيرة أقل من الدولة، وبكل الأحوال هني ربحانين!". ولم تقف الأمور هنا، فقد أعلنت بلدة لالا في البقاع الغربي عبر صفحتها عن خيبة أمل أهلها بـ"حزب الاتحاد" في ما خص توزيع المازوت. فبعدما كان الاتفاق أن يتم تسعيره بمبلغ أقل بمليون من سعر الدولة الرسمي، وبعد تسجيل الأسماء ودفع المبلغ المتّفق عليه للبلدية، عمدت الجهة المانحة "حزب الله" والموزع "الاتحاد" إلى رفع التسعيرة بعد ارتفاع الدولار الجنوني إلى 3 ملايين و400 ألف، وبالتالي تم الإخلال بالاتفاق. وعادت البلدية وطلبت من المواطنين الحضور إليها لاسترداد المبلغ المدفوع، وأسفت لغياب الصدقية في هذا الموضوع.
في المحصلة، كل حزب ومرشح يبذل جهده اليوم في البقاع الغربي لإرضاء الناس ومحاولة "الضحك على الذقون" ليكسب في الانتخابات مقعداً إضافياً هذا في حال حصلت في موعدها. واللافت في زوبعة هذه التفاصيل الغياب التام لأي تحرك علني من جهة "المستقبل" يخص الانتخابات إلى حين عودة الحريري، وذلك على الرغم من استفزازات الأطراف الأخرى، فـ"الاتحاد للاتحاد" و"المستقبل" للبنان!