تنسيق القوى المجتمعية للانتخابات... تحرير الشرعية والقرار الوطني
كتبت هيام طوق في لبنان الكبير:
المؤشرات حتى اللحظة تدل على ان الانتخابات النيابية في أيار المقبل قائمة على الرغم من تخوف البعض من محاولة تطييرها أو تأجيلها بذرائع متعددة أو نتيجة عمل أمني كبير، فخريطة طريق الانتخابات باتت شبه واضحة لدى الأطراف والأحزاب على الرغم من ان صورة التحالفات واللوائح والاسماء لم تتخذ شكلها النهائي بعد، إذ ان الكل بانتظار الكل للاعلان عن المرشحين النهائيين لخوض الاستحقاق الدستوري الذي سيشهد تنافسا ومعاركا محتدمة، وسيكون لكل صوت ثقله لأن المنافسة قوية، والتعويل على التغيير من خلال البرلمان كبير.
وعلى مسافة أربعة أشهر من الانتخابات، تستعد منظمات المجتمع المدني لخوض الاستحقاق بجدية مع العلم ان الدراسات والاحصاءات تشير الى انها ستفوز بعدد لا يستهان به من المقاعد النيابية، وان حضورها الانتخابي لن يكون ثانويا أو هامشيا بل أساسيا مما يفسر محاولة البعض شرذمة أصواتها بلوائح متنوعة.
وتحدثت معلومات ان المنظمات المدنية كانت الأنشط على صعيد دعوة المغتربين الى التسجيل خصوصا ان هؤلاء غير مقيدين بحسابات طائفية أو حزبية أو مصلحية، وان عددا كبيرا منهم سيصوت لصالح المجتمع المدني لأنهم ناقمون على السلطة التي أوصلت البلاد الى الحضيض على المستويات كافة.
وللاضاءة على الانتخابات النيابية من منظور المجتمع المدني ومقاربته لهذا الاستحقاق، تحدث "لبنان الكبير" مع المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني زياد الصائغ الذي أشار الى ان "هناك عملا قائما داخل القوى المجتمعية الحية للاستعداد للانتخابات النيابية المقبلة، وقد سبق ذلك "بروفات" في الانتخابات النقابية. هناك عمل هادئ لتنظيم صفوف القوى المجتمعية الحية وادارة التنوع داخلها، وفهم طبيعة المعركة الوجودية التي يواجهها لبنان. ملتقى التأثير المدني يرى اننا لسنا في معركة اعادة تكوين سلطة فقط انما في معركة تحرير لبنان من التحالف الجهنمي القائم بين مافيا الفساد والميليشيا العسكرية التي هي خارج الدولة إذ ان هذا التحالف أدى الى انقلاب كامل على الدستور".
وأوضح انه "انطلاقا من طبيعة المعركة يجب ان تكون للقوى المجتمعية الحية بالحد الاقصى لوائح موحدة خصوصا في المناطق التي تمت فيها دراسة المعطيات التصويتية والتي أظهرت امكان خرق لشخصيات تغييرية ووجوه جديدة. وفي المناطق التي يمكن التنافس فيها يجب ان يكون التنافس مبنيا على وحدة الرؤية والبرنامج بعيدا عن التلون لأن هذه المعركة تحمل طابع استعادة السيادة وانجاز التغيير وتطوير كل آليات الحوكمة والسياسات العامة، ويجب الذهاب باتجاه اصلاح القضاء وحصرية السلاح بيد الدولة واطلاق مسار حياد لبنان عن كل المحاور الاقليمية واستعادته الى الشرعية العربية والشرعية الدولية. طبيعة المعركة معقدة ولا تأخذ فقط بعين الاعتبار بُعد معالجة الحاجات الآنية انما يجب أن تأخذ المدى الحيوي الاستراتيجي لحماية هوية لبنان التي تتعرض لانتهاكات مباشرة".
وشدد الصائغ على ان "الجهود تتقدم، وتم اطلاق ائتلافات وتجمعات في المناطق، وهذا أمر ايجابي لأنه يدل على ان القوى المجتمعية الحية بدأت تأخذ بعين الاعتبار ان بقاءها مشرذمة يضرّ بطبيعة المعركة الوجودية ويفسح في المجال لقوى المنظومة ان تعيد انتاج شرعيتها. من هذا المنطلق، نحن امام صراع على الشرعية، وبالتالي ندعو القوى المجتمعية الحية الى ان تأخذ بالاعتبار ان خسارتها بتشرذمها في معركة تحرير الشرعية وتحرير القرار الوطني وأخذ زمام المبادرة بإدارة البلد بشكل سليم. من هنا أهمية الوحدة في التنوع والارتقاء الى مستوى المعركة ووضع الانانيات والمزاجيات والمصالح الخاصة جانبا".
وأكد انه "ليس صحيحا ان الخرق سيكون في المناطق المسيحية فقط بل انها صورة خاطئة اذ من الواضح ان كل المناطق مؤهلة ليحدث فيها خرق ان كان هناك ادارة سليمة للمعركة وتنسيق بين القوى المجتمعية الحية والقوى التي تحمل شعار السيادة والتغيير، لافتا الى انه يجب ان نتحسّب من محاولة تطيير الانتخابات مع ضرورة الابقاء على الضغط كي تجري في موعدها".
ورأى ان "هناك فارقا بين التشرذم والتنوع. في القوى المجتمعية الحية هناك تنوع وتعددية، وهذه ديموقراطية صحية يجب ان نحافظ عليها. المشكلة في الشرذمة عندما تدخل الاعتبارات الطائفية والمذهبية والمناطقية والشخصية في عملية عدم الالتئام حول وحدة في الرؤية والبرنامج. ربما كان من الافضل ان نذهب الى وحدة في القيادة لكن التجارب أثبتت ان الوحدة في القيادة ستكون صعبة، والحد الاقصى من التنسيق هو نوع من القيادة التشاركية، وهذا ما نحتاجه لدى القوى المجتمعية".
واعتبر ان "الفارق بين قوى المنظومة والقوى المجتمعية الحية ان قوى المنظومة تملك كل مقومات خوض المعركة في حين ان القوى المجتمعية عارية من كل امكانات خوض المعركة، ويجب الا نستهين بالدور الاساسي للمغتربين في المعركة الذي سيكون اساسيا جدا، وهناك عمل جاد وهادئ وصامت في هذا الاتجاه". وتابع: "أصوات المغتربين ستصب لصالح القوى المجتمعية الحية التغييرية لأنه من الواضح ان المنتشرين والمغتربين معنيون باستنهاض ليس فقط لبنان من كبوته انما بإعادة بناء لبنان الجديد. وهم يملكون من الالتزام الاخلاقي والعملاني وامكانية الاستثمار الانهاضي للاقتصاد اللبناني شرط ان تكون نتائج الانتخابات تؤشر الى اننا امام قوى تغييرية صاعدة باتجاه اعادة تكوين السلطة واسترداد الدولة".
ولفت الى انه "من المبكر الكلام عن نسبة الاختراقات، لكن سنكون امام كتلة وازنة اذا سمِح لهذه الكتلة ان تصل لأنه يجب التنبه مما قد تقوم به المنظومة من تزوير وتفخيخ وربما تطيير الانتخابات. التحدي ليس في العدد الذي سينتج عن الكتلة انما في كيفية التزام هذه الكتلة بمرحلة ما بعد الانتخابات على ان تخوض معركتها داخل المجلس النيابي برؤية واضحة المعالم وبسلوك نظيف يؤثر حتى في الكتل الحزبية التي من الممكن ان تدخل في تسويات مع بعضها".
وختم الصائغ: "ليس هناك معلومات دقيقة عن مستوى التحالفات التي يمكن ان تحسم في الشهرين الاخيرين. المهم الآن الابقاء على المومنتوم القائم على: التنسيق بأعلى مستوى لانجاز اختراقات جدية، وان نكون موحدين على الرؤية والبرنامج، ومن المفيد الاستمرار بالاستعداد للانتخابات لكن ايضا من المفيد جدا الحذر والتنبه مما يمكن ان تقوم به المنظومة لتطيير الانتخابات، وهذا يستدعي بحثا في الانتقال الى خيار المقاومة المدنية السلمية، وهذا جزء من النقاش القائم داخل القوى المجتمعية الحية".