جبل محسن: الصوت العلَوي ليس حكراً لأحد في طرابلس
كتبت جنى الدهيبي في المدن:
يخيّم الضياع والحذر على الأجواء الانتخابية في جبل محسن في طرابلس. وفي اطلاع على الانطباعات الأولية لأهالي المنطقة، يغلب الشعور بالغبن، نتيجة صعوبة إيصال نائب إلى سدة البرلمان من نسجيهم. ويعبّر كثيرون عن خيبتهم من ممثل منطقتهم النائب علي درويش، ويتبادلون عبارة "هو نائب ممثل لكتلة الوسط، وينطق باسم نجيب ميقاتي وليس باسم العلويين".
أين البلوك العلوي؟
ومن المفاهيم التي سبق أن ألصقت بجبل محسن، أنه يضم بلوكًا من أصوات العلويين لصالح الحزب العربي الديمقراطي، برئاسة رفعت عيد، ولصالح ما يعرف بـ"القرار السوري" على قاعدة أن السواد الأعظم من أبناء الجبل لديه ولاء مطلق للرئيس السوري بشار الأسد.
لكن التجارب الانتخابية لم تثبت هذه النظرية. وتاريخياً، فاز آل عيد بالمقعد العلوي مرتين بالتزكية من دون انتخابات. الأولى، في العام 1991 عندما عُين الأمين العام للحزب العربي الديموقراطي، النائب الراحل علي عيد، نائباً عن طرابلس، بعد اتفاق الطائف الذي أعطى العلويين مقعدين نيابيين في طرابلس وعكار. والثانية، حين فاز عيد بالتزكية في العام 1992.
وفي انتخابات العام 1996، فاز المرشح العلوي أحمد حبوس بفارق 123 صوتاً في وجه منافسه علي عيد، كذلك فاز حبوس في انتخابات العام 2000، ثم تبنى تيار المستقبل ترشيح النائب الراحل بدر ونوس، الذي فاز بالمقعد العلوي في عامي 2005 و2009.
أمّا في انتخابات 2018، ففاز مرشح لائحة "العزم" علي درويش بالمقعد العلوي، نتيجة الحاصل الانتخابي، رغم تقارب أصواته من أصوات مرشح لائحة فيصل كرامي، أحمد عمران. فنال درويش حينها نحو 2246 صوتًا تفضيليًا، بينما نال عمران نحو 2749 صوتًا. لكن "الحاصل" الانتخابي هو الذي غلب.
وواقع الحال، يجد بعض أبناء جبل محسن أن القانون النسبي وتقسيم الدوائر لـ15 دائرة، قلص من فرص تحقيق تمثيلهم كما يريدون، وتحديدًا في جبل محسن، حيث كانوا يراهنون أن يكون لصوتهم أثر واضح، نظرًا لصعوبة تأثيرهم في محافظة عكار.
أصوات مجزأة
ويوجد في جبل محسن أكثر من 20 ألف ناخب مسجل، وبلغت نسبة اقتراعهم في 2018 نحو 30%. وتفيد معطيات "المدن" أن الصوت العلوي ما زال مجزأ، ما يدحض نظريات إحكام الحزب العربي الديمقراطي قبضته على الجبل.
وتشير الأجواء العامة إلى امتعاض داخل الجبل من حزبه التقليدي، لأسباب عديدة كتعميق عزلته عن محيطه الطرابلسي وترهيبه منه، وتورطيه بالأحداث الدامية. وآخرها تلك البلبلة التي تأججت في الجبل أثناء انتخابات الرئاسة في سوريا، وسعي بعض الأطراف الداخلية لاستفزاز أهالي التبانة وإثارة الفتنة، لولا تدخل الجيش اللبناني.
ويعتبر بعض أبناء جبل محسن أن كل هذا الشحن السياسي والفتنوي جاء على حسابهم، ولم يحصدوا منه سوى الفقر والعوز كسائر أبناء طرابلس.
انقسام آل عيد؟
وتشير المعلومات إلى امتعاض كبير في أوساط آل عيد، بسبب الحراك الذي يقوم به خارج سربهم، بدر عيد، الذي ترشح في انتخابات 2018 على لائحة أشرف ريفي. ويبدو أن بدر عيد خصص ميزانية معينة لخوض الانتخابات في جبل محسن، وسبقها بتقديم خدمات عدة للأهالي. وهو مهندس مهاجر في أميركا منذ 25 عاماً. ويسعى هذه المرة أن يكون على لائحة تحظى بقبول في الجبل، بينما آل عيد لا يدعمونه رغم تقاطعهم السياسي، لأنه خرج عن "طوعهم".
وحتى الآن، لم تتضح خريطة المرشحين العلويين، إذ ينتظر الجميع نضوج التحالفات واللوائح الانتخابية شمالًا. وتفيد المعلومات في الجبل عن امتعاض من النائب درويش، إذ يعتبر كثيرون أن نجاحه لم يحقق أي نتائج ملموسة لا طائفيًا ولا تمثيلياً ولا خدماتياً.
وعليه، يتخبط العلويون في خياراتهم، ما يعزز احتمال استمرار التراجع بمعدلات الاقتراع، وسط ضياع واضح حول هوية المرشح الذي يريدون وصوله إلى سدة البرلمان.