الانتخابات النيابية الى أيلول؟
بين شهري آذار ونيسان الجاري والمقبل، وما يمكن استثماره من منتصف أيّار يمضي العهد في تنفيذ ما عجز عن تنفيذه في السنوات الخمس ونيّف الماضية. وهذا ما لاحظته مصادر وزارية شاركت في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء بعد ظهر أمس في بعبدا، حيث أصرّ الرئيس ميشال عون على تمرير «الميغاسنتر» مهما كلف الأمر، وتكليف مجلس الإنماء والاعمار اعداد دراسة تفصيلية حول مدى أهمية مشروع سد بسري وتكليف وزير الطاقة وليد فياض إعادة التفاوض مع البنك الدولي لإعادة احياء القرض المتعلق بالموضوع، فضلا عن ترقين وشطب الإشارات على العقارات الموضوعة بموجب المرسوم الرقم 5821/1966 المعروف بـ «ايكوشار» بعد اعتباره كأنه لم يكن.
وكان لافتا كلام الرئيس عون عن دقة الوضع المالي، والذي لا «يحمل أي تأجيل» مع تعزيز موقفه المتشدد، بأن «وفد صندوق النقد الدولي سلط خلال زيارته للبنان الضوء على ضرورة إقرار خطة التعافي بأسرع وقت ممكن».
واعتبرت مصادر سياسية ان إلحاح الرئيس عون على وجود الميغاسنتر، لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة، بالتزامن مع مطالبة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بالرغم من ضيق الوقت وصعوبة تأمين الاموال، وتوفير التجهيزات التقنية اللازمة، ومعارضة بعض الاطراف السياسيين، يزيد من الخشية، بأن وراءها محاولة مبيتة لتأجيل هذا الاستحقاق لوقت محدد.
واشارت المصادر إلى انه بالرغم من كل التاكيدات العلنية بالاصرار على اجراء الانتخابات النيابية، امام اللبنانيين الموفدين من الخارج، الا ان الاصرار اللافت من قبل فريق العهد على انشاء الميغاسنتر على هذا النحو، بعدما فشلت كل محاولات تعديل قانون الانتخابات النيابية، لناحية حصر تصويت المغتربين بالنواب الستة، بدلا من جميع اعضاء المجلس، يعطي دليلا اضافيا، على أن الهدف الاساس هو، اما تطيير الانتخابات، او التأجيل لفترة معينة، تحت حجج باتت تتردد علنا، بتعذر انتقال المواطنين من الاطراف والاماكن البعيدة، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وغلاء كلفة النقل، او تعذر تأمين الكهرباء لكافة مراكز الاقتراع، في ظل انحسار التغذية بالتيار الكهربائي في جميع المناطق اللبنانية.
وقالت المصادر ان هناك محاولة باتت مكشوفة من العهد، رئيسا وتيارا، لتاجيل الانتخابات النيابية المقبلة، لم تعد تغطيها بيانات النفي المتكررة، بعدما اظهرت استطلاعات الرأي الاستباقية، تراجع ملحوظ في التأييد الشعبي لمرشحي التيار في اكثرية الدوائر الانتخابية، بفعل الاستياء العام من الاداء المزري للفريق الرئاسي طوال السنوات الماضية، وهزالة التحالفات الانتخابية المرتقبة مع خصوم التيار، ولاسيما مع حركة امل بفعل الخلافات القائمة معها، وتوجه شريحة واسعة من المغتربين للتصويت لخصوم التيار في اكثرية الدوائر الانتخابية، ومن بينها البترون والجوار، وهي الدائرة التي سيترشح فيها باسيل شخصيا.
ولاحظت المصادر انه تفاديا لخسارة التيار الوطني الحر في الدوائر المشكوك فيها، بدأ الحديث جديا يتداول بالكواليس عن إقتراح لارجاء موعد الانتخابات النيابية المقبلة الى شهر ايلول المقبل. اما لماذا حتى ذلك التاريخ؟ استنادا الى السيناريو المتداول في نطاق ضيق حاليا، فإنه من الصعوبة بمكان تأليف حكومة جديدة، في المدة الفاصلة عن موعد اجراء الاستحقاق الرئاسي في تشرين الاول الذي يليه، اذا أجريت الانتخابات النيابية بموعدها في ١٥ ايار المقبل، وهي مدة قصيرة نسبيا، ولتفادي حصول الفراغ بالسلطة لاي سبب طارىء، مع وجود حكومة مستقيلة، يستحسن تأجيل الانتخابات النيابية حتى شهر ايلول المقبل وخلال هذه المدة، يتم انشاء الميغاسنتر، واتمام كل التحضيرات المطلوبة، وانقشاع نتائج وتداعيات صفقة الملف النووي الايراني والحرب الدائرة في اوكرانيا على لبنان والمنطقة.
واستنادا الى المصادر المذكورة، فإن تطبيق هذا السيناريو على هذا النحو، وان كان يرضي فريق العهد، الا ان دونه صعوبات، لان معظم الاطراف وان كانت تحبذ تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة ضمنيا، خشية من نتائجها غير المشجعة، الا انها تتفادى البوح علنا برغبتها هذه، تجنبا لاثارة الرأي العام الداخلي، ونقمة المجتمع الدولي عليها.
وافادت مصادر وزارية أن عددا من الملفات طرح من خارج جدول الأعمال وإن الرئيس ميقاتي وحده من اثار موضوع الموقف من الحرب الروسية على أوكرانيا ولم تكن هناك اي مداخلات وزارية حول هذا الموضوع على الرغم من مداخلة سربت لوزير العمل مصطفى بيرم قال فيها: لماذا تتكرر التجربة في موقف لبنان من الحرب بين روسيا واوكرانيا بانحياز لبنان الذي لا يقدم ولا يؤخر الا اضراراً على وضعنا الصعب والمعقد الا يستحق هذا الموقف ان يناقش في مجلس الوزراء لاخراجه بطريقة صحيحة خاصة واننا اعترضنا على تصرف وزير الخارجية سابقاً وها هو الامر يتكرر في تصويت الامم المتحدة من دون أي ناقش في مجلس الوزراء السنا معنيين جميعاً كمجلس وزراء في اتخاذ المواقف السياسية اللبنانية انجاه المواقف المختلفة. لكن مصادر وزارية نفت ذلك وقالت أن الرئيس ميقاتي وحده من تحدث.
وفي المعلومات أن موضوع تنفيذ المذكرة بشأن المساعدة الاجتماعية حضر في مداخلات عدد من الوزراء وقال وزير الشؤون الاجتماعية أن هناك أرباكا في تنفيذ المذكرة وتحدث وزير العمل عن أن هناك موظفين يقطنون في أماكن بعيدة عن مركز عملهم ولا يمكن أن تطبق على جميع الأشخاص . كذلك اثار الوزير بيرم ما تم الاتفاق عليه بشأن رفع الحد الأدنى لموظفي القطاع الخاص وتبلغ قيمة الزيادة ٣ ملايين و٣٠٠ الف ليرة.
وفي موضوع المذكرة أيضا، أوضح وزير المال الكلفة وقال لا مانع من أن تشمل المساعدة الاجتماعية من يداومون لأيام محددة. وعلم أن وزير العدل استوضح وزير التربية بشأن مبلغ الـ١٨٠ دولاراً للمعلمين فقال الوزير الحلبي أنها تعطى لمرة واحدة. ثم تحدث وزير الصناعة عن الأمن الغذائي وشكلت لجنة برئاسة وزير الاقتصاد. وعرض وزير شؤون المهجرين موضوع زيارته إلى سوريا على أن تناقش النتائج في الجلسة المقبلة للحكومة. وفي موضوع الاتفاقية الأممية مع الولايات المتحدة الأميركية شرح وزير الدفاع ملابساتها وكانت ملاحظات واستفسارات للوزراء بشأن وجهة السلاح وتردد أن وزراء حزب الله وامل سجلوا إعتراضا على مشروع اتفاقية الامنية مع اميركا فقط لجهة وجوب الحفاظ على سيادة الدولة في حقها بتوزيع المساعدات على قواها الامنية بإرادتها. وأكد وزير الدفاع أن ما من تنازل عن السيادة وقدم ايضاحات.
وفي ملف سد بسري، كان سؤال لممثل مجلس الإنماء والأعمار عنا يمكن فعله بعدما اوقف البنك الدولي القرض وهناك أموال صرفت وقسم منها ذهب إلى المتعهدين وتقرر تكليف المجلس إجراء دراسة لمعرفة الحاجات.. وفي موضوع مشروع «ايكوشار «الذي حمل رئيس الجمهورية لواءه تقرر نزع الإشارات عن الاستملاكات الممتدة من خلدة إلى ضبية بما يتيح لأصحاب الاستملاكات الاستفادة منها بعدما جمدت ممتلكات عدد منهم لسنوات طويلة وهنا قال وزير المهجرين أن ذلك قد يخلق مشكلة الاستملاكات في الاوتوستراد الدائري والعربي.
الى ذلك وفي موضوع الميغاسنتر شرح وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي الدراسة التي أعدها وقال أن الميغاسنتر خطوة إصلاحية والكل مجمع على ذلك لكن اعتماده يتطلب تأمين تجهيزات لوجيستية اي تقطيع المراكز إلى غرف داخلية يتناسب عددها مع إعداد المسجلين المحتملة ومكاتب لزوم لجان القيد الخاصة بالمركز و٣٠ خادم server لكل مركز يتطلب استيرادها ثلاثة أشهر وتأمين ربط كل مركز اقتراع كبير بشبكة اوجيرو لربطه بكافة لجان القيد في المناطق عبر فايبر اوبتيك واجراء تمديدات داخل المركز لربط لجان القيد في المراكز بشبكة داخلية وتأمين لوازم إقلاع الاقتراع ومكاتب لجان القيد من تلفزيونات وآلات طباعة وكمبيوترات ولفت إلى أنرالوقت ضاغط لاسيما أن توقيت الانتخابات حدد بعد عيدي الفطر والفصح كما أن مراكز الاقتراع الكبرى يجب أن توضع بتصرف الوزارة لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من تاريخ صدور القانون. وتحدث ايضا عن الحاجة إلى طلب سلفة خزينة لاتمامها وما من أموال مرصودة لذلك. وقال إنه لا يتحمل تأجيل الانتخابات وكشف الوزير بيرم أنه مع الميغاسنتر واجراء الانتخابات في مواعيدها وتحفظ الوزير الحلبي عليها.
وقال الرئيس ميقاتي أن هناك حماسة الاقتراع وأقترح لجنة مصغرة تضم وزراء الداخلية والمالية والعدل والخارجية والثقافة والتربية والاتصالات وانضم لاحقا إليها وزير السياحة لدراسة الموضوع على أن ترفع تقريرها الثلاثاء المقبل بعد تجتمع اليوم. واعترض الرئيس عون على عدم تضمين اللجنة تقنيين لاسيما أن هناك شقا تقنيا في الملف وقال ميقاتي أنه بناء على طلب رئيس الجمهورية يمكن الاستعانة بمن تراه مناسبا وإن بامكان الخبراء الانضمام إليها. وعلم أن الجلسة المقبلة للمجلس قد تنقل من السراي إلى بعبدا .
وقرر المجلس أيضا الغناء مكتب السياحة في باريس على ان تتم دراسة وضع العاملين فيه كما أقر المجلس سلفة بقيمة مليار و٢٠٠ مليون للهيئة العليا للإغاثة لإعادة اللبنانيين من أوكرانيا.
كما أقر مجلس الوزراء في جلسته امس في القصر الجمهوري مشروع قانون من وزارة الداخلية تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية سنة كاملة، بسبب عدم الجهوزية المادية والبشرية لذلك ويقترح إجراءها في 31 أيار 2023 على أن يحال هذا الاقتراح على مجلس النواب ليتخذ القرار المناسب.
وقرر تشكيل لجنة طوارئ لمواكبة موضوع الأمن الغذائي وحماية الأسواق لجهة الاحتكار والتلاعب بالأسعار. قوامها وزراء الاقتصاد الصناعة الزراعة الدفاع والمالية والثقافة، وذلك بعدما اثار رئيس الجمهورية ميشال عون او رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الاقتصاد امين سلام في مستهل الجلسة موضوع الأمن الغذائي ومخاطر عدم تأمين القمح وغيره في ظل الحرب على أوكرانيا على اعتبار أن الأمن الغذائي أولوية.
وعُلم ان وزير الاقتصاد سيتّخذ مطلع الأسبوع المقبل قراراً يقضي بتوقيف أذونات التصدير لعدد من المواد الأولية المهمة التي يُصدّرها لبنان، وذلك إفساحاً في المجال أمام الإكتفاء الذاتي وحماية الإكتفاء المحلي.
لكن عاد التوتر الى الحكومة على خلفية الموقف الرسمي الجديد بتصويت لبنان الى جانب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول وقف الحرب الروسية على اوكرانيا. وقد أثار وزير العمل مصطفى بيرم هذا الموضوع وقدم مداخلة حوله قال فيها: لماذا تتكرّر التجربة في موقف لبنان من الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بانحياز لبنان الذي لا يقدّم ولا يؤخّر إلا اضراراً على وضعنا الصعب والمعقد؟ ألا يستحق هذا الموقف أن يناقش في مجلس الوزراء لإخراجه بطريقة صحيحة، خصوصاً وأننا اعترضنا على تصرّف وزير الخارجية سابقاً؟ وها هو الأمر يتكرر في تصويت الأمم المتحدة من دون أن يناقش في مجلس الوزراء؟ ألسنا معنيين جميعاً كمجلس وزراء في اتخاذ المواقف السياسية اللبنانية تجاه المواقف المختلفة؟
وردّ ميقاتي: قلنا لكم إنّ روسيا ليس مقصودة ولا مستهدفة من البيان. نحن ضدّ أي تدخل دولي في أي دولة أياً تكن الدولة المتدخلة.
وكان ميقاتي قد عرض ايضاً في مستهل الجلسة الأسباب التي دفعت بلبنان إلى اتخاذ موقف من النزاع الروسي - الأوكراني، وقال: إن هذا الموقف ينطلق من سرد تاريخي لمواقف مبدئية اتخذها لبنان بإدانة أي دولة تغزو دولة جارة، علما أن موقفنا من روسيا يقوم على ضرورة إقامة أفضل العلاقات معها.
وجرى نقاش حول دراسة وزارة الداخلية المتعلقة بإنشاء مراكز الاقتراع الكبرى (ميغا سنتر) وقال وزير الداخلية وسام مولوي: أنا ضدّ تأجيل الإنتخابات ومع إجرائها في موعدها وتطبيق «الميغاسنتر» يحتاج إلى وقت وإلى أموال وهذا غير متوافر، و«أنا ما عم بشتغل سياسية بل أقول ما يمكن فعله»
واوضح مولوي انه تواصل مع هيئة «أوجيرو» وإنّ «الميغاسنتر» بحاجة إلى معدّات من الخارج وإلى اعماد الالياف الضوئية للانترنت «فايبر أوبتيك» .
بعد نقاش مستفيض لتقرير وزارة الداخلية وانقسام الوزراء حوله، قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة وزارية تضم وزراء: الداخلية والعدل التربية والثقافة والمالية والسياحة والاتصالات، لدرس موضوع انشاء مراكز الاقتراع الكبرى ومدى امكانية اعتماد آلية في الانتخابات النيابية ورفع تقرير بالنتيجة في مهلة اقصاها يوم الثلاثاء المقبل تمهيدا لعرض الموضوع على مجلس الوزراء في الاجتماع المقبل للحكومة، على ان تستعين اللجنة بمن تراه مناسباً في اعداد التقرير المطلوب منها.
ونفى وزير الاعلام بالوكالة عباس الحلبي ان يكون وراء تشكيل اللجنة واحتمال اقرار انشاء الميغا سنتر نية لتاجيل الانتخابات النيابية، واكد ان السبب فقط قانوني ولوجستي بحاجة لدرس خاصة مع وجود اجراءات اخرى يمكن اللجوء إليها ابسط واقل كلفة. واوضح ان هناك ثلاثة مستويات لدراسة الموضوع: المستوى القانوني والتشريعي، والمستوى المالي والمستوى اللوجستي وهذا ما ستبحثه اللجنة.
الى ذلك، بحث مجلس الوزراء إمكانية إعادة التواصل مع البنك الدولي من أجل إعادة احياء مشروع سد بسري وتمويله من القرض الذي الغاه البند وقيمته 195 مليون دولار. كما سجل الوزراء المحسوبون على «امل وحزب الله» اعتراضاً على مشروع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأميركية لتقديم مساعدات الى الاجهزة الامنية والعسكرية، فقط لجهة ما سمّوه «وجوب الحفاظ على سيادة الدولة في حقها بتوزيع المساعدات على قواها الأمنية بإرادتها». لكن تم اقرار البند على ان تقرر الحكومة وجهة استعمال هذه المساعدات في الاجهزة الامنية وليس ان تأتي من اميركا الى جهة معينة.
وجرى نقاش ايضا حول بند الطاقة المتجددة، حيث اعتبر بعض الوزراء انه يجب ان يكون من ضمن لقانون 462 المتعلق بتنظيم قطاع الطاقة ومن ضمن خطة الكهرباء وليس منفصلاً عنها. كما طلب الرئيس عون ازالة الاشارات الموجودة على عقارات مشروع «هوكوشار» والمتعلق بالاوتوسترادات الممتدة من خلدة حتى ضبيه.