"دائرة بيروت الثانية" تفتقد "الناخب الأول"... وتضعضع اللوائح
لا شكّ أن "دائرة بيروت الثانية" هي الأكثر تعقيداً على الصعيد الانتخابي لاعتبارات عدّة، أهمّها غياب إسم "الناخب السنّي الأول" الرئيس سعد الحريري عن اللوائح الانتخابية في أيار 2022، للمرّة الأولى منذ تولي زعيم تيار "المستقبل" شعلة الاستمرارية عن والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أعطى للاستحقاقات الانتخابية في بيروت زخماً حيوياً كلّل أولى ومضات "انتفاضة الاستقلال" مع فوز قائمته عام 2000 بكامل اللوائح في الدوائر الثلاث حينذاك. ويبدو أنّ الزمن الانتخابي هامد وتغيب عن شوارع بيروت البهجة هذه السنة، في وقت الكلمة للارباك والتضعضع حتى اللحظة بانتظار اتضاح نتائج العمل على المبادرات التي بدأها رؤساء الحكومة السابقون خلف الكواليس في سبيل تأكيد تَماسُك الساحة السنّية وحضورها.
ما تأكّد أن "بيروت الثانية" تشهد نوعاً من التضعضع الكبير في خيارات القوى المحسوبة على المجتمع المدني، في ظلّ خلافات لا يمكن الاستهانة بحجمها أو انعكاساتها على النتائج الانتخابية مع بروز نواة تشكيل لوائح تشير الى انقسام واضح. وعلم "لبنان الكبير" أن أسباب الخلاف ممتدّة منذ انتخابات بلدية بيروت عام 2016 بين أعضاء "بيروت مدينتي" سابقاً ما بين ابرهيم منيمنة الذي ترشّح لرئاسة البلدية يومذاك قبل أن ينسحب من المجموعة نتيحة خلافات شخصية بين الطرفين متعلقة بالانتخابات.
ويستعد منيمنة لخوض الانتخابات على لائحة منفصلة عن لائحة "مدينتي" التي من جهتها تتّجه للتحالف مع تنظيم "لحقي" في الدائرة، إضافة الى لائحة تعتزم تشكيلها "جبهة المعارضة اللبنانية" علماً أن تحالفات الجبهة لم تحسم حتى الساعة، لكن بات معلوماً من بين الأسماء التي تتحضر للترشح من دون أن يحسم خيار ترشيحها او ترشّحها، كلّ من وضلح صادق، حسن سنو، وليد فخر الدين، لينا الترزي وميا عطوي. كما يتحضّر النائب فؤاد مخزومي لتشكيل لائحة رابعة مع شخصيات مستقلة ومن المجتمع المدني. وتعني هذه الصورة الاتجاه نحو تشتّت واسع النطاق على صعيد القوى التي تضع نفسها في خانة التغييرية، والتي لم تستطع تجاوز اختلافاتها والانضواء ضمن لائحة واحدة.
إلى ذلك، أشارت معلومات "لبنان الكبير" إلى أن هناك مشاورات تعقدها شخصيات من ضمن المجتمع المدني المنضوية في "جبهة المعارضة" مع السفير نواف سلام غايتها التداول في امكان ترشّحه عبر لوائحها. وحصلت المشاورات أولا من خلال اتصالات واجتماعات افتراضية قبل عودة السفير سلام الى بيروت، حيث عُلم أنه تم عقد لقاءين مباشرين تناولا الموضوع الانتخابي من دون أن يعطي سلام كلمة بالترشّح من عدمه حتى الآن. وينتظر أن يتبلور قراره في غضون الأيام القليلة المقبلة، علماً أنه أتى إلى لبنان في زيارة متعلّقة بشأن عائلي لا علاقة لها بخوض الانتخابات. ويقدّر مواكبون توجه نواف سلام نحو خوض الانتخابات من عدمه بمعدل 50%.
المتغير الذي ستشهده "دائرة بيروت الثانية" هذه المرة مقارنة بانتخابات 2018، يتعلّق في التوجه نحو الانفصال بين لائحة جمعية المشاريع ولائحة "الثنائي الشيعي". وتتّجه جمعية المشاريع نحو خوض الانتخابات عبر لائحة منفردة بها. وثمة محاذير ومخاطر يشير اليها البعض لناحية امكان استفراد "الحزب" بهذه الدائرة الانتخابية.
ويبلغ عدد المقاعد الانتخابية في الدائرة 11 مقعداً في وقت تشير استطلاعات الرأي إلى معركة تدور تحديداً على صعيد 5 مقاعد، في ظل ضمان "الثنائي الشيعي" 3 حواصل انتخابية حيث تم تجيير المقعد الثالث في الانتخابات الماضية لمصلحة "التيار الوطني الحرّ" عن مقعد الأقليات. وتحظى جمعية المشاريع بحاصل انتخابي، في حين تسعى الى تحصيل حاصل آخر من خلال الكسر الانتخابي. ويضمن المخزومي حاصلاً واحداً. وبذلك فإن المعركة ستكون على كسب مقاعد اضافية من خلال الكسور الانتخابية علماً أن الانخفاض المرجح للاقتراع في ظل عزوف تيار "المستقبل" سيؤدّي إلى انخفاض الحاصل الانتخابي في "بيروت الثانية".