سامي الجميّل: سنُسقط "شرعية" سلاح حزب الله بالبرلمان وإن توحّدنا بإمكاننا هزّ المجلس
كتب وليد حسين ونادر فوز في المدن:
يؤمن رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميّل، بأنّ الانتخابات النيابية المقبلة استحقاق أساسي لتجديد الحياة السياسية التي دمّرها أفرقاء التسويات ودمّروا البلد معها، وأخذوه إلى واقع الأزمات والانهيارات. والجميّل، يدرك جيداً هدفه المتمثّل بخلق قوة نيابية متحرّرة داخل الندوة البرلمانية، قادرة على خوض المعارك ولا تنجرّ إلى تسويات أو صفقات السائد السياسي. والمعركة اليوم هي لتأمين قوة نيابية قادرة على المواجهة والمحاسبة. فيصف علاقة حزب الكتائب بسائر قوى المعارضة الأخرى بالجيّدة. يؤكد على التنسيق والتواصل المستمرّين من أجل الوصول إلى خطاب ورؤية وبرنامج سياسي وانتخابي موحّد. وكل هذا طبعاً انطلاقاً من ثابتتين، أولاً في سيادة لبنان في ظل سلاح حزب الله، وثانياً في المحاسبة والتغيير. فكان هذا اللقاء مع سامي الجميّل، من المقرّ المركزي لحزب الكتائب في الصيفي، الذي دمّره انفجار مرفأ بيروت يوم 4 آب 2020، وحصد من الحزب شهداء وضحايا وجرحى.
قوّة نيابية متحرّرة
في ظل الواقع العام الذي يشهد اللبنانيون على انحداره وسوئه وانهياره، يعتبر الجميّل أن "لدينا تحدّياً أساسياً في تجديد حياتنا السياسية وخلق قوة متحرّرة في مجلس النواب، تكون قادرة على خوض المعارك ولا تكون قابلة للمساومة على حساب البلد، فتدخل في تسويات على الطريقة القديمة لتؤسس لأزمات جديدة أو للدولاب نفسه الذي يدور منذ سنوات، أي إجراء انتخابات ثم تسوية ثمة أزمة. وفي كل محطة من كل هذه المحطات، يعود البلد إلى الوراء". المطلوب إذاً "أن ينهض البلد مجدداً وأن تأخذ الحياة السياسية في لبنان دفعاً جديداً وتذهب في اتجاه أفضل، من خلال دخول قوّة غير منضبطة إلى مجلس النواب تخوض المعارك حتى نهايتها".
أولاً السلاح والشرعية
بين السيناريوهات المطروحة لحل الأزمة اللبنانية، من مؤتمر تأسيسي أو تعديل دستوري، يعتبر الجميّل أنه "مهما كان سيناريو نتائج الانتخابات، يجب أن نكون جاهزين لمواجهة أي استحقاق آتٍ. وهنا الحاجة أن يكون عندنا قوة سياسية في المجلس قادرة على المواجهة وقلب المعادلات داخله، وأن لا يكون أحد قادراً على المونة عليها بأي صفقة". فيحدّد معيارين أساسيين سيخوض حزب الكتائب الانتخابات على أساسهما، أولاً "موضوع السيادة وموضوع حزب الله، لأنه لا يمكن بناء دولة بوجود سلاحين، ولا يمكن ترك حزب الله مسيطراً بهذا الشكل على المجلس". فالهدف أولاً "هو سحب الشرعية من حزب الله الذي يمسك الآن بالشرعية. اليوم، لسنا قادرين على إنهاء ظاهرة السلاح، إلا أننا قادرون على سحب هذه الشرعية". والمقصود هو الشرعية التي يعطيها مجلس النواب ومجلس الوزراء لحزب الله وسلاحه، فـ"السلاح يسيطر على الدولة، وبالتالي، الدولة تعطي الشرعية لهذا السلاح. يهمنا سحب الشرعية الرسمية". وهذا "أول عمود فقري في هذه المعركة، المعركة السيادية وإسقاط شرعية السلاح في الحكومة والمجلس".
التغيير والمحاسبة
والعنوان الثاني هو التغيير والمحاسبة. أي "أن لا يعود أفرقاء التسوية، وهم أكثرهم من أمراء الحرب الذين يجتمعون في ما بينهم ويعدّون الصفقات مع بعضهم، ثم يختلفون ويتصالحون ولا نعرف لماذا تخانقوا أو لماذا تصالحوا". ومن هذا المنطلق يؤكد الجميّل على أنه "يهمّنا التجديد في هذا المجلس، لتتمّ فيه المحاسبة على كل الأداء الذي أوصلنا إلى هذا الوضع. محاسبة أفرقاء التسوية الرئاسية على ما أوصلوا البلاد إليه في السياسة والاقتصاد والوضع الاجتماعي والنقدي". ويضيف، أنّ تجديد الحياة السياسية يستوجب "إقامة نهج جديد مبني على الصدق والوضوح وعلى كفاءة الأشخاص ولعب دورهم الكامل في المحاسبة وتقديم المشاريع". ويلفت إلى أنه في الفترة الأخيرة "كانت المعارضة في مجلس النواب تقتصر على 4 نواب فقط، نحن ثلاثة نواب وبولا يعقوبيان الرابعة، عملياً لا يمكن أن تكون لنا حياة سياسية حقيقية إذا لم تكن هذه الكتلة وازنة وقادرة على لعب دورها في اللجان والهيئة العامة والحياة السياسية بشكل عام، وتكون منطلقاً لتجديد الحياة السياسية عموماً في لبنان".
التدخل الخارجي
وحول التدخلات الخارجية، يشدد الجميل على "رفض فكرة الرضوخ للواقع القائل إنّ كل شيء يتم اتخاذ القرار فيه في الخارج. بالنسبة لنا، صحيح أنّ للخارج تأثيراً في الداخل، لكن ما كان له هذا التأثير لو أنه ليس من قوى داخلية تقبل بأن تكون أزلاماً للخارج". ويشير إلى أنّ "لبنان يتراجع منذ 60 سنة، كان عندنا كهرباء 24 على 24، قطار، ترامواي، طرقات، كان لبنان في المرتبة العالمية الثالثة على المستوى الاجتماعي، وعلى مستوى الناتج القومي مقارنة بالدخل الفردي، كنا سويسرا الشرق". يسأل "لماذا هذا البلد تراجع وأصبح شعبه بهذا الفقر والذل وعشنا كل هذه الأزمات والحروب وقلة الاستقرار"؟ ويجيب "جيل جديد أتى ليقول إنه حان وقت وقف هذا التدهور. ونحاول تجاوز الأخطاء وأخذ العبر منها، وإجراء التغيير".
وحول موضوع المفاوضات الأميركية الإيرانية، يقول إنّ "همّنا لبنان. أي تسوية أميركية إيرانية حتماً سيكون لها تأثير على البلد. نوع التأثير يحدده إذا كان في المجلس نواب لبنانيون لهم مصلحة لبنان أولاً، وقادرين على المواجهة إذا كانت هذه التسوية ضد مصلحة لبنان، ومواكبة هذه التسوية إن كانت لصالح لبنان. المهم أن لا يكون المجلس من مستزلمين ينفذون أجندات على حساب لبنان بدل الدفاع عنه ومصلحة البلد".
الانتخابات وتغيير الموازين
وحول واقع أنّ الانتخابات النيابية لا تغيّر نظاماً بل تعدّل الموازين السياسية، يعتبر الجميّل أنّ "تجربة حزب الكتائب تقول إننا كنا 5 نواب عارضنا التسوية الرئاسية، ثم 4 نواب بعد عام 2018، وتأثيرنا كان هائلاً على الرأي العام خلال الفترة الماضية". يقرّ بأنّ التأثير لم يكن يذكر على التصويت البرلماني "إنما خضنا مواجهة تأسيسية لـ17 تشرين، في معركة الضرائب، في مراجعات المجلس الدستوري، في مداخلات مجلس النواب وفي المواجهة التي خضناها في الجلسات، وكان لها صدى كبير، وذلك فقط بـ5 نواب". ويضيف أنه "إذا باتت المعارضة اليوم وازنة في المجلس فبإمكاننا هزّ المجلس، لأن بقية الكتل تعمل لإيصال أزلام بدل أشخاص لديهم القدرة على المواجهة. وذلك يتجلّى في واقع أنه من أصل 128 نائباً ثمة فقط 10 نواب يتّحدثون والبقية يتفرّجون". ويستشهد بتجربة الرئيس ميشال عون "الذي دخل إلى البرلمان عام 2005 مع 15 نائباً فقط، وشكّل معادلة أساسية لأن كتلته عملت بنشاط ونضال". ويلفت إلى أنه "اليوم، لدينا قضية، وبلد ينهار، ومسؤولية كبيرة كجيل شبابي متحررين من كل القيود، وحتماً سيكون لنا تأثير كبير على الحياة السياسية أكبر بكثير من أي مرحلة سابقة".
علاقة مجموعات تشرين
بالنسبة لعدد من مجموعات 17 تشرين، لا يزال حزب الكتائب جزءاً من السلطة التقليدية، وفيه وراثة سياسية وله طموحاته المنفصلة عن الشارع والناس. يردّ الجميل على كل ذلك مؤكداً على أنّ "الجو في هذا الإطار أصبح محصوراً، فنحن على تواصل وتنسيق مع السواد الأعظم من المجموعات الموجودة على الأرض، نلتقي بهم ونعمل سوياً وفي بعض الدوائر نحضّر سوياً للانتخابات". يضيف أنّ "لا أحد قادراً على إرضاء كل الناس، لكن نحن على علاقة جيدة بـ80% من الناس الذين نحن على تواصل معهم من المجموعات، من طرابلس إلى الجنوب". يشير إلى جبهة المعارضة اللبنانية التي تجمع الكتائب مع 11 مجموعة أخرى أساسية في 17 تشرين، "منها عامية 17 تشرين، نبض الجنوب، خط أحمر، تجمّع مواكبة الثورة، ثوار عكار، اتحاد ثوار الشمال، تقدّم، ريبيلز.. وشكلنا إطاراً جبهوياً". كما أنّ "علاقتنا جيّدة مع أفرقاء آخرين مثل الكتلة الوطنية ومنتشرين وتحالف وطني وعلى تواصل مع أغلب المجموعات". ويلفت إلى أنّ بعض المجموعات "تعتبر أنّ لديها منافسة انتخابية معنا، فتلبّس الحسابات الانتخابية إطاراً سياسياً، وهذا تكتيك انتخابي، لكن من ناحية العلاقات نحن أيضاً على تواصل مع التيار التاريخي (العوني)، ومع مختلف أطياف مناخ المعارضة". وحول تجربة نقابة المحامين، يشدّد الجميل على أنّه "تخطّينا هذه التجربة وباتت وراءنا، هذا الموضوع انتهى وعالجناه في ما بيننا، ونقابة المحامين لها وضع خاص حيث العوامل الشخصية والعلاقات والحضور على الأرض".
التوحّد ومخاض التغيير
ويؤكد الجميل أنّ الإعلان عن توحيد الجهود والصفوف لدى المعارضة بات على نار حامية. يعتبر أنّ ثورة 17 تشرين "مخاض يحاول الشعب اللبناني من خلال تجديد الحياة السياسية وكسر الأحادية الموجودة في النادي السياسي المسيطر على الحياة السياسية منذ فترة طويلة". وفي توصيف للواقع، فإنّ "الشعب اللبناني لن يكون مكبوتاً ويعيش في قفص حيث ممنوع على أحد التواصل مع أحد في مربعات طائفية على رأسها زعامات مستعبدين طوائفهم ويذلّوهم ويستفيدون منهم ويحبسونهم كي يظلوا محافظين على مواقعهم". يؤكد على أنه ليس سهلاً الطلب إلى اللبنانيين "التحرّر من هذه التركيبة التي زرعت الخوف، نحن نقوم بكسر قيود وكسر سجن كنا نعيش فيه منذ فترة. وهذا المخاض لن يكون سهلاً، وهذه تجربة صعبة بالأخص أنّ هذه المنظومة المسيطرة على المال والمؤسسات وإدارة الدولة ستفعل أي شيء لمنع اللبنانيين من التحرّر".
ويشدد على أنّ الأهم "محاربة الشقاق الذي ستحاول التركيبة زرعه، وكمّ الشائعات الذي سيتم ضخّه، وكذلك الألاعيب الأمنية، وجزء كبير من اللبنانيين غير معتاد على ألاعيب السلطة. ناس طيّبون لديهم كفاءات وقدرات وحب للبنان ونية صافية لبنائه، لكنهم من دون تجربة، وبالتالي من جهتنا نلعب دوراً كبيراً لنعطي من تجربتنا وتنظيمنا لمساعدة كل هذا الجو للتوحّد والتنظّم".
توقعّات الكتلة المعارضة
بالنسبة للأرقام والتوقعات، يعتبر الجميل أنّ حجم الكتلة النيابية المعارضة "متوقف على الحملة وعلى الناس ووعيهم". يدرك جيّداً انّ أولى الخطوات التي يجب اتخاذها هي "تقديم لائحة معارضة موحدة، ولا يمكن أن نحكي مع الناس قبل ذلك". وذلك من خلال تكريس برنامج موحد "على رأسه موضوع السيادة والمحاسبة والمقاربة الوطنية اللبنانية العابرة للمناطق والطوائف. وانطلاقاً من هذه المقاربة وهذا التنظيم وهذا الطرح والبديل، تبدأ المعركة". فالناس، على ما يقول، "تريد التغيير لكنها تريد رؤية مشهدية جدية وبديلاً جدياً عن الموجود لخوض المعركة". وحول التحالفات التي سيخوض الكتائب الانتخابات على أساسها، يشير إلى أن "ثمة مقاربة وطنية عامة، ولكل دائرة انتخابية خصوصياتها وليست كل المجموعات حاضرة في كل المناطق". وفي خوض تجربة توحيد قوى المعارضة، دعوة من الجميل للكتائبيين ولجميع المعنيين إلى "الانفتاح وعدم وضع سقوف عالية خلال النقاشات، ثم تقديم البديل للناس التي تقع عليها مسؤولية الخيار".