صنين لفظ الإحتلال ومعه الزمن المرّ
يضيع موعد الانتخابات النيابية لعام 2022 بين الطعون والتواقيع والتصريحات والتهديدات، إلا أن هذه الانتخابات تبدو حاصلة حتما في ظل ضغوط دولية وشعبية لعدم تأجيلها.
وفيما انطلقت الحملات الانتخابية في عدد كبير من الدوائر، إلا أن المنافسة تزداد حماوة في بعض المناطق التي من المتوقع أن يقلب فيها الناخبون الطاولة على رموز السلطة وحلفائهم.
ومن بين هذه المناطق دائرة المتن على سبيل المثال لا الحصر التي كان لأحزاب السلطة ثقلا فيها. إلا أن المزاج الشعبي المتني بحسب استطلاعات الرأي الأولية يميل إلى التغيير الجذري، أي إلى أسماء جديدة لا تذكّر بالسلطات المتعاقبة.
لكن بعض المرشحين يخوض الانتخابات على الطريقة التقليدية وبنفس النهج البائد الذي لطالما اعتمدته السلطات السابقة، ومنهم الفتى ميشال الياس المرّ، حفيد الوزيرالسابق ميشال المرّ، وحفيد رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، والمر الجد ولحود كانا حليفي سوريا ورمزي النظام الأمني اللبناني السوري المشترك.
المرشح الناعم الأظافر الذي لم نسمع صوته بعد، ولا عرفه الشأن العام بأي تحرك سياسي أو موقف فكري ولو حتى صوريا، ويتكلم بالنيابة عنه معاونو جده المرّ حتى الآن، يبدو أنه يتبنى في أسلوبه السياسي، نهج جدّيه اللذان كانا رمزين للإحتلال السوري في لبنان، وفي طليعة المدافعين عنه والخاضعين له، ناهيك عن النهج الإداري الفاشل والفاسد الذي تميّز بالزبائنية، وسوء استخدام السلطة، وتركيب الملفات، وضرب الحريات العامة، وإقفال المحطات التلفزيونية الرافضة للإحتلال السوري، وكمّ أفواه الأحرار من الذين رفعوا الصوت عاليا في وجه الإحتلال السوري وأزلامه في الفترة الممتدة بين عامي 1990 و2005.
فإذا لم يعلن ميشال الياس المرّ جهارة إدانته ورفضه الصريح لارث جدّه الراحل الذي سلمه السوريون زمام الأمور السياسية في المتن ومعظم البلد، واذا لم ينتفض على جدّه الآخر اميل لحود مرتكب 7 آب وراعي مسيرة ضرب الحريات في لبنان، فسيكون حتما مكملا لهذا النهج ومنذرا حضوره السياسي بعودة مشتقات الإحتلال بحلّة وريث.
واذا لم يعلن ميشال الياس المرّ رفضه أداء جده في الداخلية الذي حوّل عناصر القوى الأمنية في عهده إلى أزلام له ينفذون أهواءه السياسية فهو حتما مؤيد لها.
وإذا لم يعلن المرشح، المبتدئ في السياسة، انفصاله التام عن جدّه الرئيس فهو حتما مناصر للنظام السوري المجرم بحق اللبنانيين والذي قتل الآلاف وعذب الآلاف وذلّ اللبنانيين بعلم ورضا جديه.
فيا أيها الفتى الداخل على السياسة من الإنتخابات، إن انتهاج نهج العائلة السياسي مثل: تسخير إدارات الدولة للمصالح الشخصية، والارتهان للسوري، وإذلال أهل المتن لمصلحة النظام الأمني، وعرقلة المعاملات الإدارية لحين إعلان الولاء، إضافة إلى التهديدات التي لا تُحصى ولا تعد، لا مكان لها في الجمهورية الجديدة.
لقد كسر اللبنانيون حاجز الخوف ورفضوا الذل ويبحثون عن لبنان يشبههم، عن جمهورية جديدة حضارية تحترم حقوق الإنسان وتؤمن بلبنان سيدا حرا مستقلا، لا مكان فيها للوراثة السياسية المتخلّفة، ولا حتى لتمرير العدّة القديمة المهترئة التي استخدمها المحتلّ لإخضاع لبنان.
يبحث اللبنانيون عن أفكار تنهض بلبنان إلى مصاف العالم الأول والدول المتطورة، عن جمهورية تلبي طموحاتهم وتؤمّن لهم العيش الكريم بعيدا على الاستعطاء.
في الجمهورية الثالثة الآتية بعد الإنتخابات النيابية العتيدة يبحث اللبنانيون عن شباب لديهم رؤاً واضحة وأفكارا استثمارية وخططا اقتصادية، عن أشخاص مندفعين للعمل في الشأن العام من منطلق الخدمة العامة والنضال اليومي الدؤوب، وليس في المناسبات الانتخابية فقط وبعد الإنتخابات السلام، عملا بمقولة العام 2018 "كونوا معنا في 6 الشهر ونكون معكم في 7 الشهر" وفي 7 الشهر يقفلون خطوطهم وينقطعون عن "الشعب العادي" ويسافرون !!!
في الجمهورية العتيدة يريد اللبنانيون فصل السياسة عن القضاء، ويبحثون عن أشخاص يحتكمون للقانون ويحترمونه ولا يعوّلون على أصحاب السوابق من الذين يتلطون بعباءة جدّهم لكي يستمرّوا بالعمل فوق القانون.
لقد تغير الواقع القديم خاصة بعد كل ما مرّ على اللبنانيين فأين أنت أيها الوريث الحديث من كل ما ذكر؟ إعلم أن السياسة لم تعد جاها وترفا، ولا الانتخابات مغامرة حسابية يعززها أمر واقع المجنسين، بعد كل ما حل باللبنانيين سينتفض أهل المتن وكل لبنان لكرامتهم ولمستقبل بلدهم ولن يعيدوا بناء هيكل الظلم والذلّ ولن يسمحوا للتاريخ الأسود أن يعيد نفسه مرتين لأن الزمن الرديء إن كان مرّا فبياض ونقاء صنين لفظه إلى مزبلة التاريخ.