طبول الانتخابات بدأت تقرع والناس تتعجّب
كتب رمال جوني في نداء الوطن: إغتالت السلطة الحاكمة، حلم الناس، حوّلت حياتهم لجحيم لا يوصف، وعلى وقع موجة الاغتيالات الاقتصادية لكافة القطاعات الحياتية، لم ينتفض بنو البشر على كوارثهم، ما عدا قطاع النقل الذي كاد أن ينفجر غضبا في الشارع، بعدما خسر مصدر عيشه بسبب فورة الارتفاعات المتتالية للبنزين، غير أن التحرك ايضا طار والحجة أمنية، رغم حالة الاستياء التي أصابت السائقين الذين اعتبر البعض منهم ان الغاء يوم الغضب ما هو الا صفقة سياسية، وقد تكون طبخة انتخابية على حسابنا، ونحن كبش المحرقة.
كان يُعد السائقون العدة للانقلاب على واقعهم، ولكن كالعادة فشل التحرك، وأُسقط بضربة السياسة القاضية، التي جعلت من قطاع النقل قطاعاً منهكاً، ينتظر الوعود الحكومية التي تترجم عملياً ضرائب، غلاء، ارتفاع اسعار. لا يُحسد السائقون، فالظروف تعيسة، وكل السائقين طالتهم لعنة الغلاء باتوا يتفرجون على مصيبتهم، فالركاب طاروا، والطرقات فاضية، أما السائق فيندب حظه، من هنا تؤكد المعلومات لـ"نداء الوطن" أن إلغاء التحرك كان بمثابة الضربة القاضية، فشهر من الانتظار، يعني في حساباتهم انتهاء مدة صلاحية عملهم.
على وقع انطلاق صافرة الانتخابات، يبدو ان الطبقة الحاكمة لا يناسبها ضجيج الشارع، وستحاول قمعه قدر الامكان ولا يخفي أحد أن معظم النقابات العمالية وغيرها في لبنان تحت إمرة الاحزاب، وهي لا تتحرك الا لتوجيه رسائل ذات الشمال وذات اليمين السياسي، ولو كان السائق والعامل والموظف هم المتضررون من سياسة الطبقة الحاكمة، التي لم تترك باباً للضرائب والمصائب، الا وفتحته على الناس، ووفق المصادر أيضاً فإن سقف الغضب لدى السائقين اليوم كبير على ما آل اليه قطاع النقل، الذي أسهمت السلطة الفاسدة في تدميره وتحويله الى قطاع عاطل عن العمل، بعدما شهد عزّاً ورواجاً في السنوات الماضية، ولجأ اليه كل الشباب العاطل عن العمل، غير أنه مني بأكبر إنتكاسة في تاريخه، وبات السائق يشحذ لقمته ودواءه وعلته في آن، ولعل أبرز المطالب التي يتمسك بها كل السائقين اليوم دعم المحروقات والبطاقة التمويلية التي تشير المصادر أنها ستكون استنسابية ولن تطال الفقراء والكادحين بل المحسوبيات، بل تؤكد المصادر أنها ستكون "تنفيعات انتخابية". ويؤكد السائقون أنه ما لم تصدق وعود السلطة فالحساب سيكون عسيراً مرة في الشارع ومرة في صندوقة الانتخابات ويجتمعون على مطالبهم لأن الفقر يطالهم وحدهم من دون الاحزاب والطبقة التي اوصلتهم إلى الجحيم.
وأكثر ما يثير غضب الشارع اليوم أن لقمته باتت مهددة، في ظل التراشق الخطابي اللعين، اذ يبدو ان لعبة الانتخابات بدأت تطرق أبواب النبطية، وبدأت كل الأحزاب تُعد العدة لها، سواء عبر المهرجانات السياسية التي تقام في مختلف القرى، ويتحدث خلالها النواب الذين غابوا طيلة عواصف الأزمة، ولم يسمع أحد بحسهم، وكأن طبول المعركة بدأت تقرع باكراً، إستنهاضاً للحشد الشعبي المتزعزع والناقم بشكل كبير عليهم جميعاً، خاصة وأنهم تركوا الناس تتخبط بالمعاناة واحتكار التجار لها بدون رادع منهم، وبالتالي، فإن الحساب الشعبي سيكون قاسياً هذه المرة، فالمواجهة الانتخابية اليوم ستكون بين لقمة الناس المرة التي سرقها الزعماء من فمهم، وبين زعماء يحاولون ترقيع صورتهم بإستغلال واقعهم لغاية سياسية انتخابية.
واللافت في موجة الانتخابات المبكرة دخول أحزاب جديدة الى منطقة النبطية، ومنها حزب الكتلة الوطنية اللبنانية الذي سيفتتح مكتبه ونشاطه السياسي نهار السبت المقبل متحالفاً مع تجمع "وطني هويتي" والذي يجمع في طياته بعض فروع حراك النبطية، ما يعني أن الكتلة الوطنية و"وطني هويتي"، يتحضران لخوض المعركة الانتخابية معاً في وجه الثناني الشيعي، ومتوقع وفق المعلومات ان يجمعوا كوادر من حراك النبطية، للتحضير للانتخابات المقبلة، حيث يبدو ان كل طرف سيحاول أن يشدّ العصب الشعبي من ناحيته.
ولكن السؤال الفعلي والواقعي أين هموم الناس من كل الخطابات والمهرجانات، وهل فعلاً لها محل من الاعراب الفعلي أم لا؟ وماذا عن الغلاء والفساد والأزمات التي تعشعش في قلب حياة الناس، هل ستكون محور اهتمام أم مصيدة للناس؟
المؤكد وفق المؤشرات أن أحداً لا ينتبه للمواطن الذي دخل في الارتطام الكبير، وبات همه كيف يصمد على الظلم اللاحق به، والذي طالته حمم براكين الفساد كلها، فيما الساسة اسياد الفساد يتحكمون برقاب الناس، الذين يأكلون الأكل الفاسد الذي يباع في الاسواق وآخر أوراق هذا الملف اقفال منزل يبيع لبناً غير مطابق للمواصفات، يديره سوري في بلدة كفررمان، ذلك أن اللبن تتآكله الروائح والذباب ويباع للناس بأسعار ارخص من السوق، ما دفع بشرطة بلدية كفررمان بمؤازرة فريق من طبابة القضاء في وزارة الصحة لمداهمته وتلف اللبن وتسطير محضر ظبط وفق ما اكد رئيس بلدية كفررمان هيثم أبو زيد الذي اعتبر أن بيع اللبن للناس بهذه الطريقة مخالف للصحة، والمنزل والبضاعة كلها غير مطابقة حيث تغزو المكان الذباب والاوساخ والعفن يطفو على الجبنة ما دفعنا لمداهمته وتلف المواد المضبوطة واقفال المنزل.
السؤال المنطقي كم بائع مماثل يبيع لبناً واجباناً وحتى لحوماً فاسدة للناس مستغلاً حاجتهم والعوز، اليست الطبقة الفاسدة هي المسؤولة عما آلت اليه الاوضاع المعيشية للناس، فهؤلاء لا يريدون خطابات ولا ندوات انتخابية وحفلات تمسيح جوخ، يريدون اصلاحاً وتصحيحاً لاحوالهم وبعدها تحدثوا بالانتخابات والا فالحكم لصندوقة الاقتراع وكل سيحصد مما جنته يداه.