كسروان - جبيل: تركيب اللوائح أصعب من معركتها!
كتبت كلير شكر في نداء الوطن:
لعلّ الضبابيّة التي تحيط بدائرة كسروان- جبيل، لجهة تشكيل اللوائح، وقبل نحو مئة يوم من موعد فتح صناديق الاقتراع، هي أبرز تعبير عن طبيعة قانون الانتخابات «الهجينة» والتي نسفت روحيّة النظام النسبي، فاستحالت مجرياته، مجرّد عملية حسابية «مقيتة» جداً، قد تجعل من مرشح مغمور، لا يستطيع أو يؤمّن إلا عشرات الأصوات التفضيلية، نائباً.
لا شكّ في أنّ الاستحقاق الماضي كان أشبه بدورة تدريبية لكلّ المتعاطين بهذا الشأن. تعلّموا من دروس النتائج التي فرزتها صناديق الاقتراع، على نحو متوقع لتؤكد حسابات البيدر، أو على نحو مفاجئ لتعيد خلط الأوراق من جديد.
ولكن بمعزل عن «العوامل الدفترية» التي قد تنقل مرشحاً من ضفّة إلى أخرى، فإنّ لكسروان اعتباراتها الذاتية التي يفترض أخذها في الاعتبار قبل رسم مشهديّتها الانتخابية.
أوّل الاعتبارات تلك، هو المساحة التي نجحت الأحزاب في حجزها على الشطرنج الكسروانية. ولعلّ المفاجأة الأبرز كانت في تحقيق «القوات» حاصلها الانتخابي في كسروان، خلافاً للتوقعات العامة، الأمر الذي دفع رئيس الحزب سمير جعجع وعلى عكس دوائر أخرى، إلى تجديد ترشيح شوقي الدكاش الذي جمع في خلوة رؤساء المراكز الحزبية والمفاتيح والكوادر الكسروانية واستمع إلى الملاحظات والانتقادات ووضعت نقاط ضعف الفريق على الطاولة لمعالجتها قبيل ساعة الصفر، ما شجّع جهاز الانتخابات في «القوات» على تعميم التجربة في مناطق أخرى.
وقد تبيّن أنّ أبرز نقاط القوة هي خطاب القوات السياسي الذي يلاقي أصداء ايجابية في كسروان، ووجود الدكاش على الأرض، وانطلاق العمل الانتخابي باكراً. أما في ما خصّ نقاط الضعف فقد اشتكى الحاضرون من عدم القدرة على إنشاء شبكة أمان اجتماعية ومن غياب الآليات اللازمة لتقديم المساعدات مقابل توفر الخدمات من جانب الخصوم، ضعف التواصل بين القيادة الحزبية والقاعدة وتراجع العصب الحزبي عموماً وشيطنة الأحزاب، وغياب المراكز الحزبية.
إلى الآن تدلّ الاستطلاعات إلى أنّ القوات ستحتفط بمقعدها الكسرواني (يتردد أنّها استكملت جبيلياً، وقد تضم أنطوان صفير من الجهة الكسروانية ومرشحاً عن حزب الأحرار)، أسوة بـ»التيار الوطني الحر» الذي تقلّص حضوره الحزبي إلى حدود حجز مقعد واحد في كسروان وآخر في جبيل.
ثاني تلك الاعتبارات هو الخشية من ارتفاع حجم الحاصل الانتخابي لسببين، الأول يرتبط بمشاركة غير المقيمين، والثاني يتّصل باحتمال انكفاء الثنائي الشيعي عن المشاركة ترشيحاً، على عكس ما حصل في الدورة الماضية حين عجزت اللائحة التي شارك فيها عن بلوغ العتبة الانتخابية، فشطبت الأصوات التي نالتها لائحته، ما أدّى إلى انخفاض الحاصل، من حوالى 14400 صوت إلى حوالى 12500 صوت. وبالتالي، إذا قرر الثنائي تجيير أصواته لحلفائه من دون المشاركة ترشيحاً في أيّ لائحة، فهذا يعني حكماً ارتفاعاً للحاصل.
إلى الآن، لا يبدي «حزب الله» حماسة لتكرار تجربة العام 2018 بمعنى خوض معركة خاسرة، تؤدي إلى رمي حوالى 9000 صوت تفضيلي (نالها حسين زعيتر) في محرقة الأصوات. فيما لا تزال المشاورات جارية بين حليفي مار مخايل لمناقشة كيفية خوض الاستحقاق على نحو مربح للفريقين، فيما يبدو أنّ طرح «التيار»، بتبني ترشيح ربيع عواد، أسوة بالمرّة الماضية، لا يلاقي تأييد «الحزب».
في هذه الأثناء، يمكن القول إنّ هناك ثلاثة مقاعد مارونية كسروانية «فلتانة»، بمعنى أنّها موضع تصويب من جانب القوى السياسية الأخرى.
- على جبهة نعمة افرام، فهو أنهى تفاهمه مع حزب الكتائب وضمّ سليم الصايغ إلى لائحته. ويتردد أنّه ضائع «جبيلياً» بعدما تشاور مع أكثر من خمسة مرشحين للتفاهم معهم، ولكن لا حسم إلى الآن.
- يعمل النائب السابق فارس سعيد على تركيب لائحته وهو الذي صار صيداً ثميناً (حصل في الاستحقاق الماضي على حوالى 5000 صوت) بالنسبة إلى المرشحين الكسروانيين لكونه الوحيد (غير سيمون أبي رميا وزياد حواط) القادر على سدّ النقص في الحاصل الانتخابي.
- لا يزال منصور البون يمثل حالة فريدة بين الوجوه الكسروانية. فهو أفعل من ماكينة انتخابية برمتها. وخدماته لا تتوقف عند استحقاق أو عطلة. وقد سجل في الاستحقاق الماضي أكثر من 6500 صوت تفضيلي مع أنّه غير محمي بـ»امبراطورية أعمال» أسوة بافرام مثلاً، وحال حوالى 200 صوت فقط دون دخوله البرلمان (حصل روجيه عازار على 6700 صوت).
- تظهر الاستطلاعات تحسّن وضع فريد الخازن الانتخابي ويوزّع نشاطاته بين كسروان وجبيل، فيما يواجه محاصرة العونيين و»القوات» بسبب علاقته برئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، مع العلم أنّ علاقته جيّدة ببكركي. أمّا انتخابياً، فيطمح إلى لائحة تجمعه مع منصور البون وفارس سعيد أو مع وليد خوري.
-يعتبر «التيار الوطني الحر» الأكثر إرباكاً في بحثه عن «ركّاب» يرفعون حاصله الانتخابي فيما يبلّغ شامل روكز من يلتقيهم بنيّته في الترشح بمعزل عن النتيجة التي سيخرج بها.