لا فساد: شوائب وارتكابات بالجملة
أطلقت الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية - "لا فساد"، في مؤتمر صحافي عقدته الخميس 12-4-2018 في نادي الصحافة – فرن الشباك، تقريرها الثاني لمراقبة سير العملية الانتخابية، وقد عرض خلال المؤتمر المدير التنفيذي للجمعية داني حداد نتائج أعمال الرقابة على الحملة الانتخابية بحضور أعضاء الجمعية، ممثلي منظمات المجتمع المدني، وممثلي وسائل الاعلام.
استهّل حداد كلمته بسرد أعمال الرقابة التي قامت بها الجمعية على الحملة الانتخابية، من رصد الأخبار المتعلقة بالانتخابات من خلال الصحف والمواقع الالكترونية وذلك منذ تاريخ 5 شباط الماضي، ومراقبة ميدانية للإعلانات والهبات والمشاريع والأنشطة الانتخابية منذ تاريخ 9 آذار وذلك في الدوائر الثلاث التالية:
- دائرة الجنوب الأولى: صيدا جزين
- دائرة الشمال الثانية: طرابلس- المنية – الضنية
- ودائرة البقاع الثانية: زحلة.
ثم تلى حداد أبرز مشاهدات وملاحظات ومعطيات الجمعية حول المسائل التالية: سقف الإنفاق الانتخابي، الإطار القانوني، عمل هيئة الإشراف على الانتخابات، نتائج المراقبة الميدانية، وآلية التواصل مع الجمعية.
سقف الإنفاق الانتخابي: أكثر من 18 مليون دولار للائحة مكتملة في الجنوب الثالثة
فيما يتعلق بالإنفاق الانتخابي، قامت الجمعية بإحتساب سقف الإنفاق الانتخابي لكل لائحة في كل دائرة، بعد إقفال باب تسجيل اللوائح في 26 اذار الفائت على 77 لائحة ضمت 597 مرشحا، ليتبين ما يلي:
● يبلغ المعدل العام للإنفاق بالنسبة للمرشح 1,706,554,782 ل.ل. أو ما يعادل 1,125,696 د.أ.
● يبلغ المعدل العام للإنفاق بالنسبة للائحة 13,231,340,325 ل.ل. أو ما يعادل 8,727,797 د.أ.
● يتراوح سقف الإنفاق للمرشح الواحد بين 912,620,000 ليرة لبنانية أو ما يعادل 601,992 د.أ. في دائرة الجنوب الأولى (صيدا - جزين) كحد أدنى و2,602,825,000 ل.ل. أو ما يعادل 1,716,903 دولار في دائرة الجنوب الثالثة (النبطية - مرجعيون- حاصبيا) كحد أقصى
● يتراوح سقف الإنفاق للائحة الواحدة بين 2,737,860,000 ل.ل. أو ما يعادل 1,805,976 د.أ. للائحة غير المكتملة المؤلفة من ثلاث مرشحين في دائرة الجنوب الأولى (صيدا - جزين) كحد أدنى و 28,631,075,000 ل.ل. أو ما يعادل 18,885,933 د.أ. للائحة المكتملة المؤلفة من 11 مرشحاً في دائرة الجنوب الثالثة (النبطية - مرجعيون - حاصبيا) كحد أقصى.
وبمقارنة سريعة للمبلغ الإجمالي للإنفاق الانتخابي، المقدر ب 1,018,813,205,000 ل.ل. أو ما يعادل 672,040,373 د.أ. مع الموازنة العامة لسنة 2017 تبين أن هذا المبلغ يوازي حوالي:
● ضعفي موازنة وزارة الأشغال العامة والنقل
● خمسين بالمائة من موازنة وزارة التربية
● أربعة أضعاف موازنة وزارة الشؤون الإجتماعية
الإطار القانوني:
بعد عرض هذه الأرقام، انتقلت الجمعية للتطرق إلى الجانب القانوني، مشيرة إلى أن القانون الحالي يشرّع بشكل مباشر أو غير مباشر بعض الأساليب التي يمكن أن يستعملها المرشح واللوائح للتأثير على إرادة الناخب مثل حق دفع "مصاريف إنتقال الناخبين من الخارج" التي تعتبرها المادة 58 من النفقات الانتخابية المشروعة بدل أن تعتبر من الأعمال المحظورة.
كما يسمح القانون للوزراء بالترشح إلى النيابة، علماً أنه يشترط على موظفي القطاع العام الذين يشغلون مناصب أقل سلطة ونفوذاً الاستقالة من مناصبهم قبل الترشح. وتضم الحكومة الحالية 16 وزيراً مرشحاً للانتخابات بما فيهم رئيس الحكومة ووزير الداخلية والبلديات ووزير الخارجية والمغتربين المعنيين مباشرة بإدارة العملية الانتخابية مع ما يستتبع ذلك من صعوبة في التفرقة القانونية والعملية بين نشاطهم الوزاري ونشاطهم الانتخابي، وما يثيره من تساؤلات حول إمكانية إستغلال المناصب الرسمية والصلاحيات الوزارية للتأثير على إرادة الناخبين. كما تطرق حداد لعدد من الثغرات والاشكاليات القانونية الأخرى أبرزها السماح للمرشحين أو المؤسسات التي يملكها أو يديرها مرشحون أو أحزاب بتقديم مدفوعات أو مساعدات شرط أن يكونوا قد درجوا على تقديمها بذات الحجم والكمية بصورة اعتيادية ومنتظمة منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات، وفي هذه الحالة لا يعتبر القانون هذه المدفوعات والمساعدات المقدمّة أثناء الحملة الانتخابية خاضعة للسقف الانتخابي، ما يعزز إمكانية اللجوء إلى المال الانتخابي للتأثير على إرادة الناخب، ويحد من المساواة بين المرشحين. وتطالب الجمعية بإخضاع هذه النفقات لسقف الإنفاق الانتخابي عملاً بمبدأ المساواة بين المرشحين.
ومن التوصيات التي أعلنتها الجمعية خلال المؤتمر الصحفي إنشاء هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات وتطبيق شرط الاستقالة المنصوص عنه في المادة 8 على الوزراء الراغبين في الترشح للانتخابات النيابية، حفاظاً على مبدأ الحيادية في إدارة العملية الانتخابية.
عمل هيئة الإشراف على الانتخابات: لنشر البيانات المالية للمرشحين واللوائح
أشارت الجمعية إلى الحاجة لأحكام قانونية أكثر دقة إالى مراسيم تطبيقية تضع دقائق عمل الهيئة، لاسيما لجهة الجهاز الإداري والميداني الذي يتولى الإشراف على الإنفاق الانتخابي والتدقيق بالحسابات المالية للحملات الانتخابية وإجراءات العمل على الإشراف، وذلك تأميناً للشفافية القانونية الكاملة حول صلاحيات الهيئة وقواعد وإجراءات عملية الاشراف. موقف الجمعية يأتي بعد متابعها لأعمال هيئة الاشراف منذ بدء فترة الحملة الانتخابية بتاريخ 5 شباط، ولاسيما البيانات والإعلانات التوضيحية الصادرة عنها، وبعد تواصلها بشكل منتظم مع الهيئة، حيث لمست الجمعية تأخر الهيئة في إصدار بعض التوضيحات حول الاطار القانوني للحملة الانتخابية (ايضاحات متعلقة بالتمويل والإنفاق الانتخابي، بعض التوضيحات حول النفقات التي تخضع لسقف الانفاق، إمكانية اعتماد مدقق حسابات واحد لأكثر من مرشح، مفهوم الدعاية والإعلان الانتخابي وأثرها على الإنفاق الانتخابي للمرشحين).
نتائج هذا التأخر يمكن لمسه في توضيح أحكام المادة 77 من القانون حول الأماكن التي يحظر فيها إقامة النشاطات الانتخابية، فسبق للهيئة أن أصدرت الإعلان رقم 6 تاريخ 20 آذار 2018 والاعلان رقم 7 تاريخ 21 آذار 2018 حيث اعتبرت أنه من المسموح للمرشحين إقامة النشاطات الانتخابية في "النوادي والملاعب الرياضية والقاعات المخصصة للنشاطات الرياضية أو الاجتماعية المختلفة" وفي الأماكن المحاذية لدور العبادة والتي تقام فيها عادةً مناسبات اجتماعية أو عائلية. ولكون هذه البيانات جاءت بعد أكثر من شهر من بدء فترة الحملة الانتخابية، ما حد من المساواة بين المرشحين حيث كان البعض منهم قد امتنع من استعمال بعض الأماكن أو من اللجوء إلى بعض أنواع المصاريف الانتخابية طيلة فترة شهر ونصف قبل صدور هذه البيانات التوضيحية عن الهيئة.
طالبت الجمعية الهيئة بضمان مزيد من الشفافية فيما خص الانفاق الانتخابي والقواعد الناظمة له من خلال نشر لوائح أسعار وسائل الإعلام والإعلان، والتأكد من تقديم كافة المرشحين للبيانات الحسابية الشهرية بحسب ما ينص القانون، ونشر لائحة بأسماء المرشحين واللوائح الذين قاموا بتقديم هذه البيانات، ونشر مضمون البيانات المالية نفسها، حرصاً على شفافية الحملات الانتخابية وعملاً بالممارسات الديمقراطية الفضلى في أغلب دول العالم حيث ينشر خلالها المرشحون تقاريرهم المالية خاصة أنه سبق للجمعية أن تقدمت بكتاب خطيّ بتاريخ 27 آذار إلى الهيئة للاستفسار حول المرشحين واللوائح الذي التزموا بتقديم هذه البيانات، دون الحصول على جواب حتى تاريخ اليوم.
المراقبة الميدانية:
في إطار مشروع المراقبة الميدانية، قامت الجمعية بزيارات ميدانية في الدوائر الانتخابية الثلاث المشار إليها أعلاه. ومن أهم المسائل التي تم رصدها، خلال الفترة الممتدة من 9 آذار ولغاية 7 نيسان ضمناً، هي المخالفات المتعلقة بتعليق أو لصق الإعلانات والصور للمرشحين أو اللوائح خارج الأماكن المخصّصة للإعلانات التي تحددها السلطة المحلية المختصة، مثل المدارس والمستشفيات الحكومية وجدران البلدية وأعمدة الإنارة. وتلحظ الجمعية في هذا الإطار عدم وجود آلية واضحة وشفافة ومعايير موحدة متبعة من قبل السلطات المحلية لتحديد الأماكن المخصصة، مما يعيق عملية مراقبة الإنفاق والدعاية الانتخابية. وتنوّه "جمعية لا فساد" بالخطوة التي اتخذتها بلدية طرابلس والتي أصدرت قراراً يمنع تعليق الصور واليافطات في الوسطيّات والأملاك العامة وعلى أعمدة الإنارة والكهرباء تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين، وقامت بإزالة الإعلانات المخالفة. وعليه، سجّل مراقبو "الجمعية" تراجعاً ملحوظاً في هذا النوع من المخالفات في مدينة طرابلس.
وعلى مستوى آخر، تحذّر الجمعية من ظاهرة استخدام مرافق الدولة ومؤسساتها أو استعمال صلاحيات المجالس البلدية وتطويعها في اطار الإعلان والترويج لصالح أو حتى بوجه بعض المرشحين أو اللوائح. وتقوم الجمعية بإجراء مقابلات مع عدد من المرشحين المتنافسين أو مديري حملاتهم الانتخابية بهدف جمع المعلومات حول نفقاتهم الانتخابية والتحديات التي تواجههم على مستوى الإطار القانوني والتنظيمي للحملة الانتخابية. ستقوم الجمعية بتفصيل تلك الموضوعات خلال مؤتمرها الصحافي القادم.
آليات التواصل
للاستفسار أو التبليغ عن الرشاوى الانتخابية أو غيرها من المخالفات المتعلقة بالحملة الانتخابية، تتمنى الجمعية من المواطنين والمرشحين الكرام الاتصال على الرقم التالي: 18- 275012. وسوف تعمل الجمعية على التحقق من هذه الشكاوى وإحالتها إلى هيئة الإشراف على الإنتخابات. لذلك من المهم الاحتفاظ بالاثباتات عند توفرها.
وتذكّر الجمعية جميع المرشحين بأهمية تقديم الشكاوى بشأن المخالفات (أمام النيابة العامة أو أمام هيئة الإشراف بحسب نوع المخالفة) فور حصولها، من أجل أن يتم أخذها بعين الإعتبار في الطعون الانتخابية أمام المجلس الدستوري.