"لا قرار" الدستوري يعيد الامل لبناء لبنان الجديد...مؤسسات تقاوم الضغط السياسي
اما وقد انتهت المعركة البرلمانية- الرئاسية في شأن قانون الانتخاب وتعديلاته الى "فوز" برلماني مع اعلان المجلس الدستوري عن "لا قرار" في ما خص الطعن الذي قدمه تكتل لبنان القوي، وتاليا سريان مفعول القانون معدلا كما اقره المجلس النيابي، فإن ثمة نتائج بالغة الاهمية تترتب على الخطوة الدستورية منها العملي المتصل بتصويت المغتربين للنواب الـ 128 وهو ما يعتبره الفريق السيادي المناهض للمنظومة انتصارا ،كون هؤلاء يبقون خارج دائرة تأثيرها وضغطها الممارس على المواطنين في لبنان لا سيما في مناطق ثقلها، الامر الذي يرفع منسوب القلق من احتمال سعيها الى تطيير الاستحقاق والحال هذه، ومنها المعنوي الذي يبدأ بالاعلان الرسمي عن وفاة المقايضة الخطيرة التي كان يجري العمل عليها بين بعبدا والضاحية وعين التينة لفك اسر مجلس الوزراء، ولا ينتهي عند انتصار الجسم الدستوري القضائي للحق ومواجهة الضغوط السياسية مرة جديدة، مهما عظُمَت.
تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية" ان ما حصل اليوم يعيد للبنانيين بعضا من امل مقطوع بإمكان اعادة بناء الدولة، إن هم اجتمعوا على كلمة سواء ورفضوا منطق السلبطة والهيمنة بفائض القوة على المؤسسات واستفادوا من مظلة الدعم الخارجية للبنان الشعب والمؤسسات النظيفة، وقد اعطت اكثر من مؤسسة في الاونة الاخيرة انموذجا عن اداء رجال الدولة الراغبين في بناء وطن، بعيدا من الضغوط السياسية الهادفة الى ازاحتهم لتخلية الساحة لاستكمال مشروع القضاء على الدولة. وتستشهد في هذا السياق، اولا بالمؤسسة العسكرية التي اثبتت مجابهتها العواصف والرياح العاتية التي ضربتها من كل حدب سياسي وصوب حزبي ومطرقة اعلامية، فبقيت عصّية على محاولات تطويعها وتركيعها خدمة لمصالح السياسيين، مستفيدة من الدعمين الشعبي والخارجي بما يخدم مصلحة الوطن اولا وآخرا. ثانيا، بمؤسسة القضاء التي تتعرض لاعنف هجوم على الاطلاق في تاريخها وتواجهه باللحم الحيّ، وليس ابلغ من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها المحقق العدلي في قضية تفجير المرفا القاضي طارق البيطار، بعدما نجحت قوى الظلام في قبع سلفه القاضي فادي صوان، وقد بلغت مستوى الضغوط حدّ التهديد بالشخصي ، ان من خلال الرسائل النصية او عبر الاقتحام الوقح لحرمة قصر العدل لإبلاغها بالمباشر، في حين لم تتوقف موجة الدعاوى لكف يد البيطار، وصولا الى تعليق جلسات مجلس الوزراء وشل البلاد. بيد ان وقفة العز المشرفة التي التزمها مجلس القضاء في مساندة البيطار ورفض كل انواع الضغوط السياسية والحزبية، شكلت سدّا منيعا لمنع اختراق الجسم القضائي بأسلحة السياسة، على أمل الا تتدرج الى ما هو أخطر وصولا الى التصفيات الجسدية ، ومصير المفكر لقمان سليم، أبشع دليل.
ومن دون اغفال مواقف رئيس دائرة المناقصات جان العلية المشرّفة والمعارك التي خاضها في الاتجاه نفسه، فإن ما فعله اليوم المجلس الدستوري اضاف لبنة ثقة الى جدار الامل بإعادة بناء لبنان بوضعه على سكة التعافي وخروجه من قبضة حزب الله وكل فريق سياسي يسخّر الدولة لمصالحه بصفقات مشبوهة. انه تحول فائق الاهمية، تؤكد المصادر ، يختزن مؤشرات يفترض ان يقرأها كل لبناني طامح للتغيير، مفادها ان بوجود حاضنة لبنانية يمكن للمؤسسات الدستورية ان تتخذ قرارات وطنية مدعّمة بمناخات التغيير الواجب ترجمتها شعبيا في صناديق الاقتراع، ودعم مواقف من تبقى في السياسة من قوى حريصة على بناء الدولة وتلقف ما توفره المظلة الخارجية من دعم للشعب الحر والمؤسسات الصامدة المقاومة.