لا للحيرة في التصويت الإنتخابي
كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن:
لا يجب أن يحتار المواطن اللبناني كيف يدلي بصوته في الانتخابات النيابية، فهناك خياران لا ثالث لهما:
الأول هو أن يعود فيختار من هم في السلطة اليوم ومن تعاقبوا عليها منذ سنوات طويلة وأوصلوا البلد إلى الانهيار جراء الفساد والخلافات والتعطيل وتخريب كل مؤسسات الدولة وتجييرها لأزلامهم ومصادرة قرارها وسيادتها والتدخل في القضاء ومنع عمله وتخريب علاقات لبنان بالدول الصديقة والشقيقة وترهيب المعارضين وإفقار المواطنين ما جعل لبنان دولة فاشلة.
الخيار الثاني هو أن يختار اللبنانيون من يعارضون ويواجهون أصحاب الارتكابات والجرائم التي سبق وذكرناها، والمعارضون هؤلاء كثر من أحزاب وجماعات سياسية وشخصيات تلتقي كلها على ضرورة قيام دولة فعلية لا تسيطر عليها أي ميليشيا ولا تحكمها تسويات قائمة على المحاصصة وتقسيم المغانم.
بهذا الوضوح يجب أن تخاض المعركة الانتخابية المقبلة، ولا يجب أن يكون في هذه المعركة اي تدوير للزوايا أو تساهل أو تغاضٍ أو حديث عن أن ملفات يجب أن تؤجل ولا تطرح أو التبشير بالوسطية، فكل محاولة في هذا الإطار هي تهرب من المواجهة ومن حسم الأمور باتجاه تغيير الواقع المتدهور، ويفترض بكل مواطن أن يدرك أن تصويته لصالح من لا يريدون بأي شكل من الأشكال دولة فعلية هو مشاركة متمادية في جريمة تدمير البلاد والعباد وتغيير هوية لبنان وجعله ساحة وثكنة عسكرية لمشاريع خارجية لا تتناسب مع ثقافتنا وتعدديتنا وانفتاحنا.
وفي هذا الإطار يجب أن يدرك اللبنانيون وخصوصاً المسيحيين، أن العيش في بلد لا دولة فعلية فيه هو أكبر خطر عليهم، فهذا تهديد واضح لوجودهم وعمل دؤوب لإقصائهم عن تاريخ ومستقبل بلد ارتبط اسمه بوجودهم حتى باعتراف اللبنانيين المسلمين، ولا يمكن للبنانيين المسيحيين أن يطلبوا حماية إلا من دولة قوية بجيشها وسيادتها وقرارها، وليس من أي قوة عسكرية أخرى تستخدم سلاحها شاءت ام أبت في التأثير ومصادرة قرار الدولة وفرض توجهاتها على جميع اللبنانيين من دون استثناء.
اللبنانيون المسيحيون جزء لا يتجزأ من هوية لبنان وتعدديته ودولته، ولم يكونوا يوماً جزءاً من مشروع ديني، فأي مشروع في هذا الإطار هو مشروع متطرف من أي جهة أتى لا يراعي وجود الآخر إلا في نطاق الاستسلام والخضوع وتلبية متطلبات هذا المشروع من دون نقاش أو تفكير، وأي تجاوز لهذه الحدود لن ينفع فيه كل ما بذل من خنوع واستزلام وسيقضي أصحاب هذا المشروع على من اعتقدوا أنهم محميون بولائهم الأعمى.
الانتخابات النيابية المقبلة خطوة في مسيرة طويلة لخلاص لبنان وأي تردد للمشاركة فيها بالاتجاه الصحيح أو مقاطعتها هي مشاركة عن سابق تصور وتصميم في استمرار المأساة وخراب البلاد.