لبنان من سنة "غياب الحلول" الى سنة الرهان على الانتخابات
يودّع لبنان أخيراً عام 2021 المثقل بالتفاصيل المنهِكة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، متخلّصاً من صفحة مرّة وصعبة تأرجحت بين المراوحة والتصعيد في غياب الحلول. ويستعد لاستقبال عام جديد هو زمن الانتخابات بامتياز، بأضلعه النيابية والبلدية والرئاسية.
وليس ما هو أكثر تأكيداً على ارتباط السنة المقبلة بحدث كبير واحد عنوانه الانتخابات، سوى تصريح سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو، التي ربطت تهنئة اللبنانيين بمناسبة السنة الجديدة بالاستحقاق الانتخابي. وعبّرت غريو للبنانيين عن "الإعجاب الكبير الذي أكنّه للعديد منكم لالتزامكم وعزمكم وشجاعتكم لبناء لبنان متصالحٍ ينعم بالسلام والازدهار. صدّقوني، هذه الإرادة تجمعكم. هي تجعلُ منكم شعباً واحداً، شعباً عظيماً، موحّداً في تنوّعه وموحّداً بوجه الصعوبات". وإذ أكدت أنه "سنبقى إلى جانبكم خلال العام 2022، وسيكون هذا العام مهماً لكم، إذ ستجري فيه انتخابات نيابية ورئاسية وبلدية، أشارت إلى أننا سنحرص بشكل خاص على أن يتمكّن كلّ مواطن لبناني من الإدلاء بصوته في إطار عملية ديموقراطية عادلة وحرّة وشفافة".
ويترافق التأكيد الدولي على أهمية الانتخابات مع شبه تفرّغ على صعيد الأحزاب السياسية اللبنانية التي انصرفت باكراً إلى التحضير للاستحقاق. وأشارت مصادر نيابية التقت مرجعا رئاسياً حديثاً عبر "لبنان الكبير" إلى أنّ الأخير أبلغها بأن الانتخابات ستحصل في موعدها. ولا أحد يراهن على تأجيلها أو إلغائها. وقال المرجع الرئاسي إن موضوع الاستحقاق الانتخابي أكبر من القرارات والخيارات الداخلية. وبات يرتبط بشكل مباشر بإصرار ورهان دوليين، لا يمكن أن يتقبل فكرة تأجيل الانتخابات. وهذا ما لمسه المرجع من اللقاءات التي عقدها مع مسؤولين دوليين في الأسابيع الماضية. وتستقرئ المصادر أن الانتخابات تجاوزت "قطوعين" حتى اللحظة: الأول في القفز فوق الطعن المقدم في تعديلات قانون الاتتخابات. والثاني في توقيع دعوة الهيئات الناخبة من وزارة الداخلية والرئاسة الأولى. لكن، اللافت أن بعض المجالس السياسية تتداول في موضوع التحدي الصحي الذي تفرضه جائحة "كورونا" في المرحلة المقبلة مع الارتفاع الكبير في الإصابات. فهل سيكون للجائحة دور في الرقص على حبال الانتخابات؟
وإذا كان قرار الإقفال مؤجّلا راهناً نظراً للاعتبارات الاقتصادية الهشّة، فإنّ قرار "الأخذ والردّ" على صعيد الرئاسة الثانية باتجاه الرئاسة الأولى يبدو أنه مؤجّل أيضاً.
وكان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أشار أمس إلى أنه "رداً على اجتزاء مقاطع من رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى اللبنانيين وتفسيرها على نحو مغاير للواقع، عن قصد متعمد أو عن سوء فهم، يذكّر الغيارى على وحدة لبنان والمدّعين رفض تقسيمه بأنه هو الذي أطلق شعاره الشهير لبنان أكبر من أن يُبلع وأصغر من أن يُقسّم". ورأت الرئاسة الأولى أن "اللامركزية المالية واللامركزية الإدارية صنوان من ضمن ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني المنبثقة عن مؤتمر الطائف وفي مقدمة الدستور عن الإنماء المتوازن للمناطق، مضيفة أن الخدمات العامة المحلية لا تعني خروجاً عن منظومة الدولة المركزية في المالية العامة والأمن والسياسة الخارجية".
وفي الموازاة، علم "لبنان الكبير" أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري اتخذ قراراً بعدم الردّ على مواقف رئيس الجمهوربة خلافاً لما تم تناقله في الساعات الأخيرة حول نيته الردّ شخصياً وطلبه من أعضاء كتلته النيابية عدم الردّ. ويرى بري أن المرحلة حساسة وتتطلب التهدئة لا التصعيد. كما عُلم أن الرئاسة الثانية لم تجد في خطاب عون "قنبلة" خلافاً لما ضخّ اعلامياً. وكان بري يعتزم الرد بحال رفع عون السقف وعمل على استهداف دور رئاسة مجلس النواب.
ولا تزال الرئاسة الثانية في مرحلة استطلاع ردود الفعل حول العناوين التي طرحها رئيس الجمهورية، ومع أي حوار يكرّس الثوابت اللبنانية. وإذ يدعم اجراء الانتخابات في موعدها وضدّ أي محاولة لتأجيلها، عُلم أن حركة "أمل" أنجزت التحضيرات التنظيمية الأولية وتجتمع دورياً استعداداً الانتخابات. ويتناقل بين المطلعين على مقاربة الرئاسة الثانية أن القطار الانتخابي انطلق.
وإضافة إلى الانكباب الذي يكرّسه وزير الداخلية بسام المولوي للتحضيرات الانتخابية، تابع أمس مجريات التحقيق بعد ضبط شحنة الليمون التي كانت تحوي كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون والتي كانت متوجّهة إلى الكويت. وتواصل مولوي مع الجهات الأمنية المختصّة في دولة الكويت مثنياً على أهمية التعاون بين قطاع الأمن الجنائي في وزارة الداخلية الكويتية والأجهزة الأمنية اللبنانية والذي أثمر الإنجاز الأمني بالأمس عبر إحباط عملية التهريب. وأكّد جدّية وزارة الداخلية في منع تصدير الشر إلى كل الدول العربية، ولاسيما دول مجلس التعاون الخليجي. كما أبرق المولوي إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في دولة الكويت الشيخ أحمد المنصور الصباح مهنئاً إياه على توليه منصبه الجديد في وزارة الداخلية.
وتمثّل الموضوع الثالث الذي شغل وزارية الداخلية في الساعات الماضية، في الاستعداد للعمل على "إخلاء الروّاد وإقفال الصالات لمدة 24 ساعة وتنظيم محاضر ضبط بحق المؤسّسات السياحيّة المخالفة للإجراءات الوقائية"، وفق ما أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عبر حسابها على "تويتر".
وأعلنت المديرية العامة للدفاع المدني في وزارة الداخلية والبلديات أنّ "400 عنصر من عناصر الدفاع المدني استنفروا ليتم توزيعهم بين 60 نقطة تمركز حُدّدت على طول الساحل اللبناني من طرابلس حتى بيروت وفي الأقضية والمناطق الجبلية التي تشهد حركة مرور كثيفة في مثل ليلة رأس السنة". وذكّرت في بيان المواطنين بـ"ضرورة التقيّد بإرشادات السلامة العامة، تفادياً لوقوع الحوادث المروريّة. والاتصال بغرفة عمليات المديرية العامة للدفاع المدني على رقم الطوارئ 125 لتتمّ تلبية نداءاتهم وتقديم المساعدة من دون أيّ تأخير".