ما يجمع "القوات" والسنّة في بعلبك أكثر ممّا يفرّقهم
كتب عيسى يحيي في نداء الوطن:
ترك انكفاء الرئيس سعد الحريري عن ممارسة العمل السياسي وخلفه تيار «المستقبل» أثره على الساحة اللبنانية، وبدأت التحليلات والتجاذبات حول مصير الطائفة وقرارها في الإنتخابات النيابية المقبلة، وفتح الباب على مزيد من التأويلات التي مسّت بسمعة الطائفة وكأنّها بلا قرارٍ أو ذات خلفيةٍ وطنية.
لم يكن السنّة يوماً إلا أصحاب مشروعٍ سيادي ومن دعاة بناء الدولة القادرة، يحاربون التطرف قبل أيّ طائفة أخرى، ويمدّون اليد إلى شركائهم في الوطن لتجنّب الكؤوس المرّة التي أرهقت الوطن على مدى سنوات كان أبرزها الحرب الأهلية، ومع انكفاء تيار «المستقبل» الممتد على كامل مساحة الوطن مقابل بقاء القيادات السنّية الأخرى ضمن المدن والبلدات التي توصلها إلى البرلمان، تعمل تلك الزعامات على وراثة «المستقبل» وتأدية الدور الذي كانت غائبة عنه وعن هموم الناس وحاجاتها طوال الفترة الماضية.
في بعلبك الهرمل ومنذ عام ٢٠٠٥ خاض السنّة الانتخابات النيابية خلف «المستقبل» والرئيس الحريري بعد استشهاد الرئيس الأب، ونزلوا إلى الساحات في ١٤ آذار معلنين انتفاضهم بوجه الاحتلال السوري آنذاك الذي عمل طوال فترة وجوده على إضعافهم مقابل دعم الجماعات الأخرى، وكانوا جنباً إلى جنب مع «القوات اللبنانية» وسائر مكونات الانتفاضة من أحزاب وشخصيات، وخاضوا الاستحقاق معاً عام ٢٠٠٥ و٢٠٠٩، ونجحوا عام ٢٠١٨ في خرق الجدار والمحدلة التي تحكّمت في تمثيل المنطقة على مدى عقود، بفضل قانون الانتخابات النسبي الذي تجري على أساسه الانتخابات مطلع أيار المقبل.
وصل عام ٢٠١٨ النائبان بكر الحجيري عن «المستقبل» والدكتور أنطوان حبشي عن «القوات» بعد تحالف الحزبين مع شخصيات شيعية مستقلة، وحصلت اللائحة في حينها على حاصلين إنتخابيين، ومع طلاق «القوات» و»المستقبل» بُعيد أزمة الرئيس الحريري في السعودية، وصولاً إلى تعليقه العمل السياسي أخيراً، ارتفعت وتيرة التحليلات والمزايدات حول مصير نتائج الانتخابات النيابية المقبلة، وكيف ستكون في ظل غياب التحالف؟ ومن سيستفيد من الواقع الحالي؟ وهل ستنجح «القوات» وحدها في خرق لائحة «حزب الله»؟ وأين سيصبّ السنّة في المنطقة أصواتهم؟
ما يجمع أكثر مما يفرّق
مصادر سنّية معنية قالت لـ»نداء الوطن» إن «المعركة اليوم ليست بين «القوات» و»المستقبل» كما يصوّرها البعض، والسنّة ليسوا مكسر عصا كي يتقاذف الجميع أصواتهم ويتبناها، فهم أصحاب قرار ورأي وما يجمعهم مع «القوات» منذ انتفاضة 14 آذار أكثر مما يفرّقهم رغم التباينات على مستوى القيادات»، وأكّدت «أن النقمة على سائر القيادات السنّية التي لا تلتفت إلى بعلبك الهرمل أكبر وتجعلهم غير راضين عن أدائهم، ويرفضون أن يتكلّموا باسمهم»، واستذكرت خلال جلسةٍ مع إحدى تلك القيادات التي قصدتها مجموعة من أبناء الطائفة في بعلبك الهرمل لنقل همومهم ومعاناتهم، حيث كان الجواب أن يتخلوا عن معتقداتهم الدينية والسياسية أو ينتقلوا للسكن في المحافظة التي يقطنها الزعيم السنّي كونه ينظر إليهم أصواتاً انتخابية لا أبناء طائفة يستحقون الرعاية».
وأضافت المصادر أنّ بعض من في الطائفة له توجّهاته وخياراته في الانتخابات المقبلة كجمعية «المشاريع» التي تتحالف مع «حزب الله» وستصوّت له، كذلك جزء آخر محسوب على الحزب الذي عمل طوال الفترة الماضية على تقديم المساعدات لهم وضمّهم إلى «سرايا المقاومة»، والبعض سيصوّت للمرشحين السنّة في اللوائح المتنافسة، ليبقى القسم الأكبر من أبناء الطائفة والذين كانوا يصوّتون لـ»المستقبل» بالشراكة مع «القوات»، مشيرة إلى أن الصوت السنّي في انتخابات أيار سيصبّ جزءٌ منه أيضاً للائحة «القوات» رغم كلّ التصريحات من أعلى هرم الطائفة، في حين سيمتنع المحزّبون من التيار عن التصويت، وسبق عام ٢٠١٨ أن نال النائب حبشي أصواتاً داخل البلدات السنّية رغم وجود مرشحين لـ»المستقبل»، وختمت المصادر بأن الخيار متروكٌ للناس الذين يستطيعون أن يميّزوا بين المشاريع السياسية التي على أساسها ستخاض المعركة الانتخابية.