مخاوف من تأجيل الإنتخابات اللبنانية
كتبت كارولين عاكوم في الشرق الأوسط:
منذ إعلان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري تعليق نشاط «تيار المستقبل» السياسي، وعدم المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة ارتفعت الأصوات التي تتحدث عن إمكانية تأجيل الاستحقاق الانتخابي منطلقة في ذلك مما تقول إنه «غياب الميثاقية» عنها أو المخاوف المرتبطة بالأوضاع الأمنية أو السياسة الداخلية والخارجية.
ويؤكد الوزير السابق، ونقيب محامي الشمال السابق رشيد درباس لـ«الشرق الأوسط» أن الميثاقية بمفهومها القانوني والدستوري لا تنزع عن الاستحقاق الانتخابي بغياب الحريري، لا سيما أنه بالتأكيد سيترشح أشخاص من الطائفة السنية، ويتحدث عما يمكن تسميته بالميثاقية الوطنية في معركة لا يحضر فيها الأكثر تمثيلا في الطائفة، ويصبح عندها الصراع غير متكافئ، ويؤدي إلى خلل وطني ومعنوي، مع تأكيده أنه «إذا قرر البعض التذرع بغياب الميثاقية فيعني أنهم يبحثون عن حجة لتأجيل الانتخابات». ومع تشديده على أن قرار الحريري لا يعني أن الطائفة السنية لن تنتخب يقول: «إذا قرروا تأجيل الانتخابات فهناك كتل نيابية سبق لها أن أعلنت أنها ستستقيل من البرلمان، أهمها تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية إضافة إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، وبالتالي هذه اللعبة ليست ذكية، وسيصبح لزاما عليهم إجراء الانتخابات، وأي حجة عندها لن تنفع».
في المقابل، لا تنفي مصادر في «التيار الوطني الحر» مقربة من رئاسة الجمهورية أن هناك حديثا عن احتمال تأجيل الانتخابات، كاشفة أن المخاوف لا تقتصر فقط على سياسيين ومسؤولين في لبنان إنما أيضا على دبلوماسيين عبروا صراحة عن تخوفهم من أن يحصل أي أمر يؤدي إلى تأجيل الانتخابات، مع تأكيدها أنه لا أحد يملك حتى الساعة جوابا واضحا».
وتوضح أن ما يتم التداول به هو أن تحصل مقاطعة سنية شاملة للانتخابات عبر دعوة من دار الفتوى مثلاً وتضامن غير السنة معها، بحيث يصبح الحديث عن عدم ميثاقية الانتخابات، مع تذكيرها في الوقت عينه أنه في العام 1992 قاطع المسيحيون الانتخابات وحصلت رغم ذلك بمشاركة فقط 13 في المائة منهم فقط حتى بعد دعوة بكركي إلى المقاطعة. ورغم ذلك تؤكد المصادر التي تشير إلى الإرباك الذي أحدثته مقاطعة الحريري للاستحقاق، إلى أن ما يتم التداول به يبقى في دائرة المخاوف ولا يرتقي حتى الساعة إلى الطرح الجدي لا سيما أن الاستعدادات للانتخابات لا تزال مستمرة من قبل مختلف الأطراف وبينها الجهات السنية التي لا تدور في فلك «المستقبل».
كذلك يرى النائب ميشال ضاهر الذي لطالما عبر عن مخاوفه من تأجيل الانتخابات أن أحداثا عدة سياسية وأمنية قد تؤدي إلى اتخاذ قرار بتأجيل الاستحقاق مع اعتباره أن لبنان سيذهب آجلا أم آجلا إلى مؤتمر تأسيسي، ويقول: «أخشى أن تتجه الأمور إلى التصعيد والمواجهة، وتتسبب في المس بالاستحقاق الانتخابي. وما يعزز شكي هو عدم اتخاذ الرئيس الحريري وكتلته خيار الاستقالة من الندوة البرلمانية. عندها قد تتم الدعوة إلى مؤتمر وطني برعاية دولية للعبور إلى الجمهورية الثالثة لأن هذا النظام فشل على جميع الصعد».
ويضيف ضاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون عدم اتخاذ الحريري قراره بالاستقالة من البرلمان وهو الذي أعلن تعليق عمله السياسي يعني أنه يتخوف كما عدد كبير من اللبنانيين من الإطاحة بالانتخابات النيابية والتمديد للمجلس الحالي، وبالتالي الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي برعاية دولية»، مضيفا «هذا المؤتمر إذا حصل لا بد أن تقر قراراته في البرلمان اللبناني، حيث لا يمكن أن يكون طرف لبناني أساسي ويمثل الأغلبية في الطائفة السنية غائبا عنه»، لذا يرجح ضاهر «بأن الحريري أبقى كتلته موجودة في البرلمان كي لا يفقد المجلس ميثاقيته؛ تحسبا لحدث كهذا في هذه المرحلة التي تسبق الانتخابات النيابية المفترض إنجازها».
وفي حين يشدد ضاهر على أن حجة غياب الميثاقية عن الانتخابات النيابية المقبلة التي قد يحملها البعض غير منطقية ولا يمكن القبول بها، لا سيما أن أطرافا سنية أخرى موجودة في الساحة، ويتحدث عما يمكن أن يحصل على الصعيد الأمني من أحداث مفتعلة من شأنها أن تكون السبب في الذهاب إلى المؤتمر التأسيسي بعدما بات الجميع مقتنعا أن النظام الحالي لم يعد صالحا، ويربط كذلك بين مقاربة لبنان للمبادرة الكويتية واتجاه الأوضاع في لبنان إلى المزيد من التأزم، موضحا «إذا رفضها (حزب الله) وبالتالي لم يتجاوب معها لبنان، فعندها وبدل أن يستعيد لبنان عافيته شيئا فشيئا ويصحح علاقاته مع محيطه العربي ستزيد الضغوط عليه، وستتفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي قد تتحول إلى ثورة جياع، وبالتالي يصبح إجراء الانتخابات أمرا شبه مستحيل».