مشروعان لا ثالث لهما يتنافسان في ايار.. اي منهما يختار اللبنانيون؟
موقفان انتخابيان بارزان سجلا في نهاية الاسبوع يؤشران باختصار ووضوح الى حجم المعركة التي ستخاض في ايار المقبل مبدئيا، والى مدى حجمها وتأثيرها على مسار الامور في لبنان في السنوات المقبلة.
امس، دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع القواتيين إلى "أوسع حملة توعية سياسية للناس، كي لا يبقوا في جهنم عن طريق الخطأ"، وشدّد على انّ "كل صوت يذهب للتيار الوطني الحر و"حزب الله" يعني تمديداً لأوجاعه بيده من دون منة من أحد"، مستغرباً "شعار التيار في الحفاظ على حقوق المسيحيين بعدما أمعن في إفقارهم وتهجيرهم، فيما الأولى الحفاظ عليهم كي نستطيع الحفاظ على حقوقهم، لا من خلال تنفيعهم وتأمين المكاسب لهم وتوظيفهم في أماكن يجب ألّا يتمّ توظيفهم فيها". وأكّد أنّ "التغيير لن يحصل سوى من خلال جميع مكوناته"، وتوجّه الى "جمهور المقاومة المغبون". ودعا كل من يدلي عادة بصوته لصالح عائلته، أو صديقه، أو من قام معه بواجبات اجتماعية، الى "الاقتراع لصالح من هو قادر على نشلنا من جهنم التي نحن فيها، ومن بإمكانه إخراجنا من هذا البئر الذي رمونا فيه".
في المقابل، رأى نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان "كلّ المؤشرات تَدلُّ على أن الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها". وكشف أن الحزب أجرى "استطلاعات رأي في الدوائر الـ15 الانتخابية، وبطريقة علمية، فتبين لنا أن نتائج الانتخابات ستكون قريبة من تركيبة المجلس الحالي مع تغييرات طفيفة لا تؤثر على البنية العامة لهذا المجلس (...) هناك بعض الأفراد المستقلين، وبعض الجمعيات المستقلة من المجتمع المدني، وبعض جماعة السفارة الأميركية، سيكون لهم ترشيحات، وبالتالي هؤلاء سيأخذون عدداً قليلاً من الأصوات لا تؤثر على الشكل العام والبنية العامة للمجلس النيابي". واذ شدد على أن "هذا البلد يحكم بأوسع درجة من التوافق، وبالتالي لا يُقمن أحد بمراهنات ليست في محلها"، توجّه لحزب القوات اللبنانية، بالقول "مشروعنا مواجهة إسرائيل وأذناب إسرائيل، ولن نقبل بأن نواجه أحداً في الداخل ليحدث فتنة كما يريد البعض"، علما ان من يتهمهم اليوم بأنهم اذناب اسرائيل كان يجلس في الامس القريب معهم على طاولة مجلس الوزراء، ولم يكونوا كذلك بالنسبة اليه، ما يؤكد ان كلام قاسم شعبوي انتخابي لا اكثر تستوجبه دقة المرحلة التي يمر بها الحزب وقد فقد مقومات اقناع بيئته بصوابية خياراته المهلكة، ولم يبق امامه سوى استثارة مشاعرها ضد حزب القوات اللبنانية باعتباره يؤدي الغرض.
هذه المواقف تؤشر الى ان الكباش في الانتخابات المقبلة سيحصل بين مخيمين اثنين لا ثالث لهما، على اللبنانيين الاختيار بينهما. مخيم يقوده حزب الله ويضم التيار الوطني الحر وفريق 8 آذار وهمّه الاول محاربة اسرئيل كشعار جميل برّاق لابقاء لبنان مربوطا بالتطورات الاقليمية والايرانية تحديدا، والذي يرى ان الانتخابات لن تحدث تغييرا كبيرا، وهذا ما يكرره الحزب والعهد دائما كوسيلة لتثبيط عزائم الناخبين وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"... والمخيم الثاني يضم كل الجهات والاحزاب والشخصيات التي لا توافق على خيارات الحزب الاستراتيجية هذه، ولا على سلاحه ولا على استسلام المنظومة واهل الحكم وابرزهم من التيار الوطني الحر، له ولتوجهاته، ولا يرضون بحمايتهم له مقابل مناصب وصفقات ومكاسب... ويريد هذا الفريق بناء دولة حقيقية بجيش واحد وسلاح واحد وحدود مضبوطة واقتصاد قوي، واعادة ربط لبنان بمحيطه الحيوي الطبيعي العربي لا الفارسي وبالعواصم الكبرى كلّها، لما في ذلك من اعادة للبنان الى موقعه التاريخي، ولما لذلك من منافع سياسية واستثمارية وسياحية للبلاد المنهارة...
فلمن سيعطي اللبنانيون اصواتهم؟ لحزب الله والتيار ونموذج الحكم والحياة الذي قدماه في السنوات الماضية، أم لنموذج الدولة الحقيقية المنفتحة على العالم بأسره؟