ناخبو "الأزرق" إلى صناديق الإقتراع ولكن...مش "زي ما هيي!"
.زلزال سياسي... صدمة كبيرة... تداعيات خطيرة لقرار تعليق عمله السياسي... وسواها من التوصيفات والعناوين التي امتلأت بها المواقع الإخبارية اثر إعلان الرئيس سعد الحريري عن قراره امس ودعوة تياره إلى عدم الترشّح في الانتخابات المقبلة، لأوّل مرّة منذ تشكيل التيار في العام 1996. ومع أن قرار اعتزاله كان متوقعاً، وفقا للتسريبات التي سبقت كلمته، إلا أنه شكل صدمة لجمهوره الذي نزل إلى الشارع عقب الكلمة المفصلية في الحياة السياسية في لبنان، كما وصفها مقربون من الحريري، والتي ختمها بالدموع... فهل يترجم جمهور تيار المستقبل وناخبوه غضبهم في صناديق الإقتراع ويكون ذلك إما بالعزوف عن الإقتراع أو بسحب الحواصل من تحت أقدام كل من تجرأ على طعن الحريري؟ أم تكون مهلة الثلاثة أشهر الفاصلة عن الإنتخابات النيابية كفيلة بترطيب القلوب وتبريد غضب جمهور التيار الأزرق الذي قد يجد في مرشحين من بيئة تيار المستقبل مشروع زعيم جديد؟ والأهم كيف سينعكس رد فعل المقترعين السنة على اللوائح التي رفع فيها الصوت السني المعتدل الحاصل في انتخابات 2018؟
لا يخفي مرشحون على لوائح سيادية في عدد من الأقضية حيث الغالبية السنية ومنها عكار حال البلبلة التي تسيطر على الناخب السني الذي يعيش حالا من الإحباط . وتؤكد أوساط مرشحين في هذه الدوائر لـ"المركزية" أن الكلام عن عزوف الشارع السني عن الإقتراع سابق لأوانه. صحيح أن هناك عتبا كبيرا على خطوة تعليق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري عمله السياسي وعزوفه عن الترشح كما عن ترشيح أي نائب بإسم التيار، عدا الإحباط الذي ساد في بيوتات سنة عكار التي كانت تنتخب لصالح نواب المستقبل، إلا أن هذا لا يعني أن سنة المستقبل لن يقترعوا وسيلتزمون بقرار الحريري. على العكس سيقترعون لكن ليس بالحماسة نفسها.
وفي الكلام عن حماسة المقترعين في دوائر عكار تعود مصادر المرشحين إلى أجواء انتخابات 2018 التي لم تكن بدورها حماسية في عكار إلا أن المال الإنتخابي أعاد ضخها في فترة بعد الظهر. أما في هذه الدورة فالإحباط سيد الموقف خصوصا إذا التزم نواب المستقبل بقرار الحريري عدم الترشح أو يقينا لدى البعض أنه سيخسر أصوات ناخبيه الذين كانوا يشكلون له الرافعة، ومنهم النائب هادي حبيش الذي يعوّل على أصوات سنّة المستقبل ومن دونهم "ما في يعمل نايب بعدما حل رابعا بين نواب المسيحيين في عكار في انتخابات 2018".
بالنسبة إلى مرشحي القوات في عكار تشير المصادر الى أن التحالفات لن تتغير بحيث سيتم تشكيلها مع سياديين. من هنا قد لا يحصل أي تغيير إلا في الحواصل سيما وأن أصوات الناخبين السنة التي تؤمن بالتغيير لن تتردد في التوجه إلى صناديق الإقتراع، وأي كلام آخر يكون سابقا لأوانه لأن رد الفعل لدى جمهور المستقبل في الأمس كان عاطفيا وعندما تبرد النفوس سيدرك العقلاء أن "القوات" لم تخذل سعد الحريري يوما، والوقت كفيل بجلاء الصورة. ولفتت المصادر إلى ان ماكينات الإنتخاب ستعمل على الأرض وكل ما يحكى عن سيناريوهات أمنية وعودة الحركات المتطرفة إلى عكار وباقي المناطق في الشمال في ظل انسحاب فريق الإعتدال السني المتمثل بتيار المستقبل عن الساحة السياسية ليس إلا مجرد تهويل إلا إذا أرادت سوريا تحريك الساحة الأمنية.
تشير مصادر مطلعة لـ"المركزية" الى أن "عزوف الحريري عن الترشح وتعليق عمله السياسي ليس السبب المباشر وراء موجة الإحباط السائدة لدى الناخبين السنة. فهناك نسبة 50 في المئة من قاعدة المستقبل التي قررت عدم التصويت لكل مرشحي المنظومة الحاكمة وهذا القرار اتخذته قبل إعلان الحريري انسحابه من العمل السياسي ولفتت إلى أن قرار الناخب السني في الدوائر المختلطة سيرتبط بأسماء المرشحين. وعلى سبيل المثال، ودائما بحسب المصادر، فإن النائب وليد البعريني سيخوض معركة الإنتخابات في عكار وعليه سيكون هناك ناخبون من مناصري تيار المستقبل كونه من أهل البيت. أما في طرابلس وبيروت وصيدا فستكون أصوات السنة للمرشح الزعيم الذي سيعولون عليه في وقت الشدة أو بمعنى آخر المرشح الذي يملك مؤسسات إجتماعية من شأنها أن تشكل السند للناخب السني بعد اعتكاف سعد الحريري.
وحدها الأيام القليلة المقبلة ستكشف حقيقة موقف ناخبي التيار الأزرق الذين اعتادوا أن يسقطوا أوراقهم في صناديق الإقتراع منذ العام 1996 "زي ما هيي". "التاريخ سيحكم" قالها الحريري في الأمس في ختام كلمته والآتي لناظره قريب!