نصرالله الغاضب من مشعل: لا تحالف مع الجماعة الإسلامية
كتب صهيب جوهر في المدن:
كانت لافتة الزيارة السريعة التي أجراها نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري إلى لبنان، ولقاؤه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، بعد جملة من التحولات التي شهدتها علاقة الحزب مع حماس على خلفية مواقف يطلقها خالد مشعل القيادي التاريخي في حماس ومسؤولها في الخارج.
وهذه الزيارة أخذت طابعاً لبنانياً، فالعاروري حمل في جعبته أجوبة على مبادرة مصالحة بين حماس وفتح في لبنان ومخيماته، برعاية حزب الله وحركة أمل وبالتنسيق مع فصائل فلسطينية كحركة الجهاد الإسلامي.
مشعل كمعضلة للممانعة
وتقول المعلومات أن اللقاء بين العاروري ونصرالله شهد نقاشاً لمدة 4 ساعات لمجموعة من الملفات المشتركة والخلافية التي لا يمكن اغفالها، وتحديداً تلك المتعلقة بعودة خالد مشعل للمشهد "الحمساوي"، والتي تزعج حزب الله ومن خلفه نظام بشار الأسد والحرس الثوري الإيراني، والذي يعتبر مشعل "عدواً" لدوداً جرى في عهده انسحاب سياسي من سوريا ودعمٌ واضحٌ لفصائل معارضة للأسد زودتها "كتائب القسام" بتقنيات عسكرية ولوجيستية.
ولم يخفِ نصرالله في لقائه مع العاروري وجود إشكالية جدية مع مشعل، ورفض أي مساعٍ لإصلاح العلاقة معه. وذكّر نصرالله العاروري بشبه اتفاق عقد مع حماس عقب عودة العلاقة السياسية بين الحركة وقوى محور الممانعة تقضي بإبعاد "أبو الوليد" عن صورة الحركة وتحجيم التيار الموالي له داخل حماس. وهذا ما جرى منذ تولي يحيى السنوار والعاروري لقيادة حماس بشكل فعلي، عبر إسكات وإبعاد كل التيار الموالي لمشعل من قيادة الحركة في الصفوف الأولى.
نصرالله الممتعض من مواقف مشعل، أطلع الوفد الزائر على جملة من مواقف سياسية أطلقها الرجل في المرحلة الماضية التي تلت تسلمه قيادة حماس في الخارج، من خلال رفضه الإلتصاق الجاري بين الحركة وإيران والنظام السوري، ومحاولته التقرب من السعوديين ودول عربية أخرى برعاية تركيا وقطر. إذ يرفض نصرالله هذه المقاربة خصوصاً أن قوى الممانعة، وتحديداً إيران، وقفت مع حماس في كل أزماتها المتلاحقة ودعمتها في كل خياراتها السياسية والعسكرية، ولم يغفل نصرالله خلال اللقاء تذكير العاروري بما فعله الأسد منذ استضافة مشعل وقيادة حماس السياسية والأمنية لسنوات طويلة، وكيف جرى استخدام الأرض السورية لتجارب عسكرية لصواريخ حماس طويلة المدى، بالإضافة للإغراءات التي تلقاها النظام في سوريا لوقف دعمه لحماس والفصائل، ورفضها النظام.
وتشير المعلومات أن النقاش الذي جرى حول تطويق الخلاف على مشعل لم يصل إلى نهايات "توافقية"، وجرى التوقف عند نقطة أساسية تقوم على فصل العلاقة مع حماس الخارج وإبقائها مع قيادات أخرى منهم هنية والعاروري وأسامة حمدان.
المصالحة وأمن المخيمات
الملف الأساسي الذي جرى نقاشه في الجلسة هو ملف المصالحة المنتظرة بين حماس وفتح في المخيمات الفلسطينية حصراً، خصوصاً بعد توتر العلاقة بين الطرفين في الساحة اللبنانية على خلفية الاشتباك الحاصل في مخيم البرج الشمالي في مدينة صور نهاية العام المنصرم، خلال تشييع القيادي الأمني في حماس حمزة شاهين، والذي قضى في انفجار مخزن سلاح للحركة في أحد مساجد المخيم.
وهذه المصالحة التي يسعى إليها حزب الله وحركة أمل وبتقاطع مع الحزب التقدمي الاشتراكي، والذي أبدى رئيسه وليد جنبلاط بكل المناسبات استعداده للعب دور لحل الأزمة بين الفصيلين الفلسطينيين، وتم التوافق على الذهاب نحو أي مبادرة حل تبدأ بتسليم قوات الأمن الوطني لمطلقي النار على الجنازة والمسؤول عن إعطاء أمر الهجوم يومها، وبالمقابل فإن حماس متخوفة أن يجري استغلال المخيمات لأغراض متعلقة بالتنافس على خلافة عباس، في ظل صراع خفي بين أطراف داخل فتح وخارجها.
وبالمقابل، فإن الملف الأمني ومحاولات استغلال التنظيمات "التكفيرية" للمخيمات كقاعدة هجوم على البيئة الموالية لحزب الله كانت حاضرة في لقاء نصرالله-العاروري. وتم التوافق على إجراءات مشتركة ترعاها القوى والفصائل الفلسطينية لضبط أي تسلل أمني أو اختراق يراد من خلاله تعطيل أي حلول سياسية واستحقاقات داخلية في لبنان، وهذا الشق أكده العاروري عبر حرص حركته على ضمان استقرار لبنان انطلاقاً من تحسين واقع المخيمات، ووقف الحملات العنصرية تجاه اللاجئين الفلسطينيين كورقة تحشيد سياسي.
هذه المصالحة المرتقبة داخل المخيمات تأتي عقب خشية من أن تكون حادثة برج الشمالي مقدمة لتوتر ميداني قد تشهده المخيمات بين حماس وفتح، ويجري استغلالها اقليمياً. أما الحزب فيخشى من اندلاع مواجهات بين الفصائل في مخيمات الجنوب، وتحديداً في عين الحلوة، ويجري من خلالها إشغاله وتوريطه ليصبح طرفاً في مواجهة طرف آخر.
مصالحة مع الجماعة؟
أيضاً هناك إشارات سياسية أخرى تخرج عن لقاءات وفود حماس مع حزب الله، وتحديداً المتعلقة بتنظيمات الاخوان المسلمين في المنطقة. وهناك حديث عن أن حماس استطاعت منذ مدة فتح ثغرة في جدار العلاقة بين الاخوان المسلمين وتنظيمهم الدولي وبين الحزب في العديد من الملفات المشتركة وأبرزها ملفات فلسطين والعراق.
بالإضافة إلى أن هنية وخلال زياراته المتكررة إلى بيروت استطاع ترتيب لقاءات بين نصرالله والأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان عزام الأيوبي صيف 2020، ومن ثم منتصف العام الفائت، وجرى خلال هذه اللقاءات تطوير للعلاقة بين الجانبين برعاية حماس. وتقول المعلومات أن زيارة العاروري ولقاءه نصرالله تخلله حديث عن ماهية العلاقة بين الحزب والجماعة وإمكانية التحالف الانتخابي بين الجانبين، في ظل وجود جناح مقرب لحزب الله داخل صفوف الجماعة، وفي ضوء التنسيق المستمر على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة بين قوات الفجر التابعة للجماعة وبين حزب الله.
وتشير المعطيات أن الحزب أجرى حواراً سياسياً مع الجماعة برعاية حماس تخللته نقاشات حول الملفات العالقة ونظرة السنّة للحزب، فيما تتحدث مصادر داخل الجماعة عن صعوبة وجود تحالف في المدى المنظور انتخابياً وسياسياً، نتيجة عدم استطاعة الجماعة إقناع قواعدها بهكذا تحالف. والأمر ذاته ينطبق على التيار الوطني الحر، الذي تلقى رفضاً من الجماعة للتحالف في بعض الدوائر الانتخابية.